اخر ازمات العراق بلد الازمات المتتالية والمستمرة هو قانون الانتخابات الجديد الذي بدونه لن تكون هناك في 2014 انتخابات جديدة ولا برلمان جديد.

ابتداء العراق ليس بلد ديمقراطي وإنما بلد لديه مشروع للديمقراطية وهذا المشروع يتعرض باستمرار الى محاولات اغتيال وقتل عمد من قبل اكثر من طرف اقليمي وداخلي لأسباب معروفة و ساهم فشل الطبقة السياسية الحاكمة في ادارة البلاد اكثر فأكثر على ترسيخ المفاهيم والممارسات اللاديمقراطية وترسيخ عبادة الفرد وتركيز السلطات والتفرد بالقرار المركزي والتوجه نحو بناء نظام دكتاتوري تحت واجهة من الشعارات البراقة عن الديمقراطية والحرية والعدالة والنتيجة هي بلد يعيش حرب اهلية طائفية غير معلنة وفساد رهيب صنف العراق على اساسه ثاني او ثالث دولة فاسدة على نطاق العالم وأيضا سلسلة من الازمات التي لا تنتهي فالذين يمسكون بزمام الامور يرون في اسلوب الازمة ومخلفاتها ضمان لبقائهم في السلطة ونهب ثروات البلاد ولذلك فأن موضوع الانتخابات وإقرار قانون جديد هو فرصة ذهبية لكل هؤلاء الذين يشكل الهم الوطني اخر شيء يمكن ان يفكروا فيه وإلا ما المانع من اعتبار العراق دائرة انتخابية واحده على سبيل المثال لا الحصر ففي اعتبار العراق دائرة انتخابيه واحدة يمكن للمواطن في أي جزء من العراق منح صوته لمن يريد في أي مكان اخر من العراق شخصا كان او قائمة وهذا بالتأكيد يخدم اولا كل المهجرين من اماكن سكناهم نتيجة الحروب الطائفية المنظمة والتي ادت الى تهجير مئات الالوف من العراقيين داخل وطنهم وثانيا تخدم الاقليات القومية و الدينية فالمواطن التركماني الموجود في البصرة يمكن ان يدلي بصوته لصالح مرشحه او قائمته في الموصل والمواطن الكوردي الفيلي (قرابة مليونين مواطن محرومين من اغلب الحقوق التي يتمتع بها بقية العراقيين ) الموجود في الانبار يمكن ان يصوت لصالح مرشحه في بغداد وكذا الامر بالنسبة للصابئة واليزيدين و....الخ

كون العراق دائرة واحده يضمن صوت المواطن العراقي وحريته في اختيار من يمثله اينما كان محل سكنه على عكس تقسيم العراق لدوائر انتخابية ايا كان عددها اذ في الحالة الاخيرة تضيع اصوات كل الامثلة التي ذكرناها اعلاه فهي لا تشكل من حيث المجموع رقما مهما في الدائرة الانتخابية التي تتكون من اكثرية اخرى.

ايضا وفي الانتخابات السابقة حصلت قوائم معينة كالتحالف الكوردستاني على عدد اكبر من الاصوات او مساوي للقوائم الكبيرة الفائزة ولكن بحسب نظام الدوائر الانتخابية كان عدد مقاعد التحالف اقل بكثير من القوائم الاخرى وهو إجحاف واضح بحق المواطن العراقي الكوردي وحرمان من حقه المشروع الذي كان من الممكن ضمانه لو كان العراق دائرة انتخابية واحدة.

ما سبق مثال واحد على نوعية الازمات التي يخلقها حكام العراق المتمسكون بالسلطة لعرقلة أي توجه نحو ترسيخ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحل مشاكل البلاد التي تقف بسببهم على شفير هاوية التقسيم وفي التحليل الاخير فان أي قانون انتخابي هو وسيلة لضمان مشاركة المواطنين في الادلاء بصوتهم لصالح من يختارونه وتنظيم ذلك بما يتفق وممارسة المواطن لحقه المشروع ولذا فالأزمة الحالية التي يقودها بشكل اساسي ممثلو السلطة في البرلمان العراقي ويصرون على تعقيدها ليست إلا جزء من السياسة التي مارسوها طيلة العقد الماضي هذه السياسة التي يرفضها الشعب العراقي كما بدا من نتائج الانتخابات المحلية ومن اجل بسط سيطرتهم مرة اخرى والوقوف بوجه الرفض الجماهيري يصرون على تعدد الدوائر الانتخابية التي تمنحهم فرصة التحكم بالأصوات وإبعاد التنظيمات الجديدة الصغيرة النامية من الوصول الى البرلمان ولذا فانه من الضروري ان تقف القوى الوطنية الديمقراطية بوجه هذه المحاولة والتي ان قدر لها النجاح ولم تتوصل الى حل موضوعي عادل فالنتيجة ستكون تكريس كل ما شاب العملية السياسية في العراق من خلل ومساوئ وفساد ولو الى حين.

*[email protected]