أكثر من رسالة جاءت في خطاب الأمين العام لحزب الله quot;حسن نصر اللهquot; أولى هذه الرسائل: هي طمأنة للبنانيين بأن حزب الله لن ينجر إلى فتنة أو حرب أهلية بين السنة والشيعة , وثانيها, موجهة إلى حكومة نجيب ميقاتي يطلب منها عدم تنفيذ قرار المحكمة واعتقال الأربعة الذين وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام, وهم quot;مصطفي بدر الدين شقيق زوجة quot;عماد مغنيةquot; احد قيادات حزب الله الذي اغتيل في دمشق عام ألفين وثمانية, وهو الذي خطط واشرف على تنفيذ عملية اغتيال الحريري كما جاء في مذكرة الاتهام , وquot;سليم عياشquot; وهو احد المشاركين في العملية, quot;وأسد صبراquot; وquot;حسن عنيسيquot; وهما متهمان بالاتصال وإخفاء شخص يدعى احمد أبو عدس بعد أن تبنى عملية الاغتيال في الرابع عشر من فبراير ألفين و خمسة.

لسنا بحاجة للقول أن نصر الله هو من يرئس الحكومة اللبنانية فعليا, لقد أوضح أنه حتى لو كان quot;سعد الحريريquot; أو quot;فؤاد السنيورةquot; رئيسا للوزراء, فلن يكون بإمكانهما تعقب من وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام , وليس جديدا القول أن زعيم حزب الله لا يعترف بشكل كامل بشرعية المحكمة, وبالتالي بالقرارات الصادرة عنها , لقد ساق quot;نصر اللهquot; في خطابه وثائق تشير إلى نقل سبعة وتسعين جهاز كمبيوتر من بيروت عبر مركز الناقورة إلى إسرائيل, وعرض شريط فيديو لنائب رئيس لجنة التحقيق يظهره وهو يبيع وثائق من المحكمة الجنائية الدولية مقابل أموال, وجاء بلقطات لرئيس لجنة التحقيق تؤكد ولائه وصداقته لإسرائيل.

الجديد في خطابه أنه ساق هذه الأدلة ليثبت تورط المحكمة في استهداف حزب الله السؤال الان هو ماذا ينتظر لبنان بعد ست سنوات ونحو خمسة أشهر من اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وتسلم القاضي quot;سعيد ميرزاquot; نسخة من قرار الاتهام مصدقا من دانيال فرانسين قاضي المحكمة الدولية الخاصة بلبنان؟

طبيعي أن يكون هناك انقساما بين فريقين: فريق الرابع عشر من آذار الذي يصر على التعامل مع القرار من منطلق قانوني والفصل بين المتهمين كأشخاص وصفتهم الحزبية ويقول فلنذهب إلى المحكمة ونرى , وفريق الثامن من آذار بزعامة حزب الله, وإذا كان حزب الله لا يخشى شيئا فلماذا يتمسك بعدم تقديم المتهمين الأربعة , وهو ما يضع القوى الأمنية في مأزق؟. هناك بؤر في لبنان لا تستطيع قوات الأمن الوصول إليها مثل الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله ولا يمكن الاقتراب منها إلا بموافقة من quot;حسن نصر اللهquot; وهو الأمر الذي يمثل قيودا عليها في جمع المعلومات, والبحث عن المتهمين, وتحديد أماكن تواجدهم, ثم القبض عليهم.

لكن يبدو أن هناك ارتياحا لدى حزب الله من أن الأمور ستسير كما يريد, وفي أسوأ الأحوال سيتم السير في المحاكمة غيابيا , أما المتوقع فهو أن تسير الأمور باتجاه فشل قوات الأمن اللبنانية ملاحقة المتهمين, وبالتالي في تنفيذ قرار الاتهام كغيره من الآلاف من تلك مذكرات الاتهام التي صدرت بحق متهمين في لبنان, وعجزت قوات الأمن عن تنفيذها إما لغياب أصحابها أو موتهم أو سفرهم.

لبنان إذن يمر بمرحلة حساسة تقتضي التعامل مع قرار الاتهام بقدر عال من المسؤولية, وعدم خلط الأمني بالسياسي, وينتظر اللبنانيون أن يترجم رئيس الحكومة اللبنانية quot;نجيب ميقاتيquot; ما قاله عقب استلام قرار الاتهام ويثبت للذين راهنوا على أن القرار بأنه سيفرق اللبنانيين بأن رهانهم كان خاطئا وأن الغلبة ستكون للعدالة.
إعلامي مصري