الخطاب الشهير الأخير لرجل الدين الإخوانى (صفوت حجازى) فى الحملة الإنتخابية للمرشح الإخوانى (محمد مرسى) فى الحولة بمصر وبتاريخ الأول من مايس (أيار) 2012 وبحضور المرشح محمد مرسى نفسه وقيادات الإخوان المختلفة، أفصح صفوت عن هدف الحملة الإنتخابية لمشروع الإخوان المسلمين بقوله (حلم الخلافة الإسلامية يتحقق بيدى محمد مرسى من الإخوان، الحلم الكبير الذى نحلم به جميعا، والولايات المتحدة العربية ستعود وعاصمتها القدس وليس القاهرة ولا مكة ولا المدينة) ثم ردد حماسيا شعارا (على القدس رايحين hellip; شهداء بالملايين) وبدأ الحماس العاطفى يتصاعد فى جمهوره ليردد معه شعارات حماسية عاطفية كثيرة.

هكذا تتحرك الشعارات الحماسية العاطفية بعيدة عن الحقائق والوقائع وبعيدة عن العقل والحكمة والموضوعية والإعتدال كما رفع الإخوان سابقا شعار (الإسلام هو الحل) وتطبيق الشريعة وكأنهم الممثل الوحيد الشرعى للإسلام حيث مشكلة الإسلام هى فى الإسلاميين المتشددين والمتطرفين والمدعين له أيما إدعاء واه وضعيف وهل المطروح فى الساحة شريعة الله أم شريعة الفقهاء المختلفين والمتعارضين.

حلم الخلافة هو محاولة بائسة بين فترتين زمنيتين بينهما أكثر من ألف سنة مع ظروف وزمان ومكان وشرائط موضوعية مختلفة من أشخاص متشددين أبعد ما يكونوا عن تطبيقها على أنفسهم وزوجاتهم وبيوتهم فضلا عن نقل هذا التشدد على الآخرين وفيهم أديان أخرى كالمسيحيين واليهود وهم من أهل الكتاب الذين قال الله عنهم (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) بل ودخول كثير منهم فى الجنة كما قال الله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) سورة المائدة- الآية 69، كذلك أيضا (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون) سورة البقرة- الآية 62 وهما آيتان صريحتان فى مقام مديحهم فى مراتب عالية فى الجنة مقرونين بأهل الكتب السماوية فضلا عن أحاديث النبى الكريم الكثيرة ومنها فى قصة الإسراء والمعراج
وأما فى مصر حيث الأقباط المسيحيون مواطنون أصيلون يخافون من التشدد الإخوانى لذلك رفضوا بشكل قاطع إعطاء أصواتهم للإخوان كمحمد مرسى وغيره حتى وصل بهم الحد إلى التصويت فيمن يسمى بالفلول كأحمد شفيق هربا وخوفا من الإخوان المسلمين وتشددهم الموجود فى ثقافتهم وتاريخهم.

إن تاريخ الإخوان ملئ بالعنف رغم أن الدين الإسلامى يدعو إلى السلم والمحبة والعفو (يا أيها الذين آمنوا ادعوا إلى السلم كافة) (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين) فالإخوان أبعد الناس عن حلم الخلافة وتطبيقها لكنه حملة إعلامية عاطفية للوصول إلى السلطة.

إنّ خطاب صفوت حجازى وغيره بالصراخ والعويل لا الكلام الهادئ ولا الهادف حيث أنه يستغرق فى عواطف وأحاسيس بعيداً عن العقل والحكمة والمنطق (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) ( فبشّر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).

ما يتوهم من الشريعة هو فهم الفقهاء والوعاظ الخاص للتراث حيث يخالفه فى ذلك الفقهاء والوعاظ الآخرون والفرق الإسلامية المختلفة وهى كثيرا ما تكون انتقائية تجزيئية وفق قراءات خارجة عن السياق والظروف الموضوعية للنص علما بوجود نصوص أخرى تقابلها مما يحتاج إلى وعى ودراسة عميقة فى تجديد قراءات النص الدينى.

هذا الحلم ليس للجميع كما يقول حجازى لأن البعض حتى من المسلمين يعتقد ضرورة تطور الفكر مع الحياة والنتاج البشرى ومن هنا قال المصلحون (فى الغرب إسلام بلا مسلمين وعندنا مسلمون بلا إسلام) مثل محمد عبدة وجمال الدين الأفغانى وغيرهم. لذلك لجأ للغرب كبار المفكرين حتى الإسلاميين واستعملوا شتى الوسائل المختلفة عندما اضطهدوا وفقدوا حرياتهم فى دولهم الإسلامية وقارنوا بينهما. فضلا عن وجود الأديان والفرق الأخرى.

أن ثقافة الإنتحار لادليل عليها فى القرآن والسنة بل اعتبرت إلقاء للنفس فى التهلكة (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) كما حقق فى محلّه وأن هذه ثقافات متأخرة دخيلة، بل الغريب أن أكثر الداعين لها لايؤمنون بها ويمنعون أبناءهم وأصهرتهم عن الإنتحار (أو الشهادة) قائلين أنها فتيا للآخرين وليست لأهله ومتعلقيه، وهنا يكمن السر فى الإزدواجية والمعايير المتناقضة واستغلال الدين فى مآربهم الشخصية فإن الدعاة ينبغى أن تكون سلوكهم قبل أقوالهم وتطابقها معا بل أنهم أسوة للآخرين فى الأخلاق والقيم.


أين هى الولايات المتحدة العربية ؟ وهل سيحققها الإخوان كما يزعمون وهم يدعمون نظامى طهران وسوريا فى قمعهم وقتلهم لشعوبهم، وهاهم إخوانهم (فرع الإخوان المسلمين فى سوريا) يستغيث بهم صباح مساء من نظام الأسد وقتله الوحشى لأكثر من سنة كاملة فلا يجيبون وكأنهم صم بكم لايعقلون فأين الأخلاق والقيم التى يزعمونها.

أين عاصمة الخلافة؟ ألم يتخذ النبى مكة والمدينة له عاصمة، وكذلك اتخذت الدولة العباسية بغداد بينما اتخذت الدولة الأموية دمشق عاصمة لها، أم لهم بدعة جديدة وهم يقولون كل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار.

إنهم يقولون كل جديد بدعة فلماذا درسوا فى الغرب وتعلم محمد مرسى فى أمريكا (التى يسميها وحلفاؤه بالشيطان) وتعالجوا فى مستشفياته الحديثة، أليس الأولى لهم العلاج بالطب النبوى الذى يروجونه للفقراء المستضعفين. إلتقيت ببعض القيادات فى مؤتمرات وحوارات عديدة فرأيت حديثهم على المنصة وأمام الملأ مرارا يخالف حديثهم الخاص فسألتهم عن التناقض فقالوا (ذاك خطاب عامّ لعوام الناس وهذا للواعين والخواص)... إنه النفاق وازدواجية الخطاب وتهافته حيث تنطبق عليه الآيات القرآنية (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزؤون) (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسنّدة. يحسبون كل صيحة عليهم. هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون) (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم...إنّ المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) (والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) وغيره لمن هبرهم وعرف ازدواجيتهم وتناقضهم.

مشكلة الإخوان أنهم يتوهّمون أنهم الممثلين الوحيدين لله تعالى فى الأرض، رغم أن الله لم يخولهم وتاريخهم حافل بالعنف والمساؤئ الكثيرة، وهم بسهوله يتهمون من يخالفهم الرأى بشتى الألفاظ السيئة والتهم المختلفة البعيدة عن أخلاق الدين وسماحته.

إن التشدد الإخوانى خلاف القرآن الكريم ومقاصده ومبادئه لأن الله تعالى يقول (إن الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال النبى (يسّر ولا تعسّر) (جئتكم بالرسالة السهلة السمحاء) وتحت ظل الإخوان ستكون الرسالة صعبة متشددة وستنشر ثقافة العنف والكراهية واستغلال الدين لمصالحها الشخصية
كما هو حاصل فى الأحزاب الطائفية الحاكمة فى العراق الجريح والمنكوب.

إنهم يريدون إرجاع مصر إلى عصر القرون الوسطى عندما حكمت الكنيسة بمحاكم التفتيش وصكوك الغفران وقمع الحريات وتكفير التفكير... وهذا امتحان لمصر وشعبها وانتخاباتها.