مرة أخرى.. يعود ملف فلسطينيي سوريا إلى الواجهة بالنسبة للسلطة الفلسطينية في رام الله، بعد أن فشلت المفاوضات الماراثونية التي عقدتها مع الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق النتائج المرجوة بالنسبة للسلطة، بعد التعنت الإسرائيلي المتزايد، وانحصار التفاوض في نطاق الأمور الأمنية.
عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي توجه إلى دمشق للقاء مسؤولي النظام السوري الذي لطالما تاجر طويلاً في قضية فلسطين، ثم ذبح أبناءها على طبق المساومات والمزايدات، وخرج من لقائه فرحاً بإعلان أن النظام السوري أصدر توجيهاته بفتح ممرات إنسانية غذائية إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المحاصرة والنظر في قوائم 450 معتقلاً في السجون.
وخلال وجوده في عمان قادماً من دمشق، أكد زكي أن زيارته، كمبعوث خاص للرئيس محمود عباس، مهمة وتصبّ في إطار بحث الأوضاع الإنسانية الصعبة لأبناء الشعب الفلسطيني في سوريةquot;. وأوضح أن quot;الزيارة تناولت العلاقة الفلسطينية ndash; السورية الثنائية، ومتابعة وضع اللاجئين الفلسطينيين في سورية وإحاطة الرئيس الأسد بآخر المستجدات في الأراضي المحتلة، وتأكيد الموقف الفلسطيني الثابت من إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريفquot;.
زكي الذي حاول الظهور بمظهر المنتصر والمتحصل على إنجاز منحه إياه النظام السوري، قال إن الأسد أصدر توجيهاته بفتح ممرات إنسانية لمخيمات اللاجئين المحاصرة، حيث تقرر إرسال ستة أطنان من المواد الغذائية كدفعة أولى إليها، وتأمين إيصالها من خلال الجهات السورية المعنية، والتعامل مع المخيمات كوحدة حال واحدة مع بقية الأراضي السورية.
وقال إن quot;هناك حوالي 200 ألف فلسطيني اضطروا إلى مغادرة سورية، بينما تستمر عملية إجلائهم وحملهم على اللجوء والهجرة من أجل طمس هوية ومعالم المخيمات وتصفية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم.
القرار السوري بالنظر في قوائم المعتقلين الفلسطينيين في سوريا لأغراض الإفراج عن كل من ثبت عدم ارتكابه الجريمة وتحويل المدانين منهم إلى المحاكم المختصة حمله زكي معه عائداً إلى رام الله، معتبراً أن الأرقام المتوفرة تفيد بوجود حوالي 450 معتقلاً في السجون السورية، من دون أن يفوت المسؤول السلطوي الإشارة إلى ما سماه أهمية القرار بشأن إعادة الممتلكات والعقارات التابعة لمنظمة التحرير ولحركة quot;فتح، والإبقاء على وضع السفارة الفلسطينية في دمشق دون مساس!!
ولم يكتف زكي بالحديث والاسترسال عن ضرورة quot;تأكيد الطرفين لأهمية تطوير العلاقة الثنائية، وتأكيد الرئيس السوري لأولوية القضية الفلسطينية وعدم تخلي سوريا عنها والحفاظ على المخيمات وتحييدهم عن الأزمة الجارية، وهي الأمور التي تظهر حجم الابتذال التي يخرج بها السيد زكي على الرأي العام في ظل انكشاف كل الأوراق التي كانت تستر عوار النظام السوري، وبالذات الورقة الفلسطينية، بعد حرق المخيمات الفلسطينية بمن فيها، وتشريد آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، بل أكد على quot;أهمية التعاون في المجال السياسي وتقديم الشكر والثناء لموقف الرئيس عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق برفض أي عدوان خارجي على سوريةquot;.
مخيم اليرموك يئن تحت الحصار منذ ما يقرب من تسعين يوما، وهو ما لا يسمح بوصول المواد الغذائية والدوائية فضلا عن رفض دخول وخروج الأهالي، وفوق ذلك، يلجأ ممثل السلطة الخاص إلى سوريا زكي عباس إلى دمشق لتسهيل دخول بعض المواد الغذائية والإفراج عن بعض المعتقلين هناك، بينما لا تزال معظم المخيمات الفلسطينية تئن تحت وطأة حصار بات يضاهي الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة ومناطق عدة في الضفة الغربية، ويكتفي المبعوث الفلسطيني بالمطالبة بممتلكات حركة فتح واستعادتها بعد أن نفضت الحكومة السورية يدها من حركة فتح الانتفاضة التي باتت مهددة بالزوال والاختفاء من على المشهد السياسي الفلسطيني بعد وفاة عدد من مؤسسيها، ومحاولة النظام السوري التقرب من عباس عبر مصادرة مكاتبها وتسليمها إلى حركة فتح، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني من ممثلية منظمة التحرير إلى سفارة فلسطينية كاملة التمثيل، وهو ما يعني أن حجم الاستثمار السلطوي لمعاناة فلسطيني سوريا الذين باتوا على أعتاب البحر في أوروبا، هائمون على وجوههم في كل مكان وعلى أبواب السفارات الأجنبية حول العالم، لا يمكن أن يغتفر، ولا يمكن لأهلنا في الضفة أ وفي غزة، أن يسكتوا عن حجم الجشع السلطوي الذي تمارسه السلطة في المتاجرة بآلام فلسطينيي سوريا ومعاناتهم.

هشام منوّر... كاتب وباحث