يبدو ان تجربة مصر قد اثارت الشجون في بلدان عربية مختلفة خاصة وان تدخل الجيش جاء بشكل مدعوم شعبيا وقد سجل سابقة احد اهم مرتكزاتها فشل الاحزاب الاسلامية الذريع في ادارة دفة الامور وقد يكون السلوك الاخواني الغريب والطائش في بلد بحجم مصر مدعاة للدهشة والتامل عن واقع الحركات والاحزاب الاسلامية العربية.

وفي بلد بوزن العراق وفي تجربته الجديدة خلال عشرة سنوات مضت مع حكم الاحزاب والتيارات الاسلامية سجلت الكثير من المآخذ السلبية والتي بدات تتراكم بشكل مستفز لمشاعرالكثيرين حتى من بعض المحسوبين على الاسلاميين انفسهم، وقد يكون حجم الفساد المالي الذي انعكس على الخدمات ومفردات الحياة اليومية من أهم هذه المآخذ لكن وفي جانب أساسي اخر تغيب رموز الثقافة ومرتكزاتها العريقة وشروطها الرئيسية ودفع الامور باتجاه واحد دون غيره لايقل خطورة عن غياب الخدمات نفسها،لان نمط البناء الثقافي المجتمعي هو اساس ملح لاي بناء اخر.وايضا سمة اخرى رافقت هذه المرحلة من خلال تغيب الكفاءات العراقية والتحسس المفرط والمواقف الاقصائية التي اتخذتها غالبية الاحزاب الاسلامية اتجاه حتى الكفاءات الوطنية المستقلة في مؤشر خطير جدا على تغلغل المحسوبية والانغلاق الحزبي في الاداء الرسمي للدولة.

ولهذه العوامل وغيرها ومع توافر الارهاب بقوة غير مسبوقة يبدوا ان البعض يرى استدعاء التجربة (السيسية) اصبح شر لابد منه في العراق لاعادة الامور الى نصابها المنطقي. لكن مثل هذاالاستدعاء يحمل مخاطر غير صحية في بلد اصبح لصندوق الاقتراع حيز لايستهان به وايضا لابد من الاشارة ان المؤسسة العسكرية غير مكتملة البناء والانضباط وهذه احد اهم اسباب الخطورة، ثم ان الاحزاب في العراق توطنت الحكم وهيمنت على مقدراته وتشعبت وتشاكبت مصالحها مع الداخل والخارج وكل ذلك جرى تحت يافطة الانتخابات الديمقراطية وان كانت هي التي تقوم برسمها على مقاساتها الخاصة!

لذلك اعتقد ان العراق ليس بحاجة الى السيسي المحلي في وقتنا هذا بل بحاجة الى زعيم الوطنية العراقية وصورة الانسانية السياسية الوطنية التي يمثلها عبد الكريم قاسم لكن بلباس مدني وفكر منفتح وضمير حي وارادة صلبة في مواجهة تؤام الفساد والارهاب والاقصاء و مع الاصرار على الاعمار والبناء.

لقد استشهد الزعيم وفي رصيده دينار ونصف وبيته ايجار وليس ملكه الخاص ولم يمنح نفسه رتبة عسكرية واحدة غير مستحقة وبقي اخوه نائب ضابط ولم يخرق القانون لترفيعه او منحه رتبة ولم يسجل عليه ألد اعدائه اي محسوبية في المناصب والتعين وخلال اربعة سنوات فقط بنى واستحدث قاسم 80% من احياء بغداد التي نعرفها الان وكل المحافظات الاخرى.

اعطونا شخصا مثل قاسم ولايهم ان كان مدنيا او عسكريا او حتى معمما وسترون العراق خلال اربعة سنوات قادمة ومع موازنة متوقعة ب 800 مليار دولار اين سيصل.

[email protected]