أكتب هذه المقالة مع بدء الاستفتاء الجديد الذي وضعته لجنة خاصة بديكتاتور سوريا الوريث بشار ألأسد، وأنا متأكد حسب التجربة الانتخابية الأسدية البعثية السورية طوال 42 عاما، أنّ النتيجة الشعبية كما سيدّعون سوف تزيد عن 95 في المائة تأييدا وتصفيقا وتطبيلا لهذا الدستور الهزيل المتخلف عن أية مقاربات ديمقراطية عصرية، والعديد من بنوده لا تصلح حتما لملكيات وامبراطوريات الظلام في العصور الوسطى أو ما قبلها العصور الحجرية. وأنا هنا لن أدفع هذا الكلام بدون وقائع ومناقشة للعديد من مواد الدستور المقترح الذي بدأ الاستفتاء عليه صباح الأحد السادس والعشرين من فبراير 2012، وستكون النتيجة مفرحة بالتزوير فقط لوريث لم يسبق لنظام يدّعي أنّه جمهوري قد قام بهذا التوريث القمعي عبر تفصيل لما كان يسمى زورا الدستور على مقاس الوريث الذي استدعي على عجل من بريطانيا، ليخلف الأسد الأب بعد 30 عاما من القمع والقتل ونهب الثروة السورية. وهذه أمثلة فقط من مواد هذا الدستور المتخلف التسلطي التوريثي أيضا:

صلاحيات الرئيس تنصّبه ديكتاتورا بكل معاني الكلمة
_ الرئيس هو الذي يسمّي رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم ويقبل استقالتهم أو يقيلهم بنفسه (المادة (97). ويستطيع وحده بدون العودة إلى أية مرجعيات إحالتهم إلى المحاكم (المادة 124).
_ الرئيس هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة ويصدر جميع القرارات والأوامر (المادة 105).
_ الرئيس له الحق في الاعتراض على القوانين التي يصدرها مجلس الشعب (المادة 100).
_ الرئيس هو من يعين الموظفين المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم (المادة 106).
_ الرئيس هو الذي يرأس مجلس القضاء الأعلى (المادة 133).
_ الرئيس هو الذي يسمّي أعضاء المحكمة الدستورية (المادة 141).
_ الرئيس يمكنه حل مجلس الشعب (المادة 111).
_ الرئيس غير مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى، ويكون طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرّية وذلك بناءا على اقتراح ثلثي أعضاء المجلس على الأقل وتجري محاكمته أمام المحكمة الدستورية (المادة 117)، تصوروا هذه الشروط التعجيزية التخويفية!!! في ظل صلاحيات الرئيس العسكرية والأمنية وتعيين المحكمة الدستورية من قبله، من سوف يجرؤ على اتهامه بالخيانة العظمى أو التصويت العلني على ذلك؟ هذا دون وضع أية مواصفات لمعنى ومضمون الخيانة العظمى. مثلا هل سرقة ونهب أخواله آل مخلوف لما يزيد عن ستين بالمائة من ثروة الشعب السوري طوال 42 عاما حتى الأن فقط خيانة عظمى أم لا؟. هل تغيير ما يسمى زورا الدستور عام 2000 على مقاس وعمر الوريث بشار إبن الأسد حافظ خيانة عظمى أم لا؟. هل الإعلان عن احتلال الجولان عام 1967 من الأسد ألأب قبل احتلالها الفعلي وقبل أن يدخلها أي جندي إسرائيلي خيانة عظمى أم لا؟. هل مذابح حماة وسجون تدمر وصيدنايا والقتل اليومي للشعب السوري الثائر ضد الأسد منذ عام تقريبا خيانة عظمى أم لا؟. هل تفصيل هذه البنود والمواد مما يسمّى باطلا دستورا لبقائه للأبد في الرئاسة خيانة عظمى أم لا؟.

دستور توريثي حتى الموت
هل يتخيل تلميذ في المدرسة الابتدائية أخذ درسا واحدا عن الديمقراطية الحقيقية، أن يتخيل رئيسا هو من عيّن اللجنة التي وضعت هذا المهزلة المسمى دستورا، أن تضع دستورا يلبي حاجة وطموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والكرامة؟. في كافة دول العالم الديمقراطية وشبه الديمقراطية بعد أي دستور أو مجلس نيابي جديد تتم انتخابات رئاسية جديدة، كما حصل في تونس أخيرا. ولكنّ دستور الأسد الإبن الجديد ينصّ في مادته (88) على أنّ الرئيس لايمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين مدة كل منهما 7 سنوات أي 14 سنة (يا حرام..والله قليلة)، وفجأة تنقلب المادة (155) على هذه المدة القصيرة فتوضح انّ هذا لا ينطبق على الأسد الحالي الوريث، إلا اعتبارا من الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2014، أي أنّه سيبقى رئيسا وراثيا حتى إتمام فترة رئاسته الحالية المزورة أساسا حتى نهاية عام 2014، وهذا يعني أنّ له الحق في فترتين رئاسيتين جديدتين كل منها سبع سنوات، أي أربع عشر عاما بدءا من عام 2014 أي حتى عام 2028، ويكون عمر الأسد الإبن الوريث عنئذ 63 عاما، وبهذه الممارسة وهكذا دستور ليس هناك ما يمنع لتعديلات جديدة عام 2028 تعطيه رئاسة جديدة حتى الموت!!. أو حتى يصبح ابنه المسمى حافظ على اسم جده قد بلغ عمر الأربعين ليقوم بتوريثه، ليكون الشعب السوري فعلا يعيش ضمن ما يمكن تسميته بموضوعية (الجمهولكية الأسدية في سوريا). و رغم ادعاءات إعلام النظام وتطبيله للانتخابات النزيهة الرائدة في الشرق الأوسط والتي تتفوق على الديمقراطيات الغربية حسب تضليله، هناك مناطق سورية عديدة قاطعت هذه الانتخابات، ورفعت لافتات عليها (نظام بلا شرعية، دستور بلا شرعية). ويكفي دلالة ما قاله وزير الخارجية الكندي جون بيرد في بيان له quot;إنه اسلوب مخادع لجأ اليه نظام (بشار) الاسد لتاخير أمر لا مناص منه، مع مواصلة مجازره بحق المدنيين السوريين. ان الاستفتاء الذي نظمه نظام الاسد خدعةquot;. والأمر الذي لا مناص منه الذي يعنيه الوزير الكندي هو ضرورة رحيل هذا الأسد على شعبه فقط.

وأنا أرسل هذه المقالة لإيلاف قبل إعلان،
السلطات الأسدية عن نتائج هذه الانتخابات الخدعة على هذا الدستور القمعي الذي يضع كافة السلطات المدنية والتشريعية والقضائية والعسكرية بيد ديكتاتور واحد، قتل حتى الآن ما يزيد على ثمانية ألاف مواطن سوري، وقتلى يوم الاستفتاء المزور فاق مائة قتيل منهم 47 في مدينة حمص وحدها. فمن من البشر يستطيع ضميريا أن يقبل هذه المواد التي ذكرتها في بلاده بما فيهم مؤيدي الأسد هل يقبلون أن تحكمهم هذه العائلة الأسدية 42 عاما جديدة أي ربما حتى عام 2054 أو أكثر إذا ما تمّ توريث حافظ نجل بشار، وهذا ليس مستبعدا؟ و سننتظر لنرى أنّ نتيجة الإستفتاء هي فوق الخمسة والتسعين كعادة المزورين العرب، وإذا كانت95 بالمائة فقط، فهذا تقدم في النزاهة فقد تعودنا على رقم 99،99 بالمائة.!!. طبعا هناك موضوعات أخرى في هذا الدستور القمعي المتخلف تحتاج لمقالات أخرى خاصة، حقوق المرأة والقوميات غير العربية في سوريا والطوائف أصحاب الديانات غير الإسلامية، ولهذه الموضوعات حديث قادم بعد أن تنتهي الأفراح والرقصات باستفتاء 99 في المائة من القبول الشعبي الذي سيدّعيه النظام، وشعار الشعب الأساسي (يلا..إرحل يا بشار) (نظام بلا شرعية، دستور بلا شرعية).
[email protected]