أيام ويلتقي رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي الرئيس الامريكي اوباما في واشنطن، الزيارة كما يقول محللون سياسيون مطلعون بشكل جيد على الشان العراقي كانت امنية ملحة بالنسبة للسيد المالكي لاسباب كثيرة، فقد فشلت حكومة السيد المالكي بادراة البلد بشكل ناجح، بل العراق يعد اليوم في عداد الدول الفاشلة كما يقول هؤلاء المحللون ، خاصة بعد التردي المخيف على الصعيد الامني، يسبق ذلك التشضي غير المعلَن الذي بدأ يقطع اوصال الدولة من حيث الجغرافية، فالمركز لا يملك كلمته القوية لدى أقليم كردستان العراق، ولا المنطقة الغربية مستقرة وتحت السيطرة بشكل جيد، ولا الاوضاع في ديالى تنم عن وجود نظام دولة مركزي قوي، وبغداد العاصمة كتلة من دم وجثث، فما الذي بقى من اسم الدولة بالمعنى الدقيق للدولة؟
ليس من شك ان من حق السيد المالكي ان يشتكي لاوباما هذه الحال، فالثقل كبير، وللجيران الكلمة الاقوى في العراق وليس لحكومة العراق، والمشاكل الكبيرة في البلد لم تجد لها حلا، وربما يشهد المستقبل المزيد من التعقيد، ولكن هل تملك واشنطن حلا للمالكي؟
يقول مطلعون على الوضع العراقي بان المالكي وحتى المعارضة يتمنون من اعماقهم ان تعود واشنطن لدورها في العراق، فقد توصل العراقيون او اكثرهم بان العراق بلد ( مُنتهَك )، ويزيدون على ذلك بما معناه، ان الحكومة العراقية بقواتها العسكرية والامنية ربما بصدد الدفاع عن نفسها وليس بصدد الدفاع عن العراق نفسه، وبالتالي، هناك حكومة ضعيفة على كل حال، خاصة وان الشارع العراقي يدرك جيدا انها حكومة مخترقة بالصميم من معظم دول الجوار، ودول العالم الكبرى، بل حتى اسرائيل! تاليا، ما الذي يقدر المالكي صنعه في مثل هذه الحال؟
اخبار مسرّبة تقول ان بعض العراقيين من صناع القرار السياسي حاولوا استمزاج جهات امريكية عن عودة واشنطن لدوره الفاعل في العراق، وتقول هذه الاخبار المسرَّبة ان امريكا ربما توافق على ذلك ولكن بشرطين،الاول : اطلاق صلاحياتها الامنية والعسكرية، وثانيا : ان تتكفل الميزانية العراقية تكاليف ذلك!
ماذا سيكون موقف اوباما فيما إذا طرح عليه المالكي مشكلة العراق بكل تفاصيلها وهو أمر محتمل بل الزيارة من اجل ذلك فعلا؟
المالكي يمكنه أن يتناول ذلك مع اوباما من خلال الاتفاقية الاستراتيجية الامنية والاقتصادية والعمرانية التي عقدتها الحكومتان الامريكية والعراقية بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق، والتي ما زالت سارية المفعول على الورق دون الواقع الفعلي، وليس من شك ستكون أذن اوباما صاغية للسيد المالكي لطلبه هذا، ولكن هل سيمتنع الرئيس الامريكي من توجيه عددة اسئلة الى الرئيس العراقي؟
لا شك ان في جعبة اوباما اكثر من سؤال سيطرحه على المالكي، ربما من ضمنها ما يتردد أو يروّج من سماح العراق لمرور اسلحة ومعدات ايرانية عبر اراضيه الى سوريا، ومن ضمنها مصير حقوق الاقليات، ومن ضمنهاعن سبب اخفاق الحكومة في ضبط الوضع الامني، ومنها مصير الديمقراطية في العراق، ومنها النفوذ الاقليمي في العراق، ومنها قضية المليشيات المستترة في العراق، ومنها موقف العراق من النظام السوري لو فشلت الجهود الدولية في تدمير اسلحته الكيمياوية،ومنها قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة،ومنها سبب العداء المتسع بين المالكي وأكثر ممثلي مكونات الشعب العراقي، وكثيرة هي الاسئلة، فهي على سعة المُشكل العراقي بكل تعقيداته وتشعباته، فبماذا سيجيب الرئيس العراقي؟