الاعتذار العلني الجريء الذي قدمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردوغان عن المجازر التي قامت بها الدوله التركيه الحديثه في الفتره 1937-1938 ضد الكورد في منطقة ديرسيم ( تونجلي الحاليه )، فتح صفحه جديده في العلاقات الوطنيه وشرع الابواب امام إدانة كل الاعتداءات والجرائم المروعه التي حدثت طوال عقود من الارهاب المنظم للدوله ضد الشعب الكوردي في دياربكر وبتليس ووان ومرعش وموش وسيرتي وباقي المناطق الكورديه، وبسبب هذا الاعتذار لم يكن غريبا ماصرح به نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينش في جلسة البرلمان المخصصه لمناقشة الميزانيه، وفق ما نشرته صحيفة ( رووداو ) الالكترونيه الكورديه والذي جاء فيه: الاعتراف بالهوية الكورديه موضوع مهم جدا، لانه يتعلق بحقوق الانسان، فعندما يعيش شخص في تركيا ويقول : انا كوردي وأعتز بهويتي، يجب علينا أن نتقبل هذه الحقيقه، ويضيف السيد النائب : من المحتمل ان الكورد قد تعرضوا في الماضي لسياسات تنكر وجودهم ولصهرهم قوميا، وهذه السياسات هي السبب في الكثير من مشاكل تركيا اليوم، وعليه يجب الاعتراف بكل الهويات الاثنيه ومن بينها الكورديه، واخيرا يقول السيد بولند ( ان المسأله الكورديه في تركيا ليست مسألة ثلاث او عشرون او ثلاثون عاما فالكورد يعيشون في هذا الوطن منذ الاف السنين ولا يمكن انكار وجودهم ).

ما سبق من مواقف يعتبر حقا تطورا كبيرا في موقف الدوله التركيه من الشعب الكوردي وقضيته العادله، رغم ان الدوله التركيه لاتزال تمارس العنف المنظم ضد الحركه الوطنيه الكورديه، فحملات الاعتقالات تجري على قدم وساق دون توقف وحسب مصادر منظمة حقوق الانسان التركيه هناك 6800 معتقل في عام 2011 فقط، كما ان الحرب ضد حزب العمال الكوردستاني مستمره حتى خارج حدود تركيا، رغم انه اعلن عدة مرات الهدنه من جانب واحد ليفتح الابواب امام الحلول السلمية.

المطلوب حاليا هو ان يتم ترجمة هذه المواقف والتصريحات على ارض الواقع، وهذا يعني التوقف عن استعمال العنف المدمر واللجوء الى الحوار والمجادلة بالتي هي احسن والحل السلمي الذي يضمن الحقوق المشروعه للشعب الكوردي والمصالح الحيويه لتركيا الديموقراطيه، فمن غير المعقول ان تقف الحكومة التركيه الى جانب الشعب الليبي والسوري والمصري ويعلن السيد اوردوغان في خطابه المهم من القاهره عن عدم وجود تناقض بين الاسلام والديموقراطيه في الوقت الذي تستمر فيه دورة العنف ضد الكورد وتنتهك الديموقراطيه على نطاق واسع في كوردستان، والذي يتعارض كليا مع الدور الذي تريد تركيا ان تلعبه على الساحة الاقليميه والدولية.

ان امام حكومة السيد اوردوغان ونائبه فرصه تأريخيه لوضع حد نهائي للمأساة التي تعيشها تركيا عموما والشعب الكوردي خصوصا، والنقله النوعيه الكبيره في توجهات الدوله التركيه وفي تفكير قادتها لن تكتسب المصداقيه والقبول العام مالم يجري الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي وحل المسألة سلميا، فالكورد كما يقول السيد نائب رئيس الوزراء ( موجودون في هذا الوطن منذ الاف السنين ) وكل المحاولات اللاانسانيه العنيفه لاجتثاثه من وجدان وضمير المنطقه وصهره في بوتقة العنصريه البغيضه باءت بالفشل، وهاهو حفيد السيد رضا قائد ثورة ديرسيم مثلا عضو في البرلمان التركي الحالي، وايضا على الجانب الكوردي ان يستثمر رياح التغيير هذه في تركيا اوردوغان وحزب العدالة، ومواصلة النضال السلمي والالتزام باللاعنف والتجاوب مع الدعوات الصادقه لاحلال السلام العادل، اذ ان روح العصر لم تعد تسمح باللجوء الى العنف ايا كانت الجهه التي تتبناه.

bull;كاتب عراقي
bull;[email protected]