معاناة السوريين تتفاقم داخل الوطن و خارجه والنظام يزداد لامبالاة بأرواحهم ومقدراتهم وتكبر غطرسته و استخفافه بعقول البشر وكأنه ينتشي رحيق الحياة من خلال سفك دماء مواطنيه وفي أحسن الأحوال، تهجيرهم، تجويعهم اذلال الصامدين منهم و كسر ارادتهم كما أن نشوته تبلغ ذروتها مع تزايد الحديث عن المجموعات الارهابية، أركان النظام يتمنون في قرارة أنفسهم بأن يرتكب هؤلاء المزيد من الأعمال الوحشية وأن يعيثوا فسادا في طول البلاد وعرضها كي ينشروا الرعب والترويع كأن بهم ينتقمون من المواطن العادي ولسان حالهم يقول: تفضلوا هؤلاء هم ثمرة مناداتكم بالحرية و ما تصريحات المعلم عن حرب النظام المزعومة مع الارهاب و عن نية سيده بعدم التخلي عن السلطة و قبولهم الحوار حصرا مع المعارضة المرخصة لها في جنيف 2 الا أكبر دليل على سير النظام في حلّه الأمني ودليل عقم الاجتماع المزمع عقده في جنيف اذ من الأفضل للنظام الجلوس مع المعارضة المذكورة في مقهى الهافانا أو الروضة في دمشق فلماذا عناء السفر الى جنيف!

سلطة الأمر الواقع البعثية نجحت بنقل الصورة التي تلائمها عن المعارضة السورية ولم توفر وسيلة لتحقيق ذلك والموالون للنظام مازالوا يساهمون بكل امكاناتهم للتشويش على الثورة فهناك من أمطر أعضاء الكونغرس الأمريكي بالرسائل والعشرات منهم حاولوا اللقاء بالمؤثرين على القرار لكي يصوتوا ضد ضربة عسكرية على مواقع النظام وفي المحافل الدولية يرتفع صوت الجعفري والمعلم لإعلان حربهم على الارهاب! وهل هناك تنظيم ارهابي أكثر من القاعدة؟ التي تعدّ العدو رقم واحد لأنظمة الشرق والغرب معا!

قوى المعارضة بدورها لم تنجح بشكل كافي في نقل حقيقة الصراع الدامي في سورية و نقل آمال وآلام وتطلعات السوريين فيما الجماعات المتشددة تزداد نفوذا بينما المنضوون تحت راية الائتلاف منهمكون بمن سيتبوأ ماذا؟ في صراع على مناصب وهمية وكراسي لا وجود لها! ليس هناك من يعتقد بعد مرور ثلاثون شهرا على حرب استنزاف دموية بأن قوى المعارضة الذكية لم تفهم بعد بأن ضلوع الجماعات المتطرفة المرتبطة بالقاعدة في الثورة السورية أعطت صبغة الارهاب للثورة ما يعني الموت البطيء لكن الأكيد لها،يبدو أن ضعف ارتباطهم بأرض الواقع وقلة الحيلة فيما يتعلق بمسألة التأثير على الداخل حيث حتى الآن لا يوجد للائتلاف ممثلين في سورية على الرغم من وجود مناطق كثيرة غير خاضعة لسيطرة النظام، بل نراهم يصفقون لكل من يحمل السلاح ضد الأسد بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية أو السياسية،هذا باستثناء نبرة خجولة جدا أعلن الائتلاف من خلالها عدم الاعتراف بجبهة النصرة مقابل عدم اعتراف الجبهة المذكورة وصحبها بهم.

المعتدلين من قوى المعارضة سياسيين كانوا أم عسكريين الساعين الى التحرر من نظام الاستبداد والانتقال بسوريا الى بلد مدني،ديمقراطي، تعددي ذو نظام برلماني حر،عليهم اعلان تبرئتهم من أية علاقة مع متطرفي جبهة النصرة، دولة العراق والشام وكل تنظيم طائفي لا يبلور تطلعات السوريين. من يعتقد بأن توحيد الصفوف مع هؤلاء يخدم الثورة فهو واهم ومن يدّعي الابتعاد عن خوض معارك وخصومات جانبية وبأن العدو الرئيسي هو النظام فقط فهو أيضا واهم، عدو الثورة هو كل من يساهم في اطالة أمد معاناة، آلام، عذابات السوريين، عدو الثورة كل من يؤلب الرأي العام ضد مصلحة الشعب السوري و يساهم في حجب التعاطف الدولي، اعطاء صورة واضحة عن بديل ديمقراطي لحكم الأسد للداخل والخارج على السواء سوف يساهم الى زعزعة جبروت النظام والإطاحة به.

الأمر في ظل كل هذه المعطيات لا يحتاج الى الكثير من الذكاء لكي يعرف المرء بأن مؤتمر جنيف 2 لن يفضي الى قرارات من شأنها حل الصراع في سورية لصالح الشعب السوري بل كل الدلائل تشير الى أن روسيا قد نجحت في اقناع

الأمريكيين الذين كانوا مترددين في الأساس بأن الرهان على معارضة تهيمن عليها تيارات اسلامية متطرفة خاسر فيما يكمن الربح في التعاون مع روسيا وتحقيق نجاحات سياسية بتفكيك الترسانة الكيماوية السورية من جهة و ضمان تعاون ايران معها لحصر تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية مقابل البقاء على نظام الأسد الى اشعار آخر من جهة أخرى.

روسيا سوف تطالب الدول الداعمة للمعارضة المسلحة بوقف امدادتها العسكرية لهم، بل ربما لن تكتفي بالمطالبة بل قد تمارس ضغوطا عليهم من أجل تنفيذ ذلك.

الهدف من جنيف 2 هو تدجين المعارضة السورية في حظيرة النظام