محسن الحكيم الطباطبائى البروجردى (1306-1390) المنحدر من عائلة إيرانية بروجردية والمتزوج لنسوان مختلفات متعددات الإيرانية والعراقية واللبنانية ومنهن كان أولاده الكثيرون. لَقَبُ الحكيم جاء عن جده الكبير إذ كانت حرفته الطب والتطبيب فسميت العائلة حكيمية.

وصل محسن الحكيم إلى (المرجعية العليا) بعد وفاة حسين البروجردى. آنذاك والمرجعية العليا هو اصطلاح جديد خلق فى زمان محسن الحكيم كما قال محمد مهدى شمس الدين لدعم محسن الحكيم سياسيا ضد عبد الكريم قاسم وضد الشيوعية، فلم يعرف الشيعة الإمامية آنذاك المرجعية العليا من قبل وهو اصطلاح سياسى جديد فى تطور المرجعية أو تأخرها كما سميتها سابقا، علما أن محسن الحكيم قد عاصر مراجع كانوا أعلم وأفضل وأحكم منه بكثير كضياء الدين العراقى(ت1361) ومحمد حسين الكمبانى (ت1361) ومحمد حسين النائينى (ت1355)، من أهم فتاواه السياسية هى ما قاله نجله باقر الحكيم فى حواره (مقارعة وإسقاط القاسمية والشيوعية)، وهو يشير إلى فتوى والده محسن الحكيم بتاريخ 20/02/1961 القائلة (لا يجوز الإنتماء إلى الحزب الشيوعى فإن ذلك كفر وإلحاد) وما أدت إليه من جرائم وقتل وسجون ومآسى وكوارث وويلات كما إستعملها سياسيون لأطياف مختلفة بأبشع وسيلة حتى قال محمد بحر العلوم (المرجعية الحكيمية إنتصرت على قاسم والشيوعيين، ولكن القوميين إستفادوا من ذلك وصعدوا على أكتافنا ونحن الإسلاميين لم نلتفت إلا بعد فوات الأوان). هذا وقد حورب عبد الكريم قاسم من قوى خارجية كبريطانيا والشاه وجمال عبد الناصر فضلا عن البعثية والقومية رغم مشاريعه المتعددة وخدماته المتنوعة ومعيشته البسيطة وتفقده الفقراء والإفراج عن خصومه وأعدائه فى فترة وجيزة سياسية متميزة ولكنه قتل بشكل وحشى رهيب.

وقد كان عبد الكريم قاسم وطنيا متواضعا خدوما بسيطا ولم يعرف الظلم والإنتقام وقد خدم ولم يسرق شيئا فعاش فى نفس بيته واستشهد ولم يملك دنانير وقدم فى 4 سنوات ما لم يقدمه الإسلام السياسى فى العراق منذ 2003 فى مليارات الدولارات وأرقام خيالية فى الفساد
وقد كان لفتوى الحكيم ضد الشيوعية دوافع أخرى فإن مشروع الإصلاح الزراعى لقاسم والذى يعارضه الإقطاعيون المقربون من الحكيم جدا والدافعون لأموال الخمس الكثيرة هم مؤثرون فى حاشيته وعلى الحكيم كثيرا، فضلا عن علاقة مرجعية الحكيم بالشاه واستلامه دعما ماديا ومعنويا منه لذلك لم يتحرك ضد ظلم الشاه وجبروته، كما تحرك ضد قاسم وكان سببا فيما حصل من مآسى وجرائم لاحقة بسبب عدم حكمته ووعيه وما سميته سابقا بتحالف المرجعية والإقطاعية والساسة.

نبيل الحيدري

والغريب أن الحكيم لم يصدر فتوى ضد البعث أبدا ولا غيره رغم الممارسات الظالمة. كما كان لمحسن الحكيم فتاوى غريبة كثيرة جدا فى رسالته العملية (منهاج الصالحين) وكتابه (مستمسك العروة الوثقى) حيث ذكر فيه أدلته على الأحكام من الآيات القرآنية والأحاديث وغيرها. من فتاواه الغريبة هى كراهة التعامل والتزاوج مع الأكراد مدعيا أصلهم من الجن بناءا على روايات ضعيفة، وهى فتوى عنصرية يحاسب عليها القانون العالمى ويخالف حقوق الإنسان ومساواتهم. ولايفوتنى طريفة حقيقية حصلت هى أن محسن الحكيم بعث وكيلا إلى الأكراد لاستلام الحقوق الأخماس والتبليغ لمرجعيته، فقال للوكيل كبيرهم (تدعون أن أصلنا من الجن وتكرهون التعامل معنا وتمنعون الزواج بنا وتشككون فى أصولنا وكوننا بشرا بل نحن من الجن) فرجع الوكيل بخفى حنين ولم يحصل من الأخماس شيئا
إمتنع محسن الحكيم عن مقابلة عبد الكريم قاسم ورفض لقاءه مدعياً تحالفه مع الشيوعية والإلحاد ومخالفة الشريعة الإسلامية لأن قاسم أراد مساواة المرأة بالرجل فى قضايا الإرث والأحوال الشخصية فقامت قيامتهم عليه حتى باتت الحسينيات والجوامع والمناسبات الدينية تستغل بأبشع صورها فى إسقاط قاسم حيث تمت تصفيته فى الإذاعة الرسمية بشكل غير أخلاقى.

من الفتاوى المؤثرة التى كان الحكيم يصدرها هى تحريم المدارس مما حرم الكثير من التعليم فى المدارس وإبقائهم فى البيوت.
كذلك من فتاواه جواز تفخيذ الرضيعة سيرا على فتوى أستاذه محمد كاظم اليزدى زعيم المستبدة فى كتابه العروة الوثقى.
كان نجله باقر يذكر والده كثيرا بأن كان من قيادات ثورة العشرين ضد الإستعمار الأنكليزى، وهى دعوى واهية لأنّ الحقيقة أنه كان صغيرا فى العشرين من عمره تحت قيادة محمد سعيد الحبوبى الفقيه والشاعر والمناضل فقد كان الحكيم صغيرا مقودا وليس قائدا كما توهّم أرحامه.

لم تكن من آرائه ولاية الفقيه بل ناقش أستاذه النائينى عن كتابه (تنزيه الأمة وتنبيه الملة) وأدلته كآية أولى الأمر ورواية ابن حنظلة الضعيفة سندا ودلالة.
كانت مرجعيته من أوائل المرجعيات التى بعثت الوكلاء الكثيرين إلى مناطق العراق والدول العالمية المختلفة من أجل التقليد واستلام الأخماس والتبشير الدينى.
من أولاده يوسف الحكيم المدرّس المعروف فى حوزة النجف فقها وأصولا ورجالا، ولقد رفض أن يكون مرجعا بعد والده رغم ترشيح أبيه وهتاف الملايين باسمه لاعتقاده بكبر المسؤولية وصعوبة حملها
كذلك من أولاده محمد باقر الحكيم الذى كان حينا رئيسا للمجلس الأعلى الإسلامى العراقى المتأسس فى إيران والذى كتبت عنه سابقا.

[email protected]