محمّد رسول الله...
ذوق جمالي شفاف، فطِر على القول الجميل، والمعاشرة الاجمل، والعمل الكريم، والموقف النبيل، كل من يراجع سيرته الموثّقة الصحيحة يتعلم أول ما يتعلم عن هذا النبي الإنساني الجمال، وهو القائل إن الله جميل يحب الجمال، كذلك ولده من ابنته البتول الطاهرة الحسن بن علي، يكفي أن نراجع ما وصفه به العلامة الذهبي في كتابه (أعلام الاشراف)، فهو الجميل النظيف الشريف الخلوق المستن بسنة جده رسول الله.
لا أريد هنا أن استشهد بالروايات والاحاديث والاخبار، فهي حقيقة صارخة يهتف بها التاريخ الصحيح، ولكن أقول في ضوء هذا المقترب دعونا نقرا الروايات التالية: ـ
يروي الاخباري المعروف في التراث الشيعي بـ (الصدوق) ما نصّه: (... فاخذه ــ أي اخذ النبي الحسن بعد أن وضعته امه الكريمة ــ وقبّله، وأدخل لسانه في فيه، فجعل يمصُّه...) / عوالم العلوم للبحراني 16 ص 15 /
هذه العملية مقززة، ولا اعتقد أن ذوق رسول الله ينسجم مع هذه الممارسة المثيرة، إنها خلاف تلك الذائقة الروحية الشفافة.
مص الشفتين واللسان كثيرا ما يتردد في رسم العلاقة بين النبي الكريم والحسن والحسين، وهي عملية تثير الفزع، ففي رواية أخرى مثلا: (... فدعى ـ الرسول الكريم ـ الحسن فاعطاه لسانه فمصَّه حتى أرتوى، ثم دعا الحسين فاعطاه لسانه حتى ارتوى) / نفسه ص 54، وهي عملية لا شك بانها تتنافى وذوق النبوة، وشفافية محمد، وجمال محمّد، ونقرا في المصدر نفسه عن كتاب (مناقب آل ابي طالب) ما نصّه: (... أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمصُّ لعاب الحسن والحسين كما يمصُّ الرجل الثمرة) / نفسه ص 55،/ وهي الا خرى عادة ثقيلة على النفس الكريمة، تأباها الذائقة الربانية، بل يتسافل الموقف الى حد يثير القرف، فالنبي الجميل هذا يقبل (زب) الحسن والحسين، نعم، بهذه اللفظة الكريهة، حيث نعلم جميعا أن هذا العضو هو مجمع الجراثيم والمكروبات والمواد القاتلة، ولكن يبدو أن هناك أغراضا دعائية سمجة من وراء ذلك.
ربما يتساهل بعض الناس في هذه الروايات باعتبار أن الحسن كان وليدا صغيرا، ولكن كيف الامر عندما نقرا في ملحمة عاشوراء، أن أحد أبناء الحسين عليه السلام اصابه العطش في المعركة، وعندما اشتكى لابيه الحسين العطش، قال له أدنو مني، فلما دنا، قال له: أخرج لسانك، فـ (مصّه) مصّة طويلة، واخبره بانه لا يظمأ بعدها أبدا!
ترى اي ذوق هذا يحمله نبي كريم، تُعاف نفسه كل ما يسيء الى الانسان والحياة والجمال والسناء والبهاء والعلا؟
انتقلت هذه اللوثة الى بعض المدعين للعلم والروحانية، فكثيرا من هؤلاء يدعون أن النبي زارهم في المنام وطبع على شفتيه (قبلة طويلة حارة)، فزقّه العلم زقّا! وقد قرات مذكرات بعض العلماء المعروفين، يذكرون ذلك بلا حياء، وبلا ذوق!
تقول رواية زائفة اخرى: (... كنّا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء الحسن فاقبل تمرّغ عليه، فرفع قميصه وقبَّل زبيبته) / نفسه ص 70 / والنبي هو الذي يحذرنا من خطر البول والقذارة والجذام والامراض!
تقول رواية زائفة: (... وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُدخِل فمه في فيه ويقول: اللهم احبه...) / نفسه ص 72 /
هذه الممارسة الكريهة تتكرر في الروايات، وهناك اصرار عليها من قبل بعض الرواة، فهل هي اسقاطات هؤلاء الرواة الذاتية المقززة؟
القُبَل لم تقتصر على الفم بل تعدت إلى البطون والصرة! ففي رواية لا بي هريرة يقول فيها (... أرني ــ ابو هريرة يقول للحسن ـ أُقبِّل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبِّل، قال: فقال لقميصه كذا فكشفه عن سرِّته) / نفسه ص 74 /
تقبيل شفة وبطن ومص لسان!
أي خلق هذا؟
هل نحن في علاقة بين زوج وزوجة؟!
مستحيل!
المصيبة أن تقبيل البطن يتكرر في الروايا ت!
ليس على مستوى أب وابن صغير، بل على مستوى رجال كبار، في معركة، في تلاقي، وكلنا قرأ عن ذلك الذي قبل بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم!
مستحيل!
ذلك خلاف حياء رسول الله، وقد كتبت مرّة عن روايات يرويها انس بن مالك عن النبي، مشبعة بذوق شبقي كثيف، كان ذلك في موقع ايلاف.
هل حقا أن الحسين سلا م الله عليه مصّ لسان أحد أولاده في معركة الطف؟
مستحيل!
قراء المنبر الحسيني يقرأون ذلك على مسامع الناس، فأي ثقافة يدسون هؤلاء المجرمون بين الناس، أنها ثقافة الشبق المجنون، الشبق المحتَقن، شبق الحرمان كما يبدو...
هذه الروايات حتما مكذوبة على نبي الجمال، ونبي الذوق، وهي تسيء لهذا الرجل الذي غير الدنيا بقيمه الجمالية الرفيعة!
ترى هل ورائها (مؤامرة)؟!
أم هي اسقاطات؟
أم هي ايغال بالمدح ولكن لم يحسن صاحب الصنعة صنعته؟
لست أدري، ولكن الذي ادري أنها روايات مكذوبة، ورجالها مجهولون أو ضعاف، إنهم مخدوشون بشكل وأخر.
ولكن لماذا يصر عليها بعض رجال الدين، خاصة خطباء المنبر الحسيني؟
لست أدري.