لا جديد فيما اكتبه عن تجربة الشعوب والأمم في التعامل مع السلطات والأفكار الشمولية التي تحيل حياة الانسان عموما الى جحيم لا يطاق فلا الذين وعدو الناس بالجنة على الارض ولا الذين قاموا بتخدير الملايين بالجنة الموعدة في السماء حققوا شيئا من وعودهم ولم تستطع اوروبا مثلا وروسيا حديثا ان تتحرر وتطور وتتقدم إلا بعد ان تخلصت من الفكر والثقافة الشمولية سواء كانت هذه الثقافة نظرية فلسفية او دين ومعتقد و العراق ومنذ اسقاط النظام الدكتاتوري يدار من قبل احزاب دينية شمولية لجأت الى الدين والطائفة لإدارة البلد بمباركة ومساندة الولايات المتحدة الاميريكية التي على الاغلب تنفذ برنامجا خاصا بالمنطقة ككل وهو ما حدث في تونس وليبيا ومصر ويحدث الان في سوريا وقد يؤدي الى الخارطة الجديدة التي نشرتها نيويوركر قبل ايام!

ولا جديد في فشل السلطة الدينية التي استغلت المقدس ابشع استغلال بما فيه اللجوء الى اثارة النعرات الطائفية الغريبة عن المجتمع العراقي هذا الفشل الذي كلف العراقيين الكثير من الدماء والمآسي والثروات التي
تنهب علنا ناهيك عن الحرمان من ابسط مقومات الحياة الكريمة حيث يعيش قرابة ال 23% من العراقيين أي اكثر من ستة ملايين مواطن تحت خط الفقر.

حقا ان هناك العديد من الاسباب الداخلية والخارجية حول ما ال اليه الوضع العراقي ولكن احد اهم الاسباب هو سيطرة الثقافة الشمولية و استغلال الدين والطائفة خاصة وان الذين تصدوا لمهمة ادارة البلاد لم يكن لديهم أي تجربة سابقه الامر الذي تسبب في تدمير شبه منهجي لمقومات الدولة وطرق مواجهتها للمعوقات التي تعترض مسيرتها.

السؤال الذي يراود مخيلة كل مواطن عراقي : اين هي القوى الديمقراطية الوطنية العراقية ذات التأريخ المشرف والناصع في النضال ضد الدكتاتورية ومن اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟ اين هم اللبراليون والعلمانيون والاشتراكيون والشيوعيون والقوميون الديمقراطيون؟

اين هم الشيوعيون الذين عدد شهدائهم وحده هي اضعاف الاصوات التي يحصلون عليها في الانتخابات اين القوميين التقدميون العرب وحركتهم الاشتراكية وأين هم الناصريون وأفكارهم التقدميه وما الذي حدث لحركة الوفاق الوطني المناضلة العنيدة ضد الدكتاتورية وما الذي حل بحزب المؤتمر الذي كان وراء قانون تحرير العراق.

اين هو الديمقراطي الكوردستاني الذي تقوقع في اقليم كوردستان ناسيا او متناسيا ان شعاره الاساسي كان الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان أي ان الاولوية كانت للهم العراقي وأين هو الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي لا يزال يشغل مقعدا في قيادة الاشتراكية الدولية وما الذي حدث للثورة العراقية التي كانت شعاره الاساسي.

اين هي كل الاحزاب والكتل السياسية العراقية الديمقراطية وما الذي جنته من تشرذمها وتفرقها وهي التي كانت تفتخر وعن حق بماضيها المجيد وتجاربها الغنية في الاتحاد سواء من خلال جبهات وطنية او تكتلات سياسية واسعة منذ خمسينات القرن الماضي كالجبهة الوطنية العراقية والجود والجوقد وغيرها.

الم يحن الوقت من اجل ان تجتمع هذه القوى مرة اخرى لا للتذكير بأمجاد الكفاح الوطني ولكن من اجل انقاذ العراق وضمان مستقبله وحقوق مكوناته.

الم يحن الوقت لجبهة وطنية عريضة تجمع كل الوطنيين الديمقراطيين العراقيين ومعهم الاكثرية العراقية الصامتة التي اصابها اليأس من سوء الاوضاع وخاب رجاؤها في التصحيح تجمعهم على برنامج موحد اولا لإنقاذ الدين من المتاجرة به و ثانيا لإنقاذ الدولة من القيود التي تكبلها باسم المقدس وتسير به الى هاوية الصراعات الدينية والطائفية المقيتة وما يتبعها من دمار ومآسي لا تعد ولا تحصى.

الم يحن الوقت لمصالحة وطنية شاملة وفتح صفحة جديدة في العلاقات الوطنية توفر الارضية المناسبة لإعادة بناء العراق وتطويره ومكافحة الافات والكوارث التي المت به والمشاركة في الانتخابات القادمة بقائمة وطنية موحدة تمثل بعدالة كل مكونات الشعب العراقي وتتصدى لمهمة انقاذ البلاد من الأسوأ القادم فيما اذا بقية عقلية الفكر الشمولي هي المسيطرة على مقاليد الامور رغم انها لكل من يعرف الشعب العراقي لا تمثل إلا اقلية ضئيلة متناحرة حتى فيما بينها ولا مرجعية حقيقية في العراق تؤيدها.

لقد ان الاوان لفرز جديد يفرق بين الحق والباطل يضع الحدود الواضحة المعالم بين الشعب العراقي وقواه الديمقراطية وبين من يتاجر بالديمقراطية ويغامر بحياة ومستقبل الشعب العراقي من اجل مصالحه ومصالح من يقف ورائه ويبقى ان نتمنى ونقول ايها العراقيون:
اتحدوا وقاوموا مشاريع الشموليين والطائفيين من اجل مستقبل افضل للجميع.

bull;[email protected]