بعد توقف دام اكثر من 9 سنوات وتحديدأ بعد اخراج المسلسل التاريخي (ممي الان) في 2003 هذه الملحمة الاسطورية النادرة في تاريخ التراث الكوردي القديم والذي كان من انتاج فضائية كوردستان و يعتبر من الاعمال الفنية الضخمة، حيث شارك فيه اكثر من (2500) ممثل واكثر من (1000)كومبارس... طل علينا المخرج الكوردي العملاق (ناصر حسن)(1) باخراج عمل درامي جديد قل مثيله سواء على المستوى المحلي او الاقليمي ايضأ وبامكانيات مادية متواضعة جدأ بعنوان (كركوك 4) من 25 حلقة وشارك فيه اكثر من (170 )ممثل وممثلة اغلبهم من شباب كركوك. والجدير بالذكر ان (كركوك 4) عبارة عن دراما نابعة من الواقع العراقي و هي من كتابة الاستاذ الراحل (سعود احمد) واخراج المخرج الكوردي المعروف (ناصر حسن) الذي اثبت في اعماله الرصينة الفنية جهوده في ترسيخ قيم فنية اصيلة واسلوب رائع يجذب المشاهد من اللقطات الاولى بمصاحبة الموسيقى و الغناء التراثي الاصيل، ويشده بأستمرار حتى اخر لحظة وببعد انساني جميل قل نظيره....والدراما المذكور من انتاج وزارة الثقافة بحكومة اقليم كوردستان، و عرضت خلال شهر الرمضان ومن خلال فضائية زاكَروس الكوردية...
اُستخدمت في (كركوك 4) ولاول مرة في تاريخ الدراما الكوردية أربع لغات (الكوردية والعربية والتركمانية والسريانية) وتمت الترجمة عبر (سب تايتل) وبعدة اللغات، ورقم (اربعة) تعني حسب متابعتي وقرائتي المتواضعة للمسلسل (مدينة جميع القوميات الاربعة المتعايشة في كركوك منذ الازل ولحد الان.......وعليه لم يواجه المتلقي الكوردي اي صعوبة في فهم اللغات المتعددة (العربية، التركمانية والكلدواشورية).. بالاضافة الى ان المتلقي تعرف ومن خلال هذا العمل الرائع على الوجوه الفنية الشبابية الكركوكية الجديدة والتي مثلت كل اطياف مدينة كركوك المتاخية بالاضافة الى فنانين كبار على سبيل المثال : (نرمين كاواني، جهاد دلباك المستشار الفني للعمل، ازاد جلال، ام اريان، نرمين قادر) واخرين.... وكان للجنس اللطيف حضور كبير في هذا العمل الدرامي... بالاضافة الى ان المتلقي تعرف ومن خلال احداث المسلسل الى جرائم النظام البائد ضد ابناء الشعب العراقي..........
تناول مسلسل (كركوك 4) العلاقة الحقيقية والحميمية بين جميع المكونات في كركوك منذ الازل والمتكونة من (الكوردية، العربية، التركمانية، والكلدواشورية)،بالاضافة الى عرض المشاكل والماساة وبطريقة فنية راقية مصطحبة بالموسيقى الراقية الكلاسيكية والصوفية وممتزجة بالاصوات العراقية الاصيلة لكبار الفنانين العراقيين (عربا وكوردا وتركمانا وكلدواشوريين)... والذي هو تذكير ايضأ بالفن الرصين والراقي وسط هذه الزحمة من اشباه الفنانيين الذين يشوهون اليوم المزاج والحس الفني الرفيع لدى المتلقي بكل اطيافه... بالاضافة الى لقطات وثائقية (صوت وصورة لخطابات الرئيس العراقي المعدوم).
بدأ المسلسل بقصة اربعة شباب كركوكيين ومن مختلف القوميات (العربية والكوردية والتركمانية والكلدواشورية) يعيشون كاخوة وزملاء متحدين متجانسين، يدرسون في احدى الجامعات ببغداد العاصمة...ومن خلال هؤلاء الشباب و حياتهم اليومية في القسم الداخلي يتعرف المتلقي على النسيج والمكونات الحقيقية لمدينة كركوك المتاخية وعلى حياتهم اليومية وافراحهم واتراحهم...
ارجعنا المخرج وباسلوب شيق مصطحبا بالمناظر الواقعية لكركوك وازياء تراثية اصيلة لاهالي كركوك الاصليين والى (المحلات الشعبية والساحات العامة وابنية المخابرات وجداريات (القائد) التي كانت تملأ المدن والشعارات وباعة متجولين ومقاهي ومحلات ودكاكين وباعة الباقلاء (عمة فاطمة) وايضأ مناظر ولقطات فنية راقية من بغداد ومدن كوردستانية ممتزجة بالموسيقى التراثية، ومن خلال هذا العمل الراقي استرجع الذاكرة العراقية الى اواخر السبعينات بكل تفاصيلها (الازياء والديكورات والاكسسوارات )من جهة و تذكير الجيل الجديد تحديدا من جهة اخرى وخاصة الذين لم يعاصروا تلك الحقبة المظلمة من تاريخ العراق بان : مدينة كركوك كانت منذ القِدَم مدينة السلم والاخاء دون تمييز قومي او ديني او طائفي او سياسي رغم هويتها الكوردستانية... وان التجانس والتعايش والوئام والتزاوج والاختلاط بين قومياتها الاربعة خير دليل على ذالك..... وان ظهور النعرات القومية والطائفية التي لم يكن لها وجود في المجتمع العراقي سابقأ بل هي مرتبطة، بالأساس، بالحرب العراقية الايرانية وكذالك بحرب الخليج الثانية وما رافقهما من نهج سياسي بعثي عنصري وبسياسة التعريب السيئة الصيت....
يقول لنا)ناصر حسن(في (كركوك 4) وخاصة عندما ركز على العلاقة الاجتماعية الحميمة بين مكونات مدينة كركوك بان عوامل الوحدة في المجتمع العراقي عميقة وعميقة جدأ منذ عهود بعيدة، فقط ظلت الجماعات الاثنية والطوائف والقوميات متالفة، متجانسة، مترابطة باواصر اخوية متينة وكانت الصراعات الجارية في المجتمع العراقي هي بين هذه المكونات من جهة والنظام العراقي البائد من جهة اخرى، ولم يسبق للعراق ان شهد حروبأ أهلية، وانما كانت هناك هبات وثورات وانتفاضات جماهيرية بسبب النهج المدمر للطاغية ونظامه الشوفيني المقيت كما شاهدنا في احداث المسلسل....وبالتالي ان وجود هكذا نظام وليس اي شيء اخر، كان السبب الرئيسي في تهديد وحدة العراق وتفكيك نسيجه الحقيقي وان سياسة التعريب والتبعيث والتهجير خير دليل على ذالك...
(كركوك 4) كما هو مبين من العنوان عمل تم اخراجه وتصويره في مدينة كركوك وضواحيها، بالاضافة الى مدن اخرى مثل : خانقين، ديالى، اربيل، السليمانية وبغداد، ويدور موضوعه حول الكارثة التي سببها النظام البعثي البائد لمختلف القوميات التي تشكل فسيفساء المجتمع العراقي في هذه المدينة المغدورة والتي تطفو على بحر من الذهب الاسود ويعاني اهلها من الفقر والمرض والفاقة بالاضافة الى الاضطهاد والجوع.... نعم يذكّر دراما (كركوك 4) المتلقي وباسلوب فني راقي عن فترات زمنية وتحديدا عام (1979) الى اواسط الثمانينات... اي مع تسلق الدكتاتور)صدام حسين( سلم السلطة في ليلة ظلماء وفي ظل حراب الموت،، حيث انقلب على قادته وكوادر واعضاء حزبه و عمد الى تصفيتهم واحد تلو الاخر في ممارسة شنيعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق وتولى رئاسة الدولة في وضع شبيه بانقلاب أعدم فيه حوالي 30 من قادة وكوادر حزبه الحاكم...، فلم يبق احدأ من الرعيل الاول من قادة الحزب البعث البائد، فهرب من هرب بجلده طلبأ للنجاة او اخراجه من الحزب والحياة في ان واحد.....!!، وعند النظر الى قائمة اسماء من كانوا في مواقع القرار والقيادة حين وقع انقلاب تموز عام 1968 لم يبق منهم الا صدام الذي ارسل الاخرين الى زاوية النسيان طوعأ او كرهأ او الى الجحيم....ويتذكر الجميع اسماء عرفها البعثيون قبل ان يستولى صدام على دفة الحزب، منهم عبدالخالق السامرائي، عدنان الحمداني، محمد عايش، محمد فاضل، شفيق الكمالي، عزت مصطفى، صالح مهدي عماش، نعيم حداد، فؤاد الركابي واحمد حسن البكر... يذكر (كركوك 4) المتلقي بالخطاب و الكلمات الاخيرة لرئيس الجمهورية العراقية(احمد حسن البكر) الذي قضى عليه)صدام( كباقي اعضاء حزبه البائد (بالصوت والصورة)... وهكذا، اغتيلت الحريات، وهدرت الحقوق، ورزخ الشعب العراقي في السجن الكبير...
وفي هذا الواقع المشوش و المتلبس بالفوضى وتمهيدأ للحرب العدوانية التي شنها النظام العراقي ضد الجارة ايران في بداية الثمانينات من القرن المنصرم، يظهر شاب وسيم عربي القومية اسمه (عدنان) يعشق زميلته في الدراسة وهي شابة كوردية (سارة) تسكن مع والدها في بغداد العاصمة وقبل ان يتزوجها يتم ترحيلها مع والدها لانها كوردية فيلية وبذريعة التبعية الايرانية....حيث يسلط المخرج الضوء على مواجع وماساة الكورد الفيليين، الذين أبعدهم النظام العراقي البائد بشكل تعسفي لاانساني، بعد ان سلب الوثائق التي تثبت عراقيتهم، وترحيلهم الى المجهول، وترك وطنهم ومدينهم الحبيبة، حيث مصاعب الطفولة وذكريات الشباب، بسبب من الاضطهاد الصدامي الجائر، والحرمان من ابسط حقوق المواطنة في العيش الأمن، والشعور بالكرامة الانسانية بعد ان صادروا جميع ممتلكاتهم...، وبعد ترحيل (سارة) يلاقي (عدنان) صعوبة في اكمال دراسته الجامعية وبناء مسقبله كباقي زملائه...حيث قرر ان يعيش وحيدأ وعلى ذكريات حبيبته التي رحلت قسرأ وبقرار من (مجلس قيادة الثورة )الى المجهول لالشيء الا لانها من القومية الكوردية..
يعيد الدراما المتلقي الى اهم الاحداث التي مرت على العراق و منها الحرب العراقية الايرانية وتداعياتها وانعكاساتها وتاثيرها المدمرعلى العراق ارضأ وشعبأ...وخاصة تبعاتها المأساوية على حياة ابناء الشعب العراقي الابرياء والشريحة الشبابية تحديدأ الذين اصبحوا وقودا لهذه الحرب الشعواء من خريجي المعاهد والكليات...
فطاحونة الموت في (قادسية صدام) حصدت الالاف من ارواح ابناء وبنات شعبنا الابرياء الذين كانوا بعمر الورود بالاضافة الى تعويق ما يقرب من نصف مليون جندي وخسائر مادية قدرت باكثر من 400 مليار دولار، وتدمير البنية التحتية للاقتصاد العراقي والمنشأت الخدمية وغيرها، والاكثر من هذا كانت تلك الجرائم، هي انتصارأ وهميأ للدكتاتور صدام.. على حساب الثكالى والارامل واليتامى والمشردين و المشردات التي سببتها حربه اللعينة....
ترجعنا احداث المسلسل الى تلك الايام التي توشح المدن العراقية باللافتات والشارات السوداء (لمغدوري ضحايا قادسية صدام)، والتوابيت الملفوفة بالعلم العراقي من (مغدوري الحرب) والتي كانت تحمل على السيارات في مواكب رسمية و تسلم الى ذويهم من قبل مركز سمّي بـ (مركز تسليم الشهداء) و كانت الاشلاء تتضمن اشلاء من جثث الجنود والضباط مزقتها قنابل وصواريخ حرب سميت بـ (قادسية صدام)..كما اعاد الى الاذهان صافرات الانذار و شبح الموت (المقاتلات الحربية)التي كانت تحوم في سماء المدن وتقصفها دون رحمة...كما اعاد الى اذهاننا تلك البرامج الوثائقية التي كانت تبثها دائرة التوجيه السياسي ومنها (صور من المعارك) ومشاهدها المرعبة والاناشيد الحربية وخطابات (القائد المنصور بالله) ولقائاته بالجنود والفيالق وتوزيعه (انواط الشجاعة...شارات الموت) عليهم والتي كانت تبث عبر القنوات المحلية العراقية الممتزجة بالاغاني والهوسات عن الحرب و خطابات (القائد) المزدحمة بالأيات القرأنية والشواهد الدينية بالاضافة الى القرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة الامرة بالتحاق كل من يستطيع ان يحمل السلاح بـ(الجيش الشعبي) و(القوات الخاصة) التي شكلت للدفاع عن (الحزب والقائد )....
اعادنا المخرج الكبير)ناصر حسن (و السيناريست الراحل)سعود احمد (من خلال احداث المسلسل الى تلك الايام التي امتزجت بقساوة النظام البائد والتي ستبقى اثارها على كركوك (التاميم) وجميع المناطق المهجرة والمعربة الى امد طويل...حيث اراد المخرج ان يوصل رسالته تجاه المتلقي وذالك بالقاء الضوء على قرارات النظام الجائرة لتعريب وتهجير وتبعيث كركوك من خلال قرارات (تغيير وتصحيح القومية الصادر عن مجلس قيادة الثورة) السيء الصيت والتي شملت ايضأ حتى الاسماء غير العربية على لوحات الدكاكين والتلاعب بالحدود الادارية وقرارات كثيرة اخرى نفذت لتغيير الوضع السكاني لكركوك الغنية بالنفط.... حيث شاهدنا من خلال احداث المسلسل كيف كان رجال الامن يجبرون اصحاب الدكاكين على تغيير اسماء محلاتهم من الكوردية الى العربية واجبارهم على تعليق صور (القائد)في محلاتهم والاماكن العامة الاخرى..وكيف كانت ترفض طلبات معوقي الحرب من قبل الجهات المعنية لفتح محلات تجارية وذالك بسبب كونهم من القومية الكوردية وبقرار من محافظ كركوك شخصيأ، حيث كان يكتب على طلباتهم (لايمنح الاجازة لانه من القومية الكوردية وحتى للذين كانوا يتعاونون مع النظام امثال (كريم) ورفاقه الاخرين من الكورد)، ليس فقط هذا بل شاهدنا ايضأ كيف كان النظام يشجع العرب من مناطق العراق المختلفة للقدوم الى مدينة كركوك وذالك باغرائهم وباعطائهم اراضي ومساعدات مالية سخية لتغيير ديموغرافية المدينة، كما شاهدنا ومن خلال احداث المسلسل الاعتقالات العشوائية داخل مدينة كركوك ومحيطها وتنفيذ عدد من احكام الاعدام في الشوارع والساحات العامة عند حدوث اية اضطرابات لتخويف وترهيب المواطنيين كما حصل في ملعب كركوك عندما اعدم طلاب للاشتباه بهم....بالاضافة الى اعدام كل من فر من الخدمة العسكرية ووقع بيد ازلام النظام امام داره...
جدير ذكره ان سياسة التعريب شملت الاموات ايضأ من القوميات الغير العربية...فتم تغيير اسمائهم وقومياتهم في السجلات الرسمية الحكومية الى اسماء عربية (راجع قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 199 لسنة 2001 الخاص بمنح العراقيين غير العرب حق تغيير قوميتهم الى القومية العربية)..
ان كاتب السيناريو والحوار الاستاذ الراحل ( سعود احمد) والمخرج الكبير الاستاذ)ناصر حسن(والذي شاركه ايضأ في كتابة العمل اكّدا من خلال (كركوك 4)، تبني الكلمة الصادقة والموقف الجريء فلم ينسوا الذين كانوا يعتقلون من قبل اجهزة النظام الامنية القمعية بسبب وحتى بدون سبب متمثلا بـ (كريم) الذي كان يراقب اهالي المنطقة وابناء جلدته ويجبرهم على التعاون مع النظام ويكتب التقارير عن اهالي المحلة ويرفعها الى الجلاد (مفوض شهاب (الذي كان يعذب المعتقلين حتى الموت بعد ان فقد الكثير من السجناء حاسة السمع والحركة نتيجة التعذيب او كما كان يسمى)شهاب الجلاد ((نتيجة التحقيق) وهو يضحك ويقول للمعتقلين الشباب : اعترفوا احسن الكم قبل ما يبدأ (الحفل..وكان يقصد التعذيب... وهي مصطلح صدامي معروف من قبل السجناء السياسيين )....وهو يضحك ويقول : والله راح العب بيكم طوبة ايها المخربين، وشاهدنا قساوته وهو يفقأ عين احد الشباب تحت التعذيب بقلمه)...
وبفترة قياسية باتت السجون مكتضة بالمعتقلين السياسيين (الشيوعيين والاسلاميين وتنظيمات الاحزاب الكوردستانية) وجراء التعذيب الوحشي مات الكثيرون تحت التعذيب على سبيل المثال (ملا عزيز، امام احد الجوامع في كركوك لانه كان يخطب باللغة الكوردية)، بالاضافة الى الاعدامات الجماعية والتي كانت تنفذ بحق الابرياء وامام اعين الاهالي وفي الساحات العامة بعد ان كانوا يجمعون الناس قسرأ ثم يقومون باعدام المغدورين رميأ بارصاص كما فعلوا مع (16) طالباً لم يبلغوا الثامنة عشرة في ملعب كركوك واتهموا بكتابة شعارات ضد الدولة في احدى مدارس مدينة كركوك بعد ان اشتكى مدير المدرسة (عبدالمجيد ابو شامة) عليهم والذي كان صداميأ اكثر صدام، حيث كان يراقب الطلاب كظلهم ويجبرهم على الانتماء والتطوع في صفوف حزب البعث.... كما يتعرف المتلقي ومن خلال احداث المسلسل على انواع التعذيب الوحشي التي كانت تمارس من قبل (مفوض شهاب) وازلامه ضذ المعتقلين في مسالخ النظام البائد منها : الفلقة، و الحرق بالماء، الضرب حتى الاغماء، قلع الاظافر والضرب العشوائي، وفقئ الاعين بالاضافة الى التعذيب النفسي والسجن الانفرادي ولم يستثنى حتى الاطفال والاحداث...حيث تتعرض حقوق الانسان للانتهاكات على نحو منظم من قبل النظام البائد، والتي تراوحت بين القبض والاحتجاز تعسفأ الى الاعدام القضائي بعد محاكمات صورية جائرة او حتى بدونها دون توضيح للجرائم المنسوبة اليهم ولا اسباب القبض عليهم وكان معظم المحتجزين ممنوعون من الاتصال بالعالم الخارجي، بل ان اسرهم كانت لاتعرف حتى مكانهم...فكان التعذيب البدني والنفسي بصفة روتينية يستخدم اثناء استجواب المحتجزين،وكانت تمارس اساليب التعذيب ضدهم فور القبض عليهم...
شاهدنا ومن خلال احداث المسلسل، كيف كانت القوات الصدامية متمثلة بـ(ميليشيات، قوات طوارئ، جيش الشعبي)وقوات مسلحة حزبية اخرى بقيادة (كريم) واخرين يطبقون خطة طواري اسبوعيأ حيث كانوا يتولون تطويق الطرق الخارجية والداخلية (مداخل ومخارج المدينة)، والقسم الاخر يقوم بفرضيات الاقتحام والقيام بحملات تفتيش لمنازل المواطنيين في مدينة كركوك.... بالاضافة الى ايقاف السيارات المدنية و سيارات الاجرة وتفتيشها من قبل قوات الانضباطية والامن وكان يشرف على سيرتلك العمليات كبار المسؤولين في حزب البعث البائد.... وبعد كل عملية اقتحام كان (كريم) يكتب التقارير ويرسلها الى الجهات المعنية....
منذ بداية المسلسل، ظهر الصراع بين قوتين،الخير متمثلا بـ (درويش هذا الرجل الفقير الذي لايملك غير الكلمة الحقة ) و الشر متمثلا بـ(الجاسوس كريم، رفيق سلطان، رفيق حامد، ومفوض شهاب وزوجته (ام التقارير الرفيقة قدرية) و(سراب)هذه المرأة التي كان لها نفوذ وقوة وسط ازلام النظام البائد ومعروفة بين اهالي مدينة كركوك بانها تستطيع ان تطلق سراح اي شخص كان...لانها تعمل مع الامن).
فكان لـ(درويش) حضور متميز في الدراما حيث كان حاضرأ بكلماته وعفويته وبساطته في جميع المناسبات الحزينة والمفرحة، وذات ليلة وعن طريق الصدفة كشف عن جريمة دفن جثث على طريق ترابي في كركوك من قبل (الجلاد شهاب وعباس وجلادين اخرين) قريبأ من مسكنه بعد ان ٌقتلوا تحت التعذيب الوحشي...
يهدد (درويش) (كريم) الجاسوس بكلبه و يركض ورائه في المحلة ويقول : لاتهرب يا كريم....الكلب لايأكل لحم معفن........!!، وعندما كان يرى ضحايا الحرب العراقية الايرنية و التوابيت الملفوفة بالعلم العراقي فوق سيارات الاجرة في مدينته...كان ينظر الى السماء ويصرخ ويقول : اه يا الهي...اصبح السواد زيأ موحدأ لامهات مدينتي....لابد للتغيير وهدم جدار الصمت.... فالتغيير لاياتي لوحده....نعم يحتاج الى التضحية والاعتماد على ارادة الشعب....،يصرخ (كركوك هذا قدرك ِ....كركوك هذا قدر ابنائك ِ، انها يوم القيامة، يوم الحشر والحساب).....!!
كما يضع (كركوك 4) المتلقي امام احداث ماساوية...فبعد السنوات المريرة من المعاناة الانسانية التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا، نتيجة تعنت واستهتار الطاغية بمصائر الشعب والوطن واستمراره في حربه الجائرة، ونشر الخراب والدمار في ربوع الوطن، اشتد الارهاب حيث قتل عشرات الالاف من المواطنيين في حمامات دم بشعة،في سجون ومسالخ النظام...وبدأ الحملات على عوائل (البيشمركة) وبقرار من مجلس قيادة الثورة تم حجز اموالهم وكل ما يمتلكونه (الدار، المحل، السيارة) بالاضافة الى اعتقال الرجال والشباب وترحيل النساء والاطفال الى المجهول (او كما كان ازلام النظام يقولون للعوائل وللاطفال المحتجزين : (نرحلكم يم المخربيين)...
ونتيجة تفاقم الظلم والارهاب، وتزامنأ مع دخول البلاد طورأ جديدأ من التأزم والاحتقان، لم يجد النظام البائد امام تصاعد وتسارع احداث الغليان الشعبي وخاصة من الشريحة الشبابية وبطولات الرافضين للحرب والطغيان سوى ابتداع اساليب جديدة من القمع والارهاب كهدم البيوت ومصادرة ممتلكاتهم واحتجاز عوائل باكملها ثم ترحيلها كما حصل لـ (كزال)وابنها المريض وبنتها الشابة رغم ان احد اولادها كان من ضحايا الحرب، والتهديد بنهج قطع الانسال للعوائل التي يتهم ابناؤها بالمشاركة في المظاهرات والمواجهات الجماهيرية بعد ان شملت شرارة غضب المتظاهرين مدن عديدة منها)السليمانية واربيل ثم كركوك (والتي وقع على اثرها ضحايا من الطلاب بين قتلى ومعتقلين....
اختصارأ...كان المسلسل عبارة عن صراع قوتين قديمتين جديدتين بنفس الوقت، الا ان هذا الصراع اخذ اليوم ابعادأ واشكالآ خطرة جدأ، تهدد كل شيء باكمله والانسانية بكل ابعادها وطموحاتها في بلد اصبح اسير سموم أخطبوط المحاصصة الطائفية المقيتة التي مزقت البلد اربأ اربا....
(كريم) و(مفوض شهاب وزوجته الرفيقة قدرية وجمعة وعباس) و(مستشاري سرايا الدفاع الوطني) واخرون من ازلام النظام البائد لايزالون موجودين على الساحة السياسية ويرمزون الى قوة خبيثة لايستهان بها ومسيطرة في الحياة اليومية العراقية بشكل عام وفي كافة مفاصل الدولة....، وبرغم تاريخهم السيء والمظلم، فانهم احتضنوا من قبل احزاب تريد التوسع والبقاء الى ما لانهاية وباية طريقة كانت وبكل السبل وللاسف....
نعم...دراما (كركوك 4) عبارة عن تحفة فنية بكل احداثها ومحتوياتها...وليس هذا فحسب، بل ان)ناصر(الكبير والخالد)سعود احمد (ارادو ان يقولوا للمتلقي بان الناس متفاوتون، لذا لم يكن غريبأ ان نرى البعض منهم يتردد في موقف او ينهار وان البعض يبقى كما هو حتى وان هدد بالموت والفناء...، لكن قمة هذه المشاهد كان حين قرر نخبة من ابناء(بابا كَركَر كركوك الملتهبة ) ان ينتفضوا بوجه النظام البائد وهو في اوج قوته، لانقاذ الشعب من قبضة الجلاد وراحوا ينددون به بشعارت وسط المدينة، منها (يسقط النظام البعثي، وتعيش البيشمركة....و كانوا يرددون النشيد الوطني دون خوف او وجل)... وقدموا شهداء وجرحى ومعتقلين استشهد قسم منهم تحت التعذيب الوحشي ودون محاكمة.... حيث كسروا بذلك غرور النظام وازلامه الذين اشاعوا بين الناس بان (الحكومة وضعت اللاقطات في حيطان البيوت) وذالك لقمعهم من جهة و لتخويفهم من الكلام حتى في بيوتهم من جهة اخرى، وعليه صار المثل القائل (للحيطان اذان) على كل لسان بين اهالي مدينة كركوك والعراقيين بشكل عام....
وهكذا، فالصراع كان حقيقيأ، بين الشعب والنظام وازلامه من (الامن، الاستخبارات، الجيش الشعبي، القوات الخاصة و الفرسان افواج الدفاع الوطني)...
(كركوك 4) جعلنا نحن المتلقّين (كبارأ وصغارأ) نحس وكاننا في وسط الاحداث... نتفاعل...نفرح...نحزن..مع المشاهد والمواقف المثيرة...والاكثر من هذا وذاك بقى الصراع مستمرأ حتى أخر مشهد،حين ودّع الشاب (هيوا) صديقه (جورج) الذي دبر له رخصة (عدم التعرض) وساعده للهروب الى خارج العراق عبر مدينة (دهوك)وتمنياته باللقاء به مرة اخرى بعد ان تتحقق احلامهم بمجيء يوم الخلاص من الطاغية وازلامه المنبوذين....ومن جهة اخرى ووسط هذه الاحداث اغتيل ضابط مخابرات في ساحة الطيران من قبل جماعة (شيركو ) وسط كركوك و على اثره تم تطويق بيت الشاب(شيركو) بعد اخبارية (الرفيق جمعة) عنهم وعلى اثره حصلت مصادمة مسلحة بين (شقيقة شيركو) وازلام النظام البائد وعلى اثرها تم قتل المغدورة بعد ان استطاع (شيركو) الهروب من قبضة الجلادين... وعلى اثر الوشاية تم اغتيال (الرفيق جمعة) وسط كركوك من قبل (شيركو) ومجموعته...وكعادته قام النظام باعتقالات عشوائية وعلى اثرها تم اعتقال مجموعة من الشباب ومن ضمنهم الشباب الذين قاموا باغتيال (جمعة) باستثناء (شيركو) الذي استطاع ان يهرب من قبضة الجلادين اثناء نقلهم الى سجن اخر قبل الاقدام على اعدامهم رميأ بالرصاص....
انتهت احداث الجزء الاول من دراما (كركوك 4) بهتافات الشباب الذين تحدوا اعتى نظام بشجاعتهم النادرة وهم مربوطين باعمدة وعيونهم معصوبة في ساحة الاعدامات يواجهون الطلقات بصدور عارية وهم يصرخون (تعيش الشعوب وتسقط الديكتاتورية.... !! ازادي بو كٌه لان...اي الحرية للشعوب)...وبكلمات (درويش) عندما صرخ وقال (أتَى الفَيَضَانُ....انه الفَيَضَانُ.... الفَيَضَانُ... لن يستطيع اي شيء ان يوقفه ) !!...................
ردود فعل المتلقي في المهجر تجاه (كركوك 4) :
لم استطع اخفاء اهتمامي كاعلامي بمراقبة ردود فعل المتلقي تجاه (كركوك 4)، حيث قمت باستطلاع متواضع لاراء مشاهدي الدارما في المهجر والقاء بعض الاسئلة عليهم... وكان الجواب تقريبأ موحدأ حيث اجمعت كل الاراء على انهم استمتعوا باحداثه وتفاصيله النابعة من الواقع، حيث جعل من المتلقّي ان يحس وكانه وسط الاحداث... ليس فقط هذا بل اعاد بالمتلقي الى وسط الاحداث ومعايشته ايّاها مرة اخرى وبتفاصيلها....فالكل احس وكان الدراما تحكي عن قصته هو بذاته وما جرى له ولعائلته وابناء مدينته بالرغم من ان البعض كانوا من سكنة مدينة (اربيل)واخرين من (السليمانية) و(دهوك)ومناطق كوردستانية اخرى حيث اعادت الدراما الى اذهانهم ازلام النظام البائد على سبيل المثال (ملازم محسن سيء الصيت في السليمانية، ملازم غسان العمري، ابراهيم زنكنة و ابو صدام، ابو حقي، غني رشيد، غازي وحسن عارب المختار في اربيل، قاسم اغا في كويسنجاق، ممو الجاسوس في اربيل، حسين محمد لطيف البرزنجي، المستشار قادر شفيق الدلو، المستشار برهان علي شواني، المستشار فاتح طاهر البرزنجي، المستشار كمال حاتم الكاكائي ومدحت محمد الداودي في كركوك وكرميان) واخرين...، بمعنى اخر لقد عادت بهم الدراما الى الماضي القريب بالأمه وافراحه.. لانها نابعة حقأ من الواقع الاجتماعي وليس من نسج الخيال كما عبّر المشاهدون....
والاكثر من هذا فلقد استوعب اطفالهم الذين كانوا يعرفون القليل عن خلفيات ابائهم السياسية.. سبب اقامتهم في بلاد الغربة، حيث سهلت الدراما على ابناء الجيل الجديد وساعدتهم على استيعاب وفهم معاناة ابائهم عوائلهم الذين تركوا البلاد قسرأ وهربوا الى بلاد الغربة خوفا على حياتهم من بطش وهمجية النظام البعثي البائد....
نعم كما هو معلوم بان المتلقي يرغب بان يحس و يعي تقديم اعمال حين يراها و يحس بها ويعرف انها موجودة او كانت موجودة على ارض الواقع كمادة معرفية مشوقة وليس مجرد اعمال سطحية مقلدة من نسج الخيال ومليئة بالحوارات المملة...واعتقد ان (كركوك 4) حققت هذه الغاية وعن جدارة....اسوة باعمال الدراما التاريخية للدول المتقدمة من جميع النواحي والناحية الفنية تحديدا التي تقدم لمتلقيها بطريقة مشوقة جدا والتي تطلع من خلالها الانتقال من مراحل تاريخية مرت بها في الماضي بكل مشاكلها الى مرحلة جديدة مبنية على المساواة والاخاء والمواطنة الحقيقية...اي عكس ما نراه في اعمال دراما دولنا العربية التي تؤجج الصراع الطائفي باحداثه المبالغ فيها من العنف والقتل والاختطاف......
نقطة مهمة اخرى حققتها الدراما وبنجاح هي : انها استطاعت وبجدارة ان تقدم رسالة السلام والتسامح والتعايش وذالك من خلال عقائد ومذاهب وقوميات الممثلين الذين شاركوا في هذا العمل مستخدمين كل مواهبهم الثقافية وحبهم للجمال والمعرفة والتاريخ والتراث متمثلا بالشباب : (الكوردي هيوا، والكلداني جورج شقيق المغدور (اشور) الذي اعدم في سجن ابو غريب ورحلت عائلته بعد ان تم بيع داره في المزاد العلني، والعربي (عدنان).... والتركمانية (فاطمة) بنت (محمد زينل، التركماني الكركوكي ابأ عن جد) وشقيقة (عباس) الذي كان اسير حرب...والتي انتحرت بعد ان سفرت عائلتها الى اربيل وهي كانت في المدرسة وعندما عادت الى البيت فوجئت بالخبر السيء و على اثره اقدمت على الانتحار داخل بيتها بعد ان ابت ورفضت ان تترك مدينتها حيث فضلت الموت على الترحيل القسري (قلعها من جذورها)وترك موطن الطفولة والصبا من جهة و طرح وجه اخر للواقع العراقي من خلال كشف حقائق تاريخية بدون رتوش لم تتناولها شاشات التلفزيون سابقأ من جهة اخرى...وهذا دليل على ما حققه (كركوك 4) من نقلة نوعية مميزة وفريدة في تاريخ الدراما ليس فقط على مستوى العراق بل على مستوى المنطقة ايضأ بعيدأ عن ما نراه اليوم من الحساسيات والتنافرات بين القوميات والطوائف والمذاهب وللاسف....
سؤال يطرح نفسه بالحاح :
والان ناتي الى السؤال المعتلج في الانفس ونقول لـفضائية (كورد سات، كوردستان تي في) : لماذا تفضلون الاعمال الدرامية الاجنبية (الكورية، الفارسية، التركية) المدبلجة التي لاتخلو الشاشة منها و لاتمت بصلة الى واقع حال المجتمع الكوردستاني لامن قريب ولا من بعيد، وتفضلوها على الاعمال المحلية التي تنبع من الام ومعاناة الشعب كدراما (كركوك 4) ؟ اليس هذه الاعمال المدبلجة والغريبة على مجتمعاتنا تعمل على تشويه العقول والافكار وحث العنف داخل المجتمع الكوردستاني ؟ الا يستحق ان يكون دراما (كركوك 4) ليس فقط ان يعاد في الفضائيات الكوردية لمرات بل ان يقدّم ويدرّس في المدارس لاخذ العبرة واستلهام الدروس من الماضي القريب من جهة ومن جهة اخرى من اجل ان نسهم جميعأ في البناء بعد الخراب والدمار الذي سببه النظام الدكتاتوري البغيض، بناء عراقأ تعدديأ مسالمأ، يحفظ كرامة المواطن دون تمييز قومي او ديني او طائفي او سياسي، ليكون وطنأ حرأ ويعيش فيه الجميع سعداء... وايضأ لطرح هذا الواقع المؤلم على الجيل الجديد الذي لايعرف الكثير وللاسف عن تاريخ وطنه وشعبه وما حدث للناس على يد النظام البعثي البائد من الحروب والمسالخ والانفالات والاعتقالات العشوائية والقبور الجماعية وزرع بذور العنصرية والشوفينية والطائفية المقيتة داخل المجتمع وعن سياسة التعريب والتهجير والتبعيث السيئة الصيت....
لم يبقى لي الا ان احيي الاستاذ الكبير(ناصر حسن)لجرأته وشجاعته النادرة حقأ والذي امتعنا بهذا العمل الراقي ومعه اجيالآ من الفنانين والاعلاميين والمخرجين، والمصورين الكركوكيين الشباب الذين تربّوا على يديه و هو لايزال في اوج عطائه وعمله المثمر في خدمة الانسان والانسانية بفنه الراقي وخبرته الجمة...وان اخراج هذا العمل في كركوك وفي هذا الوقت تحديدأ هو تحدي كبير ورسالة الى المغرضين الذين يريدون تشويه التاريخ من جهة والارهابيين الذين اردوا ان يسكتوا صوت (ناصر) الكبير في(27/4/2004)عندما تعرض الى محاولة اغتيال من قبل الإرهابيين فى الموصل من جهة اخرى، ورسالة لكل من يهمه الامر مفادها : (سينتهي حكم الجلادين مهما طال...وان الشعب سيغذ الخطى الى الامام، مزيحأ مخلفات الدكتاتورية وأثامها، ليلحق العراق بمسيرة التاريخ وركب الانسانية...وستبقى كركوك مدينة التاخي والتعايش السلمي لجميع مكوناتها المتجانسة منذ القدم وفي بلاد سنت فيها أولى الشرائع في التاريخ)................
كما اتمنى ان يقدم له كل الدعم والتمويل لاكمال الاجزاء الاخرى من (كركوك 4) التي تمتد من اواسط الثمانينات مرورأ بـ(انفال البارزانيين ومجزرة حلبجة هذه المدينة الكوردية المسالمة الهادئة التي ضربها النظام الفاشي بالاسلحة الكيمياوية.. والانفال بمراحلها الثمانية بعد وقف الحرب الاجرامية مع الجارة ايران بايام معدودة، ووفق خطة استهدفت ابادة اكبر عدد من سكان كوردستان والتي راح ضحيتها الالاف من ابناء الشعب الكوردي، اغلبهم من النساء والاطفال والشيوخ بالاضافة الى تدمير الالاف من القرى والقصبات عن بكرة ابيها وانتفاضة اذارالجسورة، والاقتتال الداخلي المدمر بين الحزبين (الاتحاد والديمقراطي) وسقوط الصنم والانتخابات والاحداث المثيرة والمهمة الاخرى التي مرت على البلد والشعب...وان يقدم له الدعم المادي والمعنوي من قبل الجهات المعنية وفي مقدمتها رئاسة الاقليم ممثلة بـ (السيد مسعود البارزاني) ورئيس الحكومة السيد نيجيرفان البارزاني ووزارة الثقافة ووزارات معنية اخرى والفضائيّات الكوردية في الاقليم لتوثيق وبطريقة فنية راقية ماضينا بكل افراحه واتراحه...
وانحني اجلالا واكبارأ لكاتب السيناريو والحوار الغائب الحاضر الاستاذ(سعود احمد) والذي سيبقى خالدأ باعماله وفكره النير و لكل من شارك وساهم في انجاح (كركوك 4)..هذا العمل النادر والنابع من الواقع حقأ في تاريخ الدراما العراقية وخاصة الفنانيين الشباب الذين ابدعوا في ادوارههم وفي استعراض هذه الحقبة الملئية بالتناقضات و بالقرارات الجائرة وقسوة المعارك والحرب وكسر جدار الصمت والخوف رغم الارهاب والقتل والمقابر الجماعية، ووعوا مسؤليتهم الحقيقية تجاه الوطن والشعب لالقاء الضوء على صفحات تاريخنا الممتزجة بغبار النسيان رغم الانكسار والتراجع والالام والمآسي....
نعم ان واقعية دراما (كركوك 4 )وعدم انحيازه لجهة دون غيرها هو سبب نجاحه الساحق، حيث لم يقتصر فقط على ماساة قومية معينة، بل شملت جميع القوميات والطوائف الكركوكية بشكل خاص والعراقية بشكل عام...،ولكن بنسب قد تكون مختلفة من قومية الى قومية اخرى وذالك حسب الحقائق التاريخية والجغرافية لمدينة كركوك المتاخية والتي هي معروفة للقاصي والداني، وكما هو معلوم بان الماضي رغم الامه ومواجعه قد حدث والكتابه عنه يجب ان تكون كما حدث حينه دون التلاعب به...لانه قد اصبح من التاريخ شئنا ام ابينا.
كما ارجو من النقاد ان يقيّموا العمل بموضوعية ومهنية بحتة بعيدأ عن الارتجال والانفعال والعاطفة والشخصنة... للاستفادة من الاخطاء والهفوات، لانه و كما يقال بان الإنسان الوحيد الذي لا يخطأ هو فقط ذلك الذي لا يعمل....!! نعم... مزيدأ من التدقيق والنقد المنصف في حقائق زمن واحداث مؤلمة صارت جزءاً لايتجزأ من تاريخ العراق الحديث.
اخيرأ hellip;.
احيي المخرج الكوردي العملاق(ناصر حسن)الذي وضعنا جميعأ امام احداث واقعية مرت على الشعب العراقي في فترة زمنية لا يحسد العراق عليها...بالاضافة الى كشف حقائق نابعة من عمق المكونات العراقية الاصيلة الممتزجة بافراحهم واتراحهم وماساتهم في ظل اعتى نظام عرفته المنطقة برمتها، مما يجعلنا نفكر مليأ بما حدث ويحدث لنا ولبلدنا اليوم ايضأ وخاصة لـ(كركوك)التي لاتزال تعاني من قرارات ومرسومات صدامية جائرة تنخر في جسدها رغم سقوط الصنم في 2003...
انتهى

1 (ناصر حسن) مخرج كوردي معروف اكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدينة خانقين عام 1965، درس فى معهد الفنون الجميله فى بغداد 1966-1971 وعمل مبكرا في الوسط الفني(الإذاعي والتلفزيوني والمسرحي) في فترة دراسته في المعهد المذكور، وساهم في تأسيس: فرقة (اتحاد الفنانين العراقيين) وقدمت باكورة أعمالها وهي مسرحية(طنطل) تأليف طه سالم وإخراج محسن العزاوي عام 1968، فرقة مسرح الرافدين للتمثيل / بغداد عام 1969، جمعية الآداب والفنون الكوردية / بغداد عام1970، شركة الشمس للإنتاج السينمائي والتلفزيوني 1988، وعمل مخرجا في الإذاعة العراقية وأنجز العديد من الأعما ل البرامجيه و الدرامية، وعام 1971 دخل تلفزيون العراق (كمخرج) واختص في إنتاج الأفلام التسجيلية والوثائقية قياس(16 ملم) في مجالات الثقافة والتراث والتاريخ وشاركت أفلامه في العديد من المهرجانات المحلية والإقليمية والدولية ومنها : مهرجان أفلام وبرامج الخليج في الكويت عام 1976 بفلم (خذوهم صغاراً) سيناريو هادي حيدر، المهرجان الأول لأفلام وبرامج فلسطين 1976 ببغداد، مهرجان موسكو للأفلام السياحية عام 1980 بفلم (الطبيعة الكوردية)، مهرجان مونت كارلو الـ18 للأفلام ذات المواضيع البيئية بفلم القارب البردي دجلة عام 1981، مهرجان الطفولة اليونسيف عام 1982 في فيينا (النمسا) بفلم (خذوهم صغاراً)، مهرجان البساط الأخضر في برلين ألمانيا الديموقراطية عام 1983 بحلقة من المسلسل (الريف الجديد) عن النخيل في العراق، مهرجان الأفلام الزراعية في سيئول (كوريا الجنوبية) لمنظمة فاو عام 1983 بحلقة مسلسل (الريف الجديد) عن الخيول في العراق، مهرجان وارشو 1987 بفلم (بغداد مدينة السلام)، مهرجان كارلو فيفاري جيكوسلوفاكيا عام 1986 بفلم (بغداد مدينة السلام) سيناريو حافظ العادلي، و شارك ايضأ في معظم المهرجانات المحلية السينمائية والتلفزيونية في العراق.
عمل في : الاذاعة الكورديه فى بغداد 1970- 1971، ومن المؤسسين لفرقة الدراما الاذاعية الكورديه واخرج اول مسلسل (كاوه الحداد) دراما للشاعر الكبير(شيركو بيكس) تمثيل (احمد سالار وبديعه دارتاش وفرهاد شريف) واخرون من اعضاء الفرقه، تلفزيون العراق من عام 1971 ولغاية 1991، عمل في ليبيا في عام 1979،عمل في اليمن وعمان والبحرين من عام 1993ولغاية 1996 و ساهم في إعداد كوادر شابة في (الإخراج والتصويروالمونتاج) في هذه البلدان ولا يزال على اتصال مع تلامذته ويتبادل معهم الآراء والأفكاروالإستشارات الفنيه.... عاد إلى العراق وفى إقليم كوردستان عام 1997 وأنجز المشاريع الفنية والإعلامية التالية :تأسيس راديو وتلفزيون إقليم كوردستان ndash; أربيل(harem)و نوروز، وفي عام 1997أقام عدة دورات تأهيلية للكوادر الشابة في الإخراج والتصوير والمونتاج، عمل مستشارا فنيا فى مؤسسة كَولان الاعلامية،ساهم في تأسيس فضائية كوردستان KTV 1998، أسس مديرية الدراما في فضائية كوردستان وتم إنجاز العديد من الأفلام القصيرة والطويلة والمسلسلات التلفزيونية، عمل مستشارا لوزارة الثقافة في إقليم كوردستان للشؤون الفنية والإعلامية في الراديو والتلفزيون والسينما من 1997 ولغاية 2012 وبعد سقوط النظام العراقي انتخب كأول رئيس (لاتحاد الإذاعيين والتلفزيونيين العراقيين) المركز العام فى 26-6-2003 وفي 1/10/2003 استلم إدارة تلفزيون كركوك شبكة الإعلام العراقي وتخرج على يديه العشرات من الكوادر الشابة فى كركوك....وفي 27/4/2004 تعرض الى حادث اغتيال من قبل الإرهابيين فى الموصل وابتعد عن عمله الإداري والفني لمدة سنة واحدة وعاد الى العمل فى نيسان 2005 فى كركوك.
انتخب فى ايلول 2006 عضو لجنة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة (AMARC) للاتحاد الدولى للاذاعات المجتمعيه وممثل العراق لحين المؤتمر العاشر فى 2010. وفى 31/10/2008 غادر شبكة الاعلام العراقى ليعمل مستشارا بوزارة الثقافه فى حكومة اقليم كوردستان، فى 1/11/2008 عمل فى قناة ((i.tv وكان احد مؤسسيها ويعتبرها اتعس فترة فى مشواره الاعلامى لسوء ادارة القناة من قبل اشخاص غير حرفيين بالاعلام التلفزيونى.، فى 28/6/2009 استلم ادارة المديريه العامه للسينما فى الاقليم ولمدة سنتين ونصف ثم قامت الوزاره بحلها والحاق السينما كمديريه الى المديريه العامه للرياضة والثقافة والشباب والفنون........ حاليا متفرغ للعمل الفنى كمخرج.
ابرز أعماله الفنية:اخرج مسلسل (الكشاف) لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك في الخليج العربي الكويت من تمثيل الفنان الكويتي (عبد الله حداد) وتم تصويره في العراق.، اخرج أضخم إنتاج برامجي في العراق بعنوان (الريف الجديد) من سيناريو محمد الجزائري في 52 حلقة دام تصويره (3 سنوات)، اخرج للتلفزيون أكثر من 500 اغنية كورديه وعربيه وسريانية وتركمانيه منذ عام 1970 لغاية 2000.
يعتبر ناصر حسن رائدا في تصويره للدراما وإخراجها من الاستوديوهات إلى الطبيعة بالكاميرا المحمولة
منذ عام 1980 عراقيا وإقليميا واخرج العديد من الأعمال الدرامية والغنائية والبرامجية ومنها: مسلسل (زالة) (الدفله) لفرقة السليمانية للتمثيل عام 1985، (الحجر في مكانه ثمين) بطولة (على افندى عام 1986)، فيلم ضيف بلا موعد تاليف (جتو حسن) عام 1983 لفرقة الثقافه فى اربيل، فليم(لاس وخه زال) عام 1981 لفرقة فنون اربيل، قلعة دم دم ndash;مسرحيه للمخرج سعدون يونس صورت تلفزيونيا ومنعت من العرض عام 1984 بامر من دائرة امن كركوك فى زمن النظام السابق.، فلم الكاتب الظريف ndash; سيناريو حافظ العادلى ndash;بطولة كامران رؤوف وفرميسك مصطفى - من إنتاج شركة الشمس للإنتاج السينمائي والتلفزيوني وتصوير غازى فيصل.، البيت الجديد دراما تلفزيونية تاليف(شمس الدين فارس)عام 1984 وقد منعت من العرض بقرار من الامن العامه للنظام السابق، عام 2003 اخرج أضخم إنتاج تلفزيوني كوردي وهو مسلسل (ممي ئالان) من أسطورة شعبية كوردية مثل فيها أكثر من (250 فنان وفنانة) وشارك في المسلسل أكثر من(1000 كومبارس) ويعد هذا المشروع حلم دام 14 عاما وأخيرا أنتجته فضائية كوردستانية KTV في 30 حلقة عام 2002.، انجز عام 2007 عدد من الافلام التسجيليه ومنها : السلم بدل العنف ndash; فى الاعلام العراقى بعد نيسان 2003، كركوك 67 فى ذكرى مرور 40 عاما على تاسيس تلفزيون كركوك.، صوت الجوز.. فلم تسجيلى حول حياة سكان الجبال فى اقليم كوردستان وشارك الفلم بعدة مهرجانات دوليه.، اخرج مسلسل (كر كوك 4)من 25 حلقه ومثل فيه اكثر من 200 ممثل وممثله وجلهم من الشباب.. الذي عرض في رمضان الحالي...كما قام بإعداد وتقديم العديد من البرامج الثقافية والفنية في الفن التشكيلي والمسرح والسينما والتراث والفولكلور وله حضور متميز في هذا المجال الفني حيث يحمل تجربة أكثر من 40 عاما من تاريخ الفن العراقي المعاصر بشكل عام والفنون والثقافة الكورديه بشكل خاص، وعمل كممثل في المسرح والتلفزيون والإذاعة والسينما العراقية ومنها: الفلم السينمائي (طريق الظلام)إخراج مؤيد وهبي عام 1966 بدور كومبارس وكان هذا اول لقاء له بالوسط الفنى ومشاهدته لاجواء البلاتوهات السينمائيه والممثلين والفنيين وتعرف لاول مره على الشريط السينمائى والذى كان حلما رافقه منذ الطفوله مسلسل (التوهان) في جمهورية اليمن تلفزيون عدن إخراج محمد الدعيس1995، (الرجوع للأرض) تلفزيون بغداد من اخراج فؤاد معروف.1971، (الطاحونة) دراما تلفزيونية من اخراج حافظ عارف على المسرح تاليف على حسن البياتى واخراجها للتلفزيون (فؤاد معروف).1972، ( الحياة) فلم روائي من إخراج جانو روز بياني عام (2002 في اقليم كوردستان العراق) عن كارثة حلبجة.، فلم قصير (قرية نسرين) اخراج زهير عبد المسيح 2000، فلم Kik off للمخرج شوكت أمين عام 2007 صور فى كركوك حاز الفلم على عدة جوائز دوليه.، مسرحية (طنطل)تاليف طه سالم إخراج محسن العزاوي لفرقة اتحاد الفنانيين 1968، (السرطان) تأليف ادمون صبري إخراج سالم شفيق لفرقة مسرح الصداقه1967، (النظارات) تأليف عبد الخالق فلاح إخراج أسامة القيسي لفرقة مسرح الرافدين 1971، (كاوه الحداد) تأليف د. كامل البصير إخراج ناصر حسن على مسرح معهد الفنون الجميله1971، (الطاحونه) تاليف على حسن البياتي اخراج حافظ عارف على مسرح بغداد لفرقة مسرح الرافدين 1972.... أضافة الى اعمال فنية عديده فى ألاذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.