التحالف بين المعارضة السورية الخارجية ( معارضة اسطنبول) والتنظيمات الجهادية التابعة لquot;القاعدةquot; في سوريا تداعى بشكل سريع. من الواضح بأن كل من تنظيمي quot;جبهة النصرةquot; وquot;دولة العراق والشام الإسلامية/داعشquot; لم يكتفيا بالتغطية السياسية و الدبلوماسية التي أمنتها لهما معارضة اسطنبول، ولا بالتعاون الميداني الذي أبداه quot;الجيش السوري الحرquot;، بل أعلنتا الحرب على هذا الأخير في خطوة تعتبر النهائية لإعلان دولة quot;القاعدةquot; في سوريا. ما يجري الآن هو تطهير مناطق ريف حلب من المجموعات المسلحة التابعة ل quot;الجيش الحرquot; وبسط سطوة المجموعات الجهادية، ومع هذه الخطوة ضاعت كل quot;جمايلquot; معارضة اسطنبول وquot;الجيش الحرquot; مع هذه المجموعات، ووجدت هذه المعارضة نفسها وجها لوجه مع خصم دموي عنيد، لن يتوقف عن البطش بها حتى يقضي عليها قضاء مبرما.

سياسة التعاون مع quot; جبهة النصرةquot; وquot;داعشquot; التي انتهجتها معارضة اسطنبول ورفضها لإدراج هاتين المجموعتين في خانة الإرهاب، والتمسك بهمها كquot;جزء أصيل من الثورةquot; والتغطية على جرائمهما في قتل عناصر الجيش السوري النظامي الأسرى، وذبح المخالفين معهما، واعتقال النشطاء والحقوقيين، وإعلان quot;إمارة الرقةquot;، واختطاف اللبنانيين والإيرانيين والصحفيين الغربيين والأب باولو، وممارسة التطهير العرقي بحق الكرد، والمذهبي بحق العلويين والإسماعيليين والدروز والديني بحق المسيحيين، والدفاع عن حملات القتل في اللاذقية وصيدنايا، لم تنجح في لجم هذه المجموعات أو quot;بناءquot; علاقة صداقة معها. بل على العكس، فقد اتهمت quot;جبهة النصرةquot; وquot;داعشquot; معارضة اسطنبول بالتعاون مع الغرب وquot;الناتوquot; و استقبال السيناتور جون ماكين، ووجود quot;نواياquot; بالتسليح لمحاربة الجهاديين!. وبالتالي كان قرار الإنقلاب عليها والبطش بها بهذا الشكل الدموي. وعليه فقد انتهت علاقة معارضة اسطنبول والتي كانت quot;حب من طرف واحدquot; مع مجموعات quot;القاعدةquot;، وتبخر quot;الجيش الحرquot; سريعا، وفرّ بعض عناصره إلى تركيا، فيما استسلم بعضهم لوحدات الحماية الشعبية الكردية، والبعض الآخر قبل quot;التوبةquot; وانضم إلى صفوف quot;جبهة النصرةquot; وquot;داعشquot; مستفيدا من quot;الخدمة الممتازةquot; التي تؤمنها الأموال المتدفقة من دول الخليج والمنظمات الوهابية الدولية.

حتى تركيا بدأت تحتاط لانقلاب quot;القاعدةquot; على حلفائها في سوريا. فكانت تصريحات رئيسها عبدالله غول quot;القلقةquot; حول تنامي نفوذ الجهاديين في البلد الجار، فيما سارعت الحكومة ببناء جدار عازل بين البلدين، قد يصبح مشروعا طويل الأمد. وعلى كل الأحوال فأنقرة تعلم بان الفتوى القادمة ستكون ضدها، فالمعارضة الموالية لها إن كانت quot;موالية للغربquot; في عرف quot;القاعدةquot; فإن تركيا هي quot;حليفة الغربquot; القوية، والعضو في حلف quot;الناتوquot; والشريك العسكري الأول لإسرائيل!.

ما يحدث الآن من سيطرة مجموعات quot;القاعدةquot; على مساحات واسعة من سوريا واضمحلال معارضة اسطنبول العميلة للمحاور الإقليمية وجيشها الحر، يٌحتم على كل القوى التي ليست من مصلحتها ان تسقط سوريا في براثن هذه المنظمة الخطيرة، ترتيب الأوضاع من جديد وبناء الصحوات في المحافظات السورية. فالسوريون لا يريدون أن تحكمهم quot;القاعدةquot; ولم يدفعوا كل هذه الدماء من أجل بناء دولة طالبان في بلادهم يقودها الغرباء من المجرمين وشذاذي الآفاق.

تشكيل الصحوات في كل منطقة تتواجد فيها quot;القاعدةquot; ووقف الدعم التركي للجهاديين، وقطع موارد التمويل من دول الخليج، إضافة إلى وقف معارضة اسطنبول لتغطيتها السياسية والدبلوماسية على هذه المجموعات، سوف يؤدي إلى عرقلة عملها ورفع يد المواطنين السوريين عليها لوقف طغيانها وتحرير الناس من شرورها. وفي المقدمة يجب تحرير مدينة الرقة وإطلاق سراح المعارضين في سجون quot;داعشquot; هناك، ووقف بعض وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة لسياسة تلميع صورة quot;داعشquot; وquot;النصرةquot; وتسويقهما بوصفهما من quot;الجيش الحرquot; وquot;أنهما تحاربان قوات النظامquot;، كما تفعل، مثالا، فضائية (أورينت) عبر طاقمها الموجود في الرقة.

إنقاذ سوريا والسوريين سيكون صعبا للغاية وربما محالا في حان إن لم يتم تشكيل الصحوات ووضع حد لجرائم quot;القاعدةquot;، أما النظام السوري وقضية إنهاء حكم رئيسه بشار الأسد، وتحقيق أهداف ثورة السوريين في الحرية والكرامة، فيجب ان تتفق عليها الأطراف المعنية في مؤتمر جنيف 2 القادم.