يتصاعد هذه الأيام نشاط المعارضة الإيرانية ممثلا في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية و الذي تقوده بطبيعة الحال أقوى منظمات المعارضة التاريخية في إيران وهي جماعة مجاهدي الشعب الإيراني التي كانت احد الروافد المهمة في إسقاط نظام الشاه الراحل في عام 1979 و لعبت دورا سياسيا و ميدانيا مؤثرا جدا في الداخل الإيراني وقدمت في ساحات المواجهة مع الدكتاتورية الدينية خسائر و تضحيات كبرى لأنها زعزعت النظام الإيراني من الداخل في مواجهات ميدانية شرسة ليس لها مثيل في دول الإقليم، فحركة محاهدين خلق التي تعتبر اليوم أقوى الحركات افيرانية المعارضة لعبت أدوارا هائلة في مقاومة الأنظمة الإيرانية المختلفة من شاهانية إلى نظام ولاية الفقيه الذي شن بدوره حرب إبادة عليها لأن الصراع بين الطرفين قد وصل لحالة كسر العظم فلا إلتقاء و لا لقاء و لا حوار و لا تفاهم من أي نوع يمكن أن يتم بين النظام و بين الحركة و تصاعد الصراع بحدة و شراسة وقتها مع بدايات الحرب العراقية/ الإيرانية في 22 سبتمبر / أيلول 1980 في ظل حالة الفوضى السياسية التي كانت قائمة في إيران وقتئذ و إعتماد المنظمة لسياسة الإغتيالات المبرمجة و المعروفة جيدا في التاريخ الإيراني الحديث و المعاصر مما أدى لإغتيال نخبة القيادات الثورية الإيرانية التي كانت مؤمنة بخط ومنهج و توجهات الإمام الراحل الخميني من امثال مطهري و بهشتي و دستغيب و الرؤساء رجائي و باهنر وأعداد كبيرة جدا من قيادات الحزب الجمهوري الإسلامي في ذلك الإنفجار الرهيب و الشهير إضافة لمحاولات إغتيال رفسنجاني و الخامنئي نفسه الذي إنفجرت في وجهه آلة تسجيل أدت لأصابته في يده وحيث تركت أثرها عليه حتى اليوم، وكانت قمة المواجهة بين النظام و الحركة قد أدت في تفاعلاتها لهروب الرئيس الإيراني الأول الدكتور أبو الحسن بني صدر و برفقته زعيم الحركة السيد مسعود رجوي في واحدة من كبرى المفاجآت في إيران و ظلت المواجهات الدائمة و المنقطعة سمة الموقف بين الطرفين حتى تمكن النظام في النهاية من السيطرة على الموقف الداخلي ورتبت الحركة أوضاعها في الخارج باللجوء للعراق في ظل نظام صدام حسين و الإستفادة من إتفاقيات خاصة مع ذلك النظام أدت ومن خلال تفاهمات دولية أيضا لإنشاء قاعدة عسكرية متقدمة لجماعة مجاهدين خلق في العراق ممثلة في معسكر أشرف في محافظة ديالى و التي تدور حوله و فيه و من أجله منذ سنوات مماحكات و مشاكل عديدة خصوصا و إن جماعة إيران السابقين أيام المعارضة العراقية قد تمكنوا من الحكم في العراق بعد إسقاط الولايات المتحدة ألأمريكية لنظام صدام حسين ربيع 2003 و تغير المعادلات الإقليمية و الدولية و إنقلاب مسلسل و طبيعة التحالفات، معروف عن حركة مجاهدين خلق التي يصفها النظام بصفة ( منافقين خلق )! وطنيتها الإيرانية المفرطة المعجونة بمباديء ومثل ماركسية و لكنها على مستوى الفعل الستراتيجي العام تبقى حركة وطنية إيرانية تؤمن بالوطن الإيراني الواحد و تعمل من أجل تثبيت الكيان الإيراني و تدعو كما تقول أدبياتها للعدالة و الإنصاف في معاملة الشعوب غير الفارسية كالعرب و البلوش و الأكراد و الآذريين وغيرهم، وفي مهرجان الحركة ألأخير في ضواحي باريس و الذي ألقت فيه رئيسة المعارضة و رئيسة جمهورية مجاهدين خلق في المنفى السيدة مريم رجوي خطابها للعالم تحدث الناطق الإعلامي بإسم الحركة ( سيد المحدثين ) عن موقف مجاهدين خلق من القضايا القومية في إيران مؤكدا بأنهم ضد الحرب الخارجية لإسقاط النظام وهذه حقيقة معروفة عن الإيرانيين، فبصرف النظر عن الموقف من نظامهم إلا أنهم ليسوا على إستعداد أبدا للمساهمة في إحتلال بلادهم من قبل قوى خارجية فإيران عانت الكثير من الإحتلال الأجنبي قبل و خلال الحرب العالمية الثانية و الصراع السوفياتي الغربي على إيران قبل أن يحسم الشاه الراحل محمد رضا بهلوي الموقف و يشيد إيران الراهنة التي نراها حاليا، المعارضة الإيرانية لا تنافق أبدا حين ترفض التعامل مع الإحتلال الأجنبي رغم أنه من المستحيل تكرار التجربة العراقية في إيران أبدا لإختلاف الظروف و المعطيات وحتى النظام، فنظام إيران ليس هو نظام صدام حسين؟ و معارضة إيران ليست هي المعارضة العراقية التي باعت أطراف مهمة و منذ زمن بعيد كل الملفات للنظام افيراني لأسباب طائفية و سياسية معروفة لا نحتاج للإفاضة في شرحها، ما يهمني حقا من تصريحات قادة مجاهدين خلق هو الموقف من مسألتين الأولى قضية الجزر الإماراتية العربية الثلاث التي إحتلها نظام الشاه أواخر عام 1971 و يتمسك بها النظام الحالي بشدة و يرفض النقاش أو التعاطي الدبلوماسي حولها مؤكدا بأنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية بل أن النظام الحالي لا يخجل و ما زال يعتبر حتى مملكة البحرين جزءا من إيران التاريخية!! وفي ذلك قمة العنصرية و الروح النازية المريضة بقضية المجال الحيوي!، ويبدو أن موقف حركة مجاهدين خلق لا يختلف أبدا عن موقف النظام إلا في الفروع الهامشية و في الديكور العام و عبر الكلام الدبلوماسي المطاط!!.. أما القضية الأهم و الأخطر فهي قضية حق تقرير المصير للشعب العربي في الأحواز و عودة الروح لإمارة و دولة الأحواز التي سرقها نظام رضا خان بمؤامرة بريطانية دنيئة دبرت في ليل بهيم في 25 نيسان / إبريل 1925 عبر إختطاف و إعتقال و من ثم تصفية أمير ألأحواز الشيخ خزعل بن جابر بن مرداو الكعبي و التي يعتبرها النظام الإيراني الحالي قدس الأقداس فهي الولاية التي يعتمد عليها الإقتصاد الإيراني بثرواتها النفطية و المعدنية و الغازية الهائلة و بموقعها الجغرافي الستراتيجي شمال الخليج العربي و موقف مجاهدين خلق في النهاية و الحصيلة لا يختلف أبدا عن موقف النظام الإيراني إلا في بعض الكلام كالدعوة للعدالة و الحقوق القومية وهو كلام إنشائي يؤكد النظام الإيراني الحالي معاني أكثر جدية منه من خلال الخطاب الديني و الإسلامي، المعارضة الإيرانية على إختلاف أصنافها و مسمياتها و توجهاتها من ملكية أو ديمقراطية أو مجاهدين خلق أو فدائيين خلق أو أي مجموعة أخرى لا تعترف أبدا بحق الشعب العربي في الأحواز في الإستقلال الناجز و بحق تقرير المصير عبر إستفتاء أممي يحدد المواطن العربي الأحوازي فيه خياراته النهائية لأنهم يعتبرون الأحواز جزءا لا يتجزا من إيران التاريخية الكبرى وهذه النظرة العامة تشمل النظام الحاكم بصفته الدينية و المذهبية و كذلك المعارضة الوطنية الإيرانية، و الكرة اليوم في ملعب حركات المقاومة الوطنية العربية الأحوازية التي ينبغي أن تتنادى على وجه السرعة لعقد تحالف جبهوي موسع عبر مؤتمر وطني عام لجميع الحركات و نبذ الخلافات الجانبية و الخروج للعالم بوجه موحد و برؤى سياسية واضحة وببرنامج عمل سياسي واضح وصريح يحدد الخيارات النهائية لشعب الإقليم المحتل منذ تسعة عقود عجفاء، لا أمل حقيقي في المعارضة الإيرانية التي لربما تكون أشد شراسة من النظام الحالي الشرس أصلا في التعامل مع هذا الملف الحساس و الستراتيجي، كما أن الأحوازيين بدورهم لن يقبلوا أي حل أقل من الإستقلال وحق تقرير المصير.. وهي معضلة حقيقية في منطقة عامرة بالأزمات و المعضلات و الخرافات و الأساطير... فهل يلتقط الأحوازيون الرسالة؟

[email protected]