اعتدنا في دول المنظومة الشمولية اجتماعيا وسياسيا وبالذات في شرقنا الاوسطي العجب، على جملة من السلوكيات والتقاليد إضافة إلى العناوين والمصطلحات وتعاريفها هنا وهناك، ولعله ابرز ما اعتاد عليه المجتمع السياسي هو ما يسمى بالقسم الرسمي الذي يقيمه الرئيس أو الملك لربط موظفيه برباط القسم الغليظ، لكي لا يخونوه ولا يتآمروا عليه باسم الوطن المختزل دوما بسيادته أرضا وشعبا، والغريب إن أكثر من ثلثي من يقسمون اليمين الغليظ يحنثون به، أي يفعلون عكس ما تعهدوا به للقائد الضروة أو الملك المفدى.

ونتذكر جميعا وخاصة من عاصر حقبة الانقلابات الذهبية الحلفانات العظيمة بالله وبكتبه المقدسة وبالشرف الشخصي الذي قطعه كل من حمل نجمة على كتفه أمام الملك أو الرئيس أو من ينيب عنهما، بأنه سيبقى مخلصا وفيا للوطن والملك أو الرئيس وللجيش، كما انه لم يتم استيزار أي وزير قبل أن يحلف بأغلظ الإيمان بأن يكون حاميا للنظام ورئيسه وحزبه وطبعا الوطن وشرفه وماله!؟

واذا ما اضطرينا لذكر بعض الاسماء اختصارا لأنه يصعب أو نذكر هنا قوائم بأسماء اولئك الذين اقسموا بشرفهم ودينهم ومقدساتهم وكذبوا ملأ أشداقهم، وفعلوا بالضبط عكس ما ادعوه جهارا، بل إنهم قتلوا من اقسموا له بحمايته وصيانة نظامه شر قتل، بدءً من الضباط الأحرار في مصر واقرانهم في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومن شابههم، وصولا الى وزراء كل هذه المنظومة الدولية المتميزة بتقاليدها وتأويلاتها وتفسيراتها وتبريراتها لأكثر معضلات الزمن تعقيدا أو قدسية ومنها تبرير الكذب في العهد بحجة إن الثورة تبيح اختراق كل القوانين والأعراف واستحداث منظومة أخرى على إطلال تلك التي دمروها بحنثهم لليمين والعهد!؟

والانكى من كل ذلك أنهم وهنا اقصد كثير من هذه النخب في العديد من المجالات تعودت على إنتاج وصياغة قوانين ومواثيق وتعهدات لا تفرق كثيرا عن ذلك القسم أو اليمين الغليظ، وأطلقت عليها اسم الشرف كما نسمع أو نقرأ مثل هذه العناوين: ميثاق الشرف الوطني وميثاق الشرف الإعلامي و..الخ من الأسماء الكثيرة التي تلصق بها مفردة الشرف دون أي إيضاح بدلالة المفردة وعلاقتها بتلك القوانين، أي بمعنى علاقة التفاعلات السياسية العراقية التي يتم بحثها ويسميها أو يعلقها بالشرف دون أن يوضح لنا أي شرف يقصد؟

هل هو الشرف الغربي الأوربي والأمريكي الذي يعتبر مواضيع الأعضاء التناسلية وحركتها آخر ميزة من ميزات الشرف الشخصي ويعتمد الصدق والإخلاص والثقافة والدقة في العمل، أم انه يقصد الشرف الشرقي الذي يعلق كل مفاهيمه بأعضاء صاحبه التناسلية!؟

ويبقى السؤال عن ماهية الأعضاء التناسلية كعنوان للشرف الشرقي في أي ميثاق سياسي أو اجتماعي وخاصة ما تتوارده الأنباء عن قرب توقيع وثيقة الشرف الشرقي للحراك الوطني، أو ميثاق الشرف الإعلامي!؟

وحينما نصل إلى جواب مقنع سندرك حتما أسباب ما يحصل لبلادنا ليس اليوم بل من عشرات السنين بشرعنة الكذب من خلال أنماط من القسم وإباحة القتل أو التمثيل بالجثث بشكل يتنافى مع ابسط ما تعلمناه في الحياة السوية!

حقا حينما ندرك مأساة تلك التعاملات والتعهدات وآلاف من القسم الغليظ الحنيث، وعناوين براقة مغطاة بشراشف الشرف الشرقي المعلق بالأعضاء التناسلية، نكتشف حقيقة هذا الانجماد الحضاري والتقهقر المرعب في حركة المجتمع وخاصة سياسيا واجتماعيا وثقافيا؟

[email protected]