رغم كفاءة العمال المعترف بها عالميا أحيانا،فإنهم معرضون للتسريح،إذا اقتضت السياسات التدبيرية الجديدة، أو الوضع اللاتنافسي ذلك أو محدودية الإقبال على المنتوج كما في حال أفران الصهر العليا بفلورانج.

فمهما كانت كفاءة العامل أو التقني،فإنه يمكن أن يلحق بجمهور العاطلين،بفعل الركود الاقتصادي المعمم منذ 2008،أو بفعل الافتقار إلى التنافسية المهنية أو عدم الإقبال على السلع أو الخدمات المقدمة.

يتقبل العمال مصيرهم،بعد منازلات نقابية غير متكافئة،في ظل التراجع الشامل للحركة النقابية ببلدان الاتحاد الأوروبي عموما.

لم تتمكن حكومة جون مارك ايرو،بعد من الحد من البطالة ومن تحسين القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي(بلغ معدل البطالة 10.8بالمائة في الربع الأول من 2013)

،بل تواصلت حدة البطالة،لتضع الحكومة الفرنسية،في حرج أمام منتخبيها والمؤمنين بقدرتها على تجاوز عثرات المشروع الاقتصادي الفرنسي.

صار توفير الشغل والمحافظة عليه،مطلبا عسيرا،في ظل التماوجات الاقتصادية والتدبيرية العولمية،والميل الكوكبي إلى أفضل السياسات التدبيرية والاستراتيجيات التنظيمية الموفرة للأرباح وللموضع التنافسي الأفضل،إقليميا وعالميا،في ظل تنافسية متزايدة،واحتداد الصراع بين البلدان المتطورة والبلدان الناشئة ( الصين والهند والبرازيل والمكسيك وتركيا...الخ).

وتتوالى هذه التسريحات،في ظل ضعف إقبال الشباب على quot;التنقيبquot;،و استمرار تراجعات الحركة النقابية الفرنسية،أمام الحكومة والباطرونا.

كما تأتي هذه التسريحات،في سياق،نزع التصنيع عن البلدان الصناعية ونزع التوطين، ونقل وحدات الإنتاج إلى البلدان الناشئة،المتميزة عادة بكثير من المرونة من حيث الأجور ومراعاة الاعتبارات البيئية في الأنشطة الإنتاجية(الصين والهند وفيتنام وتايلاند واندونيسيا....الخ).كما ترتبط بتراجع تنافسية الاقتصاد الفرنسي، وعدم قدرته على التأقلم مع الظرفية الاقتصادية الدولية عكس الاقتصاد الألماني أو اقتصاديات البلدان الإسكندافية (السويد والنرويج مثلا ).

ففيما كانت دولة الرعاية الاجتماعية،تعتني بالوضع المهني والاجتماعي للعامل أو الأجير،فإن دولة ما بعد الرعاية الاجتماعية،تراعي التنافسية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوفير الأجواء الاستثمارية التحفيزية،الضريبية تعيينا، للفاعلين الاقتصاديين والشركاء الماليين العولميين.

وبما أن الحركات البدائلية أو الناقدة للرأسمالية المعولمة، ضعيفة فكريا وتنظيميا رغم جهود توني نغري والان باديو و سلافوي جيجيك، ومقطوعة عن الجيل العمالي المديائي الجديد،فإن الحركية الاقتصادية مرتهنة بالقرار السياسي،الموجود، الآن، بيد الشركات المتعددة الجنسيات أو الشركات المتعدية الجنسيات، لا بيد الحكومات المركزية ورجال السياسة في العمق.

كان الأجير محميا،أثناء سنوات الثلاثينات المجيدة(1946-1973)،ومستفيدا من خدمات دولة الرعاية والرفاهية في ظل التوافقات المتوازنة بين الباطرونا والنقابات والدولة ؛وحين،فقدت الكينزية بريقها،ودخلت الحركة النقابية المسيسة، أزمتها البنيوية،وتراجعت فعالية الانتلجانسيا الغربية بعد موت سارتر و فوكو، بدأ الوهن يسري في خدمات دولة الرعاية، وشرع الأجير يعد خسائره ومكتسباته الميدانية المتقلصة و يتحسر على وضعه الاجتماعي والطبقي، وهناءته الثقافية السابقة، ودخل، مجال التقطعات الوظيفية واللااستقرار المهني والتنافسية الوظيفية

الحادة في سوق شغل متماوجة ومضطربة حسب، الوضعية الاقتصادية الإقليمية والدولية، المتميزة، غالبا، بالركود وضعف النمو ونزع الصناعة ونزع التوطين وأزمات الديون.

أدى انسحاب دولة الرعاية الاجتماعية، إلى تآكل المكتسبات الاجتماعية للعمال خصوصا بعد أزمة الطاقة (1973)وصعود الليبرالية الجديدة إلى سدة السلطة ببريطانيا(1979)والولايات المتحدة الأمريكية (1981) ؛مما أوقع جمهرة المأجورين المعطلين،في الهشاشة الاجتماعية،القريبة في جوانب منها،من وضعية رأسماليات ما قبل التسوية الاقتصادية الكينزية.صار تأمين العمل وتحقيق السلم الاجتماعي،مطلبان ملحان، في سياق التقلبات والأزمات الاقتصادية المتواصلة منذ ست سنوات على الأقل.