رحب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بيانهم بتشكيل المجلس الوطني السوري الذي يضم قوى المعارضة، في موقف يأتي بعد يوم واحد على تحذير دمشق من مغبة الاعتراف به على لسان وزير خارجية النظام وليد المعلم، الذي اصبح لاعمل له هو اطلاق البالونات السياسية لحجب الرؤيا عما يدور من جريمة على أرض الواقع في سورية. كما أعربوا عن (خيبة أملهم العميقة) حيال فشل مجلس الأمن في إصدار قرار حول الوضع بذلك البلد. وكان مفتي آل الأسد، الشيخ أحمد بدر الدين حسون، يهدد عواصم الغرب بوجود من وصفهم بـ(الاستشهاديين) على أراضيالدول الغربية. وقال حسون، في تصريحات نقلها التلفزيون السوري وأدلى بها حسون أمام وفد لبناني: (في اللحظة التي تقصف فيها أول قذيفة على سورية ولبنان فسينطلق كل واحد من أبنائهما وبناتهما ليكونوا استشهاديين على أرض أوروبا وفلسطين). وأضاف حسون: (أقول لكل أوروبا وأميركا، الاستشهاديون عندكم الآن، إن قصفتم لبنان أو سورية).

إن هذه التصريحات من حسون، تشير إلى ماكنا نقوله سابقا وندافع عنه أنه لايوجد ارهاب في المنطقة الشرق أوسطية، قطاع خاص!! أو قطاع أهلي مفاده، على لسان علمانني الدفاع عن نصف علمانية العسكر، في ان الارهاب هو نتاج المجتمع وثقافته، وتمتزج هذه الاطروحة مع ما يتم تداوله الآن، من أن الاقليات السورية لاتقف مع الثورة لأنها تخاف، اعتقد أننا يجب ان نقف منذ اللحظة على أرضية ثابتة وواضحة، إن فاعلي الأقليات ارتبطت مصالهم بوجود هذا النظام، وهذا النظام هو من أخرجهم للواجه، هذا من جهة ومن جهة أخرى، التشجيع على كراهية الأكثرية السنية، تحت ذريعة انها منتجة للارهاب، وقامعة للأقليات، وحتى تستمر هذه الكراهية، لابد من تفعيل ثقافتها، فكانت تلك العلمانوية المتحالفة مع العسكر ولاتزال، وكانت الاسلاموفوبيا في الغرب، التي مصدرها الارهاب المصدر من نظام القتل السوري والذي أكده حسون في تصريحاته وإسرائيل تعرف ذلك أيضا. ربما يجب أن يعرف هذا العالم ان الأقليات الوحيدة في العالم التي لا تخاف من الأكثرية هي الموجودة في سورية. ولا يوجد في سورية خوف كعامل يفسر عدم مشاركة بعض الأقليات الفاعلة في الثورة، اهل جبل حوران لم يخافوا من الفرنسيين؟ فكيف يخافوا من الأكثرية السنية؟ ان تخاف شيئ وأن ترفع صور القاتل وتحتفل معه في قتله للشعب السوري شيئ آخر. وتفرز له شبيحة للقتل وشبيحة للإعلام، على طريقة عون ووئام وهاب..والانكى من كل هذا هنالك من خرج علينا ببدعة جديدة وهي يجب أن تطمئن الأكثرية السنية في سورية إيران وحزب الله وحركة حماس بأن شيئا لن يتغير!! حماس التي ستطلق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بصفقة مع حكومة نتنياهو التي تدعم قتل شعبنا السوري، وهذه الصفقة تمت بمباركة إيرانية وتكليف سوري لخالد مشعل كي ينفذها، ولهذا عندما يطلق حسون مفتى ماهر الأسد هذه التهديديات إنما مستند على موقف إسرائيلي لايزال راسخا في دعمه لهذا النظام. حاولت كل القوى الغربية وبعض الدول العربية أن تساهم في تبادل أسرى مع جلعلد شاليط إلا أن حماس رفضت كل المبادرات غير الأسدية. وهذه رسالة ايضا للأصدقاء في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، هذه حماس غزة، إن كنتم تذكرون!! إسرائيل بالمناسبة تعرف أن السلام واعادة الجولان هو عنوان الشعب السوري ومعارضته. لاتعرف فقط بل هي متأكدة من ذلك.

وإلى باحثي الغرب والمدافعي عن مسيحيي العراق، ألا يكفي هذا التهديد الصريح من قبل مفتي القتل ومشرعه على يد عصابات النظام، لكي تقفوا مع أنفسكم قليلا وتصرحون عن أحد أهم مصادر الارهاب في الشرق الأوسط؟ أين علمانيي نصف علمانية العسكر من هذا التصريح؟ أين جورج طرابيشي وعزيز العظمة وادونيس؟ اين البطرك بشارة الراعي؟ أين الوفد المسيحي السوري الذي زار البطرك بعد تصريحاته الموافقة على قتل السوريين؟ ألا يجب أن يكون لهم موقف من هذا المصدر السابق للارهاب وهم يعرفون أن النظام السوري كان من أكبر مصدري الارهاب في العالم بالتعاون مع إيران ولبيبا القذافي المدحور، والاستخبارات الغربية كلها تعرف هذا الموضوع جيدا...لكن إسرائيل تقف بالمرصاد لكل هذا، لهذا المعلم يهدد وحسون يهدد، لأن إسرائيل تقف معهم ليس إلا.

مع ذلك الأكثرية السنية في سورية لم تكن موحدة في السابق سياسيا ولن تكون موحدة في المستقبل، وهذا يعود لأسباب منها ماهو موضوعي ومناها ماهو ذاتي. وللذي يريد أن يلاحظ أنه حتى هذا التاريخ أن الأكثرية السنية ليست لها ولن يكون آية الله واحد او بطرك واحد يفتي بما يشاء.والمعروف أكثر أنه لم يعين مفتي لسورية إلا بترشيح من الاستخبارات السورية.ترشحه المخابرات السورية، لكي يكون نصف علماني كما يريده علمانيو سورية الجدد. لهذا كان منذ بدء الدولة السورية الحديثة والمعاصرة، تجد أن هذه الأكثرية كانت الديمقراطية تشكل الأكثر حضورا في نشاط فعالياتها الوطنية. الحديث بهذه الطريقة ربما يستفز بعضنا، لكن تاريخ سورية يشهد على ذلك..ليس لأن هذا الموضوع ثقافي أو خلافه، بل لأن الفعاليات الوطنية المؤسسة لسورية في العهد الفرنسي ولاحقا، اقتنعت أن مصلحة سورية ومصالحها هي أيضا لاتكون إلا بالديمقراطية ودولة المواطنة. مع أن الطرف الأكثر تضررا من هذه التجربة هو الأقلية الكردية، لأسباب كثيرة لن ندخل إليها الآن، ومع ذلك الشعب الكردي كله مع الثورة. فهل الأقلية الكردية مع الثورة لأنها سنية؟ وإلا لماذا اغتيل مشعل التمو؟ لقد تهافت هذا المنطق، وعلى العالم أن يحمي الشعب السوري من هذه الجريمة المعقدة والمركبة التي ترتكب بحقه.

لا يمكن الفصل أبدا بين تهديدات المعلم وحسون بنشر الارهاب، إلا بناء على الدعم الاسرائيلي للنظام، والدليل صفقة شاليط الحمساوية. خالد مشعل دخل لعبة المساهمة في تغطية قتل الشعب السوري.

إسرائيل الآن لم تعد خلف الباب كما كانت في السابق، إسرائيل الآن في الموقع الأمامي الأول في الدفاع عن سلطة آل الأسد. على المجلس الوطني السوري بعد أن تكتمل هياكله ان يعالج هذه القضايا، لا أن يبقى يغلفها بخطابات، لاتعبر عما يدور على أرض الواقع كما فعلت اكثرية اطراف المعارضة السورية في السابق.

غسان المفلح