هذه المرة انقلاب مدني quot; اخواني quot; ضد العسكر. قائد الانقلاب هو رئيس مصر المنتخب محمد مرسي. الانقلاب جاء كالعادة مفاجئا ولكن ليس بعد منتصف الليل. الرئيس اصدر قرارا باعادة البرلمان الذي الغاه محكمة الدستور ونفذه العسكر.

منذ ان صدر قرار الرئيس بدأت اجهزة الاعلام بتسليط الاضواء على الناحية الحقوقية والقانونية لصلاحيات الرئيس في هذا المجال. رجالات وعلماء القانون مختلفون تماما في تفسير واحقية قرار الرئيس، منهم من يعطيه الحق ومنهم من يرى ذلك تجاوزا فاضحا لسلطاته. المصيبة هنا هو ان كل جهة تأتي بأدلة وحجج مقنعة بالنسبة للمواطن العادي، علما ان في كل طرف علماء نوابغ في المجال الحقوقي من مستشارين واساتذة جامعات وو..الخ.
المناقشات القانونية ستستمر لمدة طويلة دون الوصول الى نتيجة عملية وستبقى مجرد اجتهادات نظ
رية شيقة ومسلية.

ماهو الحل اذن؟
الحل سيكون سياسيا على ان يكون مدعوما بالقوة الشعبية والعسكرية. او انقلاب عسكري مضاد وسريع ودون تردد.
يبدو ان محكمة الدستور ستتخذ قرارا جديدا تلغي فيه قرار الرئيس وفي حال عدم التنفيذ ستؤول الامور الى المجلس العسكري لـ quot; اجراء اللازم quot; في ساعات الفجر الاولى في احد الايام.
قرار الرئيس مرسي كان متسرعا وقد يقود البلاد الى فراغ سياسي وبالتالي الفوضى والفلتان ويفتح الطريق امام العسكر لاستلام الحكم مرة اخرى تحت ذريعة quot; الحفاظ على امن ووحدة البلاد quot;.الذريعة هذه قدمها الاخوان الى العسكر على طبق من ذهب.

الرئيس مرسي لا يستند الى دعم شعبي كبير، اذ ان نتيجة الانتخابات اظهرت انه يحظى بـ 52 بالمئة من اصوات الناخبين او بالاحرى انه مرفوض من 48 بالمئة من الشعب المصري، واذا وضعنا في الحسبان الرافضين لمجرد وجود العسكر quot; الحاكم الدائم quot; في الجهة المنافسة لمرسي في عملية الانتخاب اي الخصم العسكري الجنرال السابق احمد شفيق فان نسبة المؤيدين لمرسي لن تزيد عن 30 بالمئة في احسن الاحوال.

حتى كتابة هذه السطور حوالى الواحدة بعد منتصف الليل بتوقيت القاهرة كان المجلس العسكري في حالة اجتماع دون صدور اي قرار.
اذا كانت الاعراف العسكرية لم تطرأ عليها اية تبدلات نوعية علينا ان لا نستغرب ان يأتي التحرك وكالعادة بعد منتصف الليل وهو ان البلد في خطر وان على العسكر وضع يده على السلطة وانقاذ البلاد.

مصر دخلت النفق المظلم والاخوان فقدوا فرصة ذهبية لاظهار المصداقية في الادعاء ببناء الدولة المدنية الديمقراطية، ليس هذا فحسب بل بات الجميع يخشى من اتجاه الاسلام السياسي الى اقامة quot; دولة طالبان quot; في مصر.

المشير حسين طنطاوي اتخذ موقفا ضعيفا قبل اسبوع عندما نقلت الانباء رغبته في تسلم حقيبة الدفاع مما يعني التقليل من مكانة وهيبة العسكر في الظرف الراهن. مصر بحاجة ماسة الى فترة انتقالية ربما ثلاثة سنوات يلعب فيها العسكر دور الضامن لتسليم الحكم كليا الى المدنيين و حينئذ يكون وزير الدفاع فيها شخص مدني كبقية الوزراء.
اكبر المستفيدين من الاضطراب المصري المفاجئ هو النظام السوري اذ ان الاضواء ستتجه الى مصر quot;ام الدنيا quot; ليستمرالنظام في الحل الامني، ولكن قد يكون الامر درسا بليغا للسوريين لمعرفة الحقيقة الساطعة لما يخبئه الاخوان في الباطن وعدم الانجرار الى حبائلهم للوصول الى السلطة مهما كانت الوسائل.


طبيب كردي سوري