1

عندما تأتيك إساءة من شخص مطلوب للقضاء بتهم جنائية مشينة مثل الاغتصاب والقتل قد تشعر بالامتنان له لأنه سيعطيك فرصة للحديث عن مناقبك الشريفة في إزاء مثل هذا الشخص.

وقبل أيام أساء إلي النائب صباح جلوب الساعدي، من على شاشة البغدادية quot;المناضلةquot; من دون وجه حق، عندما اتهمني ضمنا بالفساد عبر حصولي على منصب في هيئة الاعلام والاتصالات لم أكن استحقه لأنني لا أحمل شهادة جامعية.

وقد شرحت ملابسات هذا الموضوع بكل صراحة وبالشهود والأدلة، وسأكتفي اليوم بايراد بعض النقاط من سيرة الشيخ جلوب، الذي يقدم نفسه يوميا كبطل للنزاهة ومقارع لا يجارى للفساد.

قال راضي الراضي رئيس هيئة النزاهة السابقquot;إن رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة البصرة خزعل الساعدي، شقيق النائب صباح الساعدي، هو المسؤول عن تهريب النفط في البصرة، لافتا إلى وجود فساد كبير في ميناء البصرة وأن خزعل الساعدي لا يفعل شيئا حيال ذلكquot; وهي تهمة أخرى بالشراكة في تهريب النفط.

وفيما يخص الاتهامات الموجهة إليه من القضاء العراقي، يقول القاضي جعفر محسن رئيس محكمة استئناف الرصافة في تصريح منشور بتاريخ 29/ 1/ 2013 ان quot;هناك ثلاث جرائم منسوبة الى النائب صباح الساعدي وصدرت بحقه أوأمر قبض أرسلها القضاء الى مجلس النوابraquo;، مبيناً ان quot;هذه الجرائم هي قتل واغتصاب فضلا عن غسيل أموال لعمليات تهريب النفط في البصرةquot;.

وطالب القاضي محسن حينها quot;مجلس النواب برفع الحصانة عن الساعدي من أجل تقديمه الى العدالة وإجراء محاكمته على هذه الجرائم على وفق القانون العراقيquot;.

هذه quot;شذراتquot; من سيرة الشيخ وهي تتضمن اتهامات صريحة صادرة من مؤسستين تعدان حارستين للقانون في البلاد هما القضاء العراقي وهيئة النزاهة.

(2)

عندما بدأت العمل في الصحافة عام 1973 بصحيفة طريق الشعب الشيوعية لم يكن النائب الشيخ صباح جلوب الساعدي قد ولد بعد. وقبل أن ترى عيناه النور ويظهر على الدنيا كنت قد اعتقلت ثلاث مرات في الأمن العامة وأمن بغداد وأمن مدينة الثورة، في سنوات 70 و72 و73 وكانت التهم الموجهة إلي هي معارضة النظام الديكتاتوري وتوزيع منشورات أحزاب المعارضة. وتعرضت خلال هذه الاعتقالات الى كل أشكال التعذيب والاهانة.

وعندنا ولد الشيخ صباح جلوب بعد ذلك بسنوات كنت قد أصدرت مجموعتي الشعرية الأولى في بغداد وصادرتها الرقابة من الأسواق بعد أيام لانزعاج النظام من قصائدها. وفي العام 1978 صدر علي إلقاء القبض فتركت وظيفتي في زارة العمل والشؤون الاجتماعية واختفيت عن أنظار الأجهزة البوليسية أشهر عدة، وكان عمر الشيخ جلوب لا يتجاوز الثلاث سنوات. وفي نهاية العام 79 أضطررنا أنا والمئات من مثقفي وأدباء وإعلاميي العراق الى ترك وطننا مجبرين نحو المنافي، وكان الشيخ لا يزال في الصف الأول الابتدائي أو في الروضة لا أدري.

وعندما كنا ننتقل من عاصمة عربية الى أخرى للبحث عن لقمة العيش طوال سنوات المنفى التي بلغت خمسة وعشرون عاما، كان الشيخ، كما تقول سيرته الشخصية قد تخرج من كلية التربية الرياضية، التي كانت مغلقة أصلا على المنتمين لحزب البعث، كما هو معروف للجميع.

ومنذ عدت الى العراق بعد 2003 مع من عاد من العراقيين المنفيين، قدمت خدماتي لعدد من المؤسسات الاعلامية فعملت مشرفا على البرامج في شبكة الاعلام، ثم نائبا ورئيسا لتحرير صحيفة quot;الصباحquot; ثم عضوا في مجلس امناء الشبكة وبعدها مستشارا في هيئة الاعلام والاتصالات ورئيسا لتحرير مجلة الرصد الاعلامي، كما كنت مؤسساً ومعداً لبرنامج quot;جدل عراقيquot; وهو واحد من أهم البرامج السياسية، التي فازت بجوائز تقديرية في قناة السومرية.

ولم اترك في جميع هذه المؤسسات سوى الأثر الطيب اجتماعيا ومهنيا وأخلاقياً باعتراف غالبية من عملت معهم.

وبعد كل هذا المشوار الذي لم أخرج منه بغير الأمانة ونظافة اليد وسلامة الضمير وشظف العيش، في العراق الجديد، يأتي بطل النزاهة المزعوم الشيخ صباح جلوب ليلوح، من شاشة البغدادية quot;المناضلة، بورقة مسروقة من هيئة الاعلام والاتصالات يتهمني فيها بالتطفل على منصب حكومي من دون مؤهلات.

سأكتفي بهذا المقال عن الشيخ صباح واعتذر للقراء لأنني اضطررت لكتابة سيرة شخصية هدفي منها تبيان الفارق بين مناضلي ذلك الزمن الصعب ومناضلي هذه الأيام التي اختلط فيها النظيف بالمشبوه.