لفت انتباهي ان احد نواب الشعب العراقي المظلوم، في وكالة أنباءالسومرية نيوز، وهو من اعضاء quot;دولة القانونquot; لصاحبها نوري المالكي تكلم..، وليته لم يفعل! و لنسم هذا المسؤول المغوار المدافع عن مصالح العراق والعراقيين، هو الاستاذ عبد السلام المالكي، يقول اخونا عبد للسلام عليه السلام، انه يرفض مطالب اليهود العراقيين بفتح تحقيق لما جرى لهم (من مآسي في بلادهم التي تمتد فيها جذورهم ما يقارب الثلاث الاف عام )، واصفاً تلك المطالب quot;بالحركات الماسونيةquot;!، انا لا اعرف ما دخل يهود العراق بالماسونية، فالماسونية لمن quot;يجهلهاquot; هي منظمة تعاونية عالمية، اعضائها هم خليط من اتباع جميع الاديان بما فيها الدين الاسلامي، فلا علاقة او ربط من قريب او بعيد بمطالب يهود العراق بهذه المؤسسة، هذا اولاً، وثانياً ماهي علاقة فتح تحقيق لظلامتهم مع ما ارتُكِبَ ضد الفلسطينيين؟ فمشكلة الفلسطينيين هي مع الحكومة الاسرائيلية وليست مع يهود العراق!

هل نسيت ما عملتموه بالاجئين الفلسطينيين في العراق بعد التغيير؟ فهم قُصِفوا بمدافع الهاون على بيوتهم في حي البلديات على يد ميليشيات ليست بالبعيدة عنكم، وقتل منهم الكثير وشرد الباقي الى البرازيل! هل كنت تعلم ذلك؟ والفلسطينيين في اسرائيل لو رُكل صبي منهم من قبل جندي اسرائيلي تقوم الدنيا عندهم ولا تقعد، فما علاقة يهود العراق بهم؟ بل العكس فهم تربطهم مع الفلسطينيين في اسرائيل الكثير من الروابط والعلاقات الاجتماعية الطيبة، وهذا كله شأن سياسي غير عراقي يا سيادة النائب quot;العراقيquot;، وكما هو معروف للجميع (ولكن ليس للسيد النائب) ان قضية يهود العراق الذين يسكنون في اسرائيل بسبب اخراجهم من بلدهم عنوة بعد ان أجبروا على تسقيط جنسيتهم العراقية هي قضية غير سياسية بقدر ما هي قانونية وانسانية، فمطلبهم ياسيادة النائب هو مجرد فتح تحقيق اولاً، وهذا المطلب هو مُخالف لارادة حكومة اسرائيل (لو كنت تعلم بتلك الامور كونك نائباً برلمانياً)، فالتحقيق هو لمعرفة من هم الجناة الذين فجروا المعابد اليهودية والقهاوي التي كانوا يرتادها شراكاؤنا في الوطن ونظٍرائنا في الانسانية على رواية امير المؤمنين الامام علي (ع)، ومن قام بسلسلة جرائم الفرهود التي يندى منها الجبين والتي راح ضحيتها العشرات منهم، بعد ان سُرقت بيوتهم ومحالهم التجارية واغتصبت نساؤهم بوضح النهار وبمرئا ومسمع من حكومة رشيد عالي النازية البائسة، فنحن طالما ادعينا بأن الكومة الاسرائلية من كان ورائها، واسرائيل تتهم جهات اخرى بذلك، إذن فلماذا انت خائف من مجرد تحقيق؟ بل نحن من يجب ان نطالب بفتحه كونه يصب في مصلحتنا كوننا ابرياء، ويضيف النائب ان اليهود من ساعد على ضرب العراق!، ترى هل كان قصده في عام 1991، الذي قصف فيه عراق صدام اسرائيل بالصواريخ، ام في عام 2003.

تلك الضربة المباركة والمؤيدة من قِبَل كل المعارضة العراقية كونها اوصلتهم الى سدة الحكم، واما الحصار الجائر الذي فَرضته حليفتكم امريكا على الشعب العراقي، كان حصاراً مؤيَداً من قِبَلْ المعارضة العراقية الاسلامية، فما علاقة يهود العراق بذلك؟ ايها النائب لا يكلفك الكثير لكي تكون مثقفاً، على الاقل بالشأن العراقي، صدقني هي سهلة جداً، سوى ان تتحرر من قيودك وترسبات الماضي المعصب وتقرأ بحرية لترى الحقائق امام عينيك، هذا كله وتقول بأنك تحترم كل الاديان!! ألم يسترجع الكثير من العراقيين املاكهم وحقوقهم التي أغتُصبت في العهد الصدامي، فما الفرق اذن؟، هنا سؤال يطرح نفسه وبشدة هو، ماذا تعرف عن يهود العراق يا سعادة النائب quot;المُطلعquot;؟ الجواب، اغلبهم ينحدرون من أُسر ميسورة الحال تعمل في مجالات التجارة الزراعة والصناعة والادب والفن والموسيقى، تركوا العراق مُجبرين لا مُختارين ليحلوا في بيئة مختلفة تماماً عن بيئتهم، فأضطروا للعيش مع الروسي والبولندي واليمني والمغربي الخ من يهود الشتات، فعانوا ما عانوه واضطروا للعمل في المصانع و المزارع وحقول الدواجن كعمال، بعد ان تركوا قصورهم العامرة على نهر دجلة ومصانعهم ومزارعهم الشخصية ان كانت للحمضيات في ديالى او للشلب في الديوانية، وكذلك تركوا جيرانهم واحبتهم وانبيائهم الذين تشّرفت ارض الرافدين بهم، ويقال إنه حتى البعض من شبابهم من اراد الدخول الى الجامعات الاسرائيلية فلم يسمح لهم حينها بحجة quot;ماذا قدمتم لاسرائيل كي تستفيدوا من جامعاتهاquot;، فبدأوا رحلة مع المعانات طويلة يا سيادة النائب، ثابروا بها وجدوا واجتهدوا حتى اصبحوا اليوم ممن تفتخر بهم اسرائيل برمتها، فأبدعوا تقريبا في كل المجالات من تجارة واعمال حرة الى الصناعات المتطورة، ناهيك عن الادب والثقافة والعلوم الذين هم اليوم روادها، فبدلاً من ان يطلبوا دخول الجامعات، فاليوم لهم اساتذة وباحثين كبار في كل جامعات اسرائيل، والكثير من جامعات العالم كذلك.

وسأبدأ معك ايها النائب بوسيلة هل تعلم البسيطة والسلسة علك تفهمها كون فيها معلومات يجب ان نعرفها جميعاً،
هل تعلم:
١- ان من اوائل المطابع العراقية واكبرها هي مطبعة الحاخام عزرا دنگور في العام 1902، وطبعوا بها القرآن الكريم و امهات الكتب الثقافية، والتي ساعدت تلك المطبعة على النهضة الادبية والعلمية في العراق. والتي من قبلها كانت مطبعة موسى مزراحي في اواسط القرن التاسع عشر.

٢- اول وزير مالية في اول حكومة عراقية عام 1921 هو حسقيل ساسون الذي رفض استلام مبالغ بيع اول شحنة نفط عراقي الى بريطانيا بالعملة الورقية وطلب منهم بدلها ذهباً لعلمه بضعف الجنيه الاسترليني الذي سرعان ما هبط هبوطاً كبيرا وحفظ للميزانية العراقية اموالها، وعملت بريطانيا جهداً كبيراً كي لا يستلم ذلك المنصب الحساس مرة اخرى خوفاً على مصالحها، وكان رحمه الله شديداً في المحاسبة في ما يخص المال العام.. حتى ظهرت عندنا ظاهرة quot;الحسقلةquot; المعروفة عراقياً نسبةً اليه، ورثاه الرصافي بقصيدة عصماء مطلعها:

ألا لا تقل قد مات ساسون بل فقل..تغور من افق المكارم كوكب فقدنا به شيخ البرلمان ينجلي.. به ليله الداجي اذا قام يخطب

٣- مير بصري، اديب وشاعر واقتصادي، كان من الاوائل الذين هيكلوا وزارة الخارجية العراقية، والتي عمل بها مديراً عاماً في اواخر ثلاثينيات القرن الماضي، وبعدها شغل منصب رئيس غرفة تجارة بغداد ( ولم يستورد الشاي المخلوط تراباً وخشباً مصبوغاً او الزيوت الفاسدة لتسسم اجسادنا )!!!!!

فاليهود يا حضرة النائب هم من شارك اخوانهم في الوطن من العراقيين المخلصين في بناء الدولة العراقية، تلك الدولة التي عجزتم انتم واحزابكم حتى عن وضع اللبنة الاولى لها، بل العكس فأنتم هدمتم ما تبقى من اطلالها، وكذلك فهم كانوا يشكلون العصب الاقتصادي للعراق، واداروا ذلك المضمار الحيوي خير ادارة فلم يعرف العراقيون معنى الازمات وفقدان مادة غذائية على حساب مادة اخرى، تلك الازمات التي برعنا نحن بها، ناهيك عن الفن العراقي الاصيل وكيف اثروه وجعلوه الرائد من الفنون العربية وليومنا هذا، هل سمعت بصالح وداود الكويتي وسليمة باشا مراد على سبيل المثال، ناهيك عن المطبخ العراقي الشهير والغني الذي نسيناه نحن وهم من تمسك به بحذافيره ونقلوه معهم الى اسرائيل ليصبح المطبخ الرائد فيها، فهم بمثابة الجذور العريقة بالنسبة للعراق والتي لا يمكن قلعها.
فلا تكن انت والزمان عليهم يا ايها quot;النائبquot; الكريم.

ملاحظة: هلسّوفير هي لازمة تهليل عند زيارة يهود العراق لمزار الكاهن عزرا هسوفير (الكاتب) في مدحه، كتب سفر عزرا (القرن الخامس قبل الميلاد)، حثّ فيه استقرار اليهود في أورشليم.