كشف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يوم الخميس 9 سبتمبر الحالي في مؤتمر صحفي عقده في المركز الاعلامي في واشنطن عن معلومات حول موقع سري لتخصيب اليورانيوم في ايران بدأ العمل فيه في العام 2005 وانجز 85% منه، وذلك في مدينة آبيك الواقعة على بعد نحو 120 كيلومترا من طهران.

واوضح المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ان بدء العمل بهذا الموقع تزامن مع تأكيدات من نظام الملالي في طهران بأنه اوقف نشاطاته النووية المثيرة للجدل.
يشار هنا الى انه وفي العام 2002 كشف منظمة مجاهدي خلق الايرانية عن منشأة تخصيب في مدينة نطنز الإيرانية، وحذرت آنذاك المجتمع الدولي من خطر امتلاك الحكام المتطرفين في ايران القنبلة النووية.

وفي 6 سبتمبر الحالي ايضا اعلن السيد يوكيا آمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقرير وكالته حول قلق المجتمع الدولي من تزايد نشاطات النظام الإيراني النووية.
فهل كانت اختيار يوم 6 سبتمبر صدفة؟.

ان المراجع للاحداث يؤكد ان هذا التوقيت تم اختياره بدقة متناهية، حيث يؤكد القرار 1929 الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول نشاطات إيران النووية أنه quot;وبعد مضي 90 يومًا إذا لم يوقف النظام الإيراني هذه النشاطات فإن مجلس الأمن الدولي سيدرس اتخاذ مزيد من الإجراءاتquot;. إن تأريخ اصدار القرار هو 9 حزيران 2010 واذا ما نضع تقويما أمامنا ونحسب الأيام نرى أنه وفي يوم 6 ايلول الحالي تنتهي هذه المهلة.
تقرير مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر يوم 6 ايلول والموزع على 35 عضواً في الوكالة شدد على قلق المجتمع الدولي تجاه مشاريع النظام الإيراني النووية. وجاء في هذا التقرير انه وفيما تتابع الوكالة تحقيقاتها حول المواد النووية الايرانية المثيرة للجدل، فان النظام الايراني لم يبد التعاون الضروري لاتاحة المجال امام الوكالة الدولية للتأكد ما اذا كانت نشاطاته سلمية او غير ذلك.

واضافت الوكالة ان النظام الايراني لم يحترم المطلوب منه من قبل قرارات مجلس حكام الوكالة وكذلك قرارات مجلس الامن الدولي. وان النظام الايراني وخلافاً لهذه القرارات لم يجمد النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، بل واصل النشاطات النووية في نطنز وشرع في تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 بالمئة في شلالتين مرتبطتين ببعضهما البعض، كما أن النظام الايراني واصل بناء مفاعل(IR40) والنشاطات المتعلقة به في مجال الماء الثقيل ولم يسمح للوكالة بأخذ عينات من الماء الثقيل المخزون في (UCF) كما لم يوفر امكانية الحصول على معمل انتاج الماء الثقيل، في الوقت الذي عارض فيه النظام الايراني عمل اثنين من مفتشي الوكالة الدولية.

وقد رفضت الوكالة رفضا قاطعا الأسباب التي يسوقها النظام الايراني في تعطيله لعمل الوكالة ووضع العراقيل والعقبات امام مفتشيها، مؤكدة ان ايران تمضي قدما في نشاطها النووي في تحد للعقوبات المشددة، ما يبعث شعورا متناميا بالاحباط جراء التقاعس الايراني عن التصدي لبواعث القلق بشأن احتمال وجود ابعاد عسكرية لأنشطتها.
وكشفت الوكالة في رسالة بتاريخ 19 تموز 2010 عن بعض الحوادث التي يقوم بها النظام الايراني للتعتيم على نشاطاته النووية المشبوهة كازالة اختام الشمع الاحمر في منشأة لتخصيب الوقود.

وشدد تقرير مدير الوكالة الدولية على التقارير السابقة بشأن الابعاد العسكرية لمشاريع النظام النووية جاء فيها:
مدير الوكالة سبق وأن أدرج وبشكل مسهب الموضوعات المهمة المتعلقة بامكانية وجود ابعاد عسكرية لمشاريع ايران النووية والاجراءات الضرورية التي يجب أن يتبعها النظام بهذا الخصوص. ومنذ آب 2008 فان النظام الايراني لم يقبل أن يحاور الوكالة حول المسائل المهمة أو أن يقدم المزيد من المعلومات أو يوفر امكانية الحصول على المواقع أو الافراد الذين تشعر الوكالة بقلق اتجاههم.

وقبل حوالي ثلاثة أشهر أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراره السابع حول المشاريع النووية للنظام الفاشي الحاكم في إيران وتبني فرض الجولة الرابعة للعقوبات على هذا النظام.

إن تبني هذه العقوبات بعد مفاوضات عقيمة دامت أكثر من عامين أظهر مرة أخرى أن النتيجة الوحيدة المترتبة على التفاوض مع هذا النظام هي إتاحة الفرصة له لإكمال مشاريعه النووية.. فخلال السنتين الماضيتين فشلت كل اشكال التنازلات التي قدمت لهذا النظام بما فيها التفاوض من دون شروط مسبقة وتسليم اليورانيوم بدرجة تخصيب 20 بالمئة وحتى التعتيم على مواصلة النظام عملية تخصيب اليورانيوم..

إن القرار 1929 والذي لم يتجرأ النظام الإيراني على الادعاء بأنه سيمتنع عن تنفيذه، يؤكد أن العقوبات لن يتم إيقافها ما لم يقم النظام الإيراني بإيقاف تام لعملية تخصيب اليورانيوم والنشاطات المتعلقة بها.

والآن في نهاية المهلة الزمنية الممنوحة للنظام الإيراني نشاهد أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقدم تقريرها شديدة اللهجة إلى مجلس الأمن.
وبنظرة متمعنة إلى هذا التقرير فاننا نرى بوضوح حساسية الوضع الذي تمر به منطقة الشرق الأوسط، فالبيت الابيض اعلن ان التقرير يبعث على القلق ويثبت أن طهران ما زالت تحاول تعزيز قدراتها لتصنيع الأسلحة النووية، وقال المتحدث باسم البيت الابيض تومي تور ان التقرير يؤكد مجددا أن طهران ترفض الوفاء بالتزاماتها الدولية في المجال النووي.

وفي أوروبا أكدت الناطقة باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أن أوروبا لا تزال تعتبر أن الأنشطة النووية الايرانية quot;مثيرة للقلقquot;، مشيرة في تصريح لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، إلى أن مصادر القلق الأوروبي تنبع من عدة مسائل أهمها نقص التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث quot;لا زال هذا التعاون أقل من المعايير الدولية المطلوبةrdquo;.

وقبل هذا حذر الرئيس الفرنسي نيكلا ساركوزي في 25 آب الماضي ايران من مغبة مواجهة عسكرية، قائلا quot;أن عاقبة المسار النووي للنظام الإيراني هي مواجهة عسكريrdquo;
ويتساءل المرء هنا، هل هناك طريق لمنع وقوع هكذا مواجهة؟
يتبع..

* خبير ستراتيجي إيراني
[email protected]