تزوج رجل من امرأة جميله جدا جدا وأحبها جدا.. وجاء وقت انتشر فيه مرض يسبب الدمامل...... في البشرة ويشوه المريض تشويه كبير جدا.. وفي يوم شعرت الزوجة الجميلة بأعراض المرض وعلمت انها مصابة به وستفقد جمالها.. لكن زوجها كان خارج البيت لم يعلم بعد بمرضها.. وفي طريقه للعودة أصيب بحادث أدى لفقد بصره وأصبح أعمى..

وأكمل الزوجان حياتهما الزوجية يوما ور...اء يوم الزوجة تفقد جمالها وتتشوه اكثر واكثر, والزوج أعمى لايعلم بالتشوه الذي أفقدها جمالها بل تحول من جمال الى قبح.. واكملو حياتهم 40 سنة (أربعين سنة ) بنفس درجة الحب والوئام لهما في أول الزواج.. الرجل يحبها بجنون ويعاملها باحترامهم السابق وزوجته كذلك.. إلى أن جاء يوم توفت فيه زوجته ( رحمها الله.. وحزن الزوج حزنا شديدا لفراق حبيبته.. وحينما انتهى الدفن.. جاء الوقت ليذهب جميع الرجال الى منازلهم.. فقام الزوج وخرج من المكان وحده.. فناداه رجل يا أبو فلان.. الى أين أنت ذاهب؟ فقال : إلى بيتي !! فرد الرجل بحزن على حاله : وكيف ستذهب وحدك وأنت أعمى (كان الزوج يقوده أحد لانه أعمى ) فقال الزوج : لست أعمى !! إنما تظاهرت بالعمى حتى لاأجرح زوجتي عندما علمت بإصابتها بالمرض, لقد كانت نعم الزوجة وخشيت أن تحرج من مرضها فتظاهرت بالعمى طوال الأربعين سنة وتعاملت معها بنفس حبي لها قبل مرضها.

هل في الدنيا رجل.. مثل هذا الرجل؟
ما العوامل المؤثرة التي تجعل من يتمتع بالذكاء المرتفع على سبيل المثال، يتعثر في الحياة بينما يحقق آخرون من ذوي الذكاء المتواضع نجاحا مدهشا؟
الأشخاص الذين نراهم متميزين في كل مجالات الحياة هم الذين يدركون مشاعرهم جيدًا ولديهم القدرة على تفهم مشاعر الآخر وكيفية التعامل معها بصورة ممتازة.

عزيزي القاريء..
إن التعامل مع عواطف الآخرين أو ما يعرف بفن إدارة العلاقات بين البشر، يتطلب نضج مهارتين عاطفيتين هما: التحكم في النفس و التعاطف.
أن يعرف المرء متى و كيف يعبر عن مشاعره يعتبر أحد عناصر الذكاء العاطفي.
إن ضبط النفس والحماس والمثابرة والقدرة على تحفيز النفس هو ما نسميه quot;الذكاء العاطفيquot; the emotional intelligence quot;quot;
هل مشاعرنا وعواطفنا وأشواقنا العميقة أحيانًا تؤدي بنا إلى تجاهل دافع البقاء الشخصي؟ نعم فتضحية الأهل لإنقاذ طفلهم. هي عمل غير عقلاني بالمرة من منظور العقل. أما بمنظور القلب فهي الخيار الوحيد.
فالإنسان يمتلك عقلان يحصل بهما على المعرفة، العقل المنطقي الذي يسمح لنا بالتفكير العميق والتأمل، والعقل العاطفي المندفع الغير منطقي أحيانا. بينهما تنسيق دقيق رائع، فالمشاعر ضرورية للتفكير، والتفكير مهم للمشاعر. لكن إذا تجاوزت المشاعر ذروة التوازن، يكتسح العقل العاطفي العقل المنطقي و يدفعه دفعا.

عادة ما نجد ها النوع من الذكاء عند التجار الناجحين و السياسيين و الزعماء الدينيين.
فالإنسان الغاضب مثلاً إذا أدرك أن ما يشعر به هو الغضب، فهذا يوفر له درجة كبيرة من الحرية ليختار عدم طاعة هذا الشعور, وبالتالي عدم الوقوع في فخ الثعبان.
هذا هو سر نجاحك في الحياة.. اعتقادك بأنك تملك الإرادة والوسيلة لتحقيق أهدافك مهما كانت هذه الأهداف.

يتصف الممتلئون بالأمل بالمرونة من أجل ايجاد سبل الوصول الى أهدافهم، أو تغيير الاهداف التي يستحيل تحقيقها. و هم يتمتعون بالحاسة الذكية التي تمكنهم من تقسيم مهمة صعبة الى أجزاء صغيرة يمكن التعامل معها. إنهم يرجعون فشلهم الى شيء ما يمكنه تغييره، لينجحوا فيه في المرة القادمة، بينما يلوم المتشائمون أنفسهم و يرجعون فشلهم الى بعض صفات دائمة هم عاجزون عن تغييرها.
وخير مثال على ذلك مهنة الوسيط الذي يستطيع أن يمنع وقوع المنازعات، أو يستطيع إيجاد الحلول للنزاعات التي تنشب بالفعل. هؤلاء الوسطاء الذين لديهم هذه القدرة، يتفوقون في عقد الصفقات، و في قضايا التحكيم، والتوسط في المنازعات، و في السلك الدبلوماسي، أو في التحكيم القانوني، أو يتفوقون كسماسرة، أو مديرين تنفيذيين. هؤلاء جميعا هم أنفسهم من نجحوا و هم أطفال في حل الخلافات على أرض الملعب.
عزيزي القاريء.. هكذا ستكون أفكارك مهمة جدًا أكبر مما تتوقع لأنه كما تفكر به عن نفسك فهكذا ستكون. وبمعنى آخر ما تفكر به عن نفسك يؤثر على قراراتك وردود أفعالك ومشاعرك فإذا فكرت أنك فاشل فعندما تحاول أن تجرب شيئًا جديدًا فأنت قد تفشل وإذا تفكر أنك فاشل فأنت أعددت نفسك لتكون فاشلاً وتشعر بالمشاعر الناتجة في شكل عدم شجاعة ويأس وربما اكتئاب، وإذا فكرت أنك شخص له تصرفات المدمرة فأنت ستنصرف طبقًا لهذا أكثر من المعتاد.

إذا فكرت أنك خال من المؤهلات أو أنك دائمًا متأخر أو لست ذكيًا وأنت سوف ترى أنك تتصرف طبقًا لما تظنه في نفسك وما يساند ما تعتقد به, ومشاعرك سوف تمتليء بالغضب والمرارة.
لن تستطيع أن تأخذه مني الطريقة التي اخترت أن أتجاوب بها مع ما يحدث معي منتهى حريتي أن أختار توجهي في أي ظرف. فما يحدث معك ليس هو ما يؤثر على مشاعرك وإنما كيف تتجاوب مع ما يحدث معك. أنت لديك 100% قوة لضبط أفكارك. سواء كنت تعلم أم لا فأنت مسئول 100% عن كل أفكارك. لا يوجد شخص آخر يضبط أفكارك أنت وحدك الذي تفعل هذا. بغض النظر عن الخبرات التي كنت تفكر فيها وبغض النظر عن فظاعة التفاصيل ففي نهاية اليوم أنت الذي تختار. هل تود أن تكون أفضل أم أسوأ وبالطبع إذا لم ننجح في إدارة عواطفنا فنحن بالطبع قد وقع اختيارنا على أن نكون في الحالة الأسوأ.
والحقيقة أنك لست ضحية أيًا كان ما حدث لك. فأنت لديك أقصى الإمكانيات للحب والسلام والرجاء.


*دانييل جولمان (الذكاء العاطفي)
*د. جالي سماللي ndash; تيد كاننجهام (الغضب)

[email protected]