لم تقدم له زوجته إفطاره كالعادة.. لقد تعكر صفو الودْ والمحبة بينهما..
لقد كان من المفروض أن يقدم كلٌ منهما تنازلٌ للآخر..
لكن هيهات..هو ربما يرى أن ذلك لا يليق به كزوج..
بينما هي في الجانب الآخر تقول: لا يمكن أن أسمح لنفسي أن أتنازل له !!
بينما هو المخطئ معيَّ...
رغم أنه يُحسُّ أنه أخطأ ليلة أمس عليها..
حينئذ سمعت صوت غلق الباب..
وما أن تأكدت أن زوجها قد ذهب حتى بدأت تتوعد الزوج سأفعل كذا وكذا!!..
ثم فجأة وهي في حالة غضب توقفت دقات قلبها لترى ورقة صغيرة قد وُضِعت تحت رغيف الخبز.. زوجتي الغاليه.. ملاكي الطاهر.. روحي الثانية.. حبي الباقي
حبيبتي كم كنت أتمنى لو لم أخرج إلا وأنا أرى تلك الإبتسامة الرائعة
كنت أتمنى لو قبلتُ جبينك ومعها قدمتُ لكِ الإعتذار..
لكن سامحيني لم أستطعْ..
حبيبتي الغالية.. سأعود مبكراً هذا اليوم
أما هي.. أرجوك سامحني ومعها انقلبت 180ْ عن حالها قبل الورقة..
فانطلقت كالنحلة تزين في فضاءها الواسع الجميل في بيتها الصغير..
هكذا هو الحال حين يعتذر المخطئ.. وحين يقبل الإعتذار الطرف الثاني..
لنحاول أن نجعل حياتنا أبسط من أي خلاف.
quot;أنا آسفquot; ليس كافيًا دائمًا. فالمشاعر هي أكثر أهمية من الكلمات. إن حدس المرأة يشبه أشعة إكس التي تخترق القلب
هل قدمت اعتذارًا صادقًا وحقيقيًا؟
هل قوبل اعتذارك بالمقاومة أغلب الأوقات؟
إن هذا علامة على أن الاعتذار ينقصه شيئ.
حقيقة نقولها بنصف قلب quot;أنا آسفquot; quot;لم أقصدquot; لمجرد أن نخرج من المطب. الاعتذار الصادق يضع أساسًا للمصالحة ليس في لحظة التعبير عنه فقط ولكن في المستقبل.

عزيزي القاريء..
إن الاعتذار المتسرع أو غير المخلص يؤذي أكثر مما يفيد.
انصحك بالتركيز على المشاعر، وليس على الموضوعات.
هل تضع مشاعر الآخر داخل قلبك؟ إذا كنت تفعل ذلك فستكون النتيجة هي ترميم العلاقة وهنا يكون الشفاء الحقيقي.
ماذا لو تبدلت صيغة الاعتذار؟ عملي ليس أهم منك. أنا أسف كان يجب علي أن اتصل بك.
تذكَّر أن الهدف ليس مَنْ الخاسر ومَنْ الكاسب وحينئذ من الممكن أن تتبدل المواقف فلا يكون الخلاف إذاً من الذي ينفق النقود ومن الذي يدخر!!
الإصغاء لا يتطلب منك أن تحل مشكلات، فالفكرة هي فهم الشخص الآخر والاستماع الجيد يأخذ وقتًا، ولهذا يمارس عدد قليل من الناس فن الاستماع والكثيرون لا يجيدونه.
quot; اَلْكَلاَمُ الْحَسَنُ شَهْدُ عَسَلٍ حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ... يُوجَدُ مَنْ يَهْذُرُ مِثْلَ طَعْنِ السَّيْفِ أَمَّا لِسَانُ الْحُكَمَاءِ فَشِفَاءٌquot; وquot;اَلْجَوَابُ اللَّيِّنُ يَصْرِفُ الْغَضَبَ وَالْكَلاَمُ الْمُوجِعُ يُهَيِّجُ السَّخَطَquot;
ماذا لو نشأت في بيت فيه كل شيء عدا الرقة، ماذا لو لم تتعلم كيف تكون رقيقًا أو كيف تظهر الرقة؟ لذا فأنت تحتاج أن تقف وقفة في وجه هذه اللعنة.
كان هناك طفلاً لم يكن والده يشرب كثيرًا، ولكن كان عندما يشرب كان يسيء إليه هو وبقية الأسرة، وفي ذات ليلة حاول أن يتفادي لكلمات والده واختبأ بين الثلاجة ودولاب المطبخ. وعندما وجده والده طلب منه أن يخرج من مخبأه ورفض الخروج لكنه وهو في مخبأه لم يكن لديه فرصة للهرب، فوقع في مصيدة، وصار والده يلكمه حتى نزف.
كانت هذه هي طفولته وهذه كانت حياته. يمكنك أن تتخيل مستوى الغضب في داخله فقد ضم مظهره الهادي كمًا هائلاً من ثورة الغضب، وعندما كان ينفجر غضبه من داخله كان يبدأ في ضرب زملاءه في الفصل وأعاقه الغضب عن أعماله المدرسية ودمر صداقاته وجعله منبوذ.
ولماذا أحكى هذه القصة؟ لأنها بالضبط توضح ما يفعله الغضب حين يسكن في الداخل ويرفض أن يتخلى عن مكانه. إن الغضب ينفجر في أية لحظة ولكنك لا تعلم متى سينفجر.
القاتل الأول للحب في العلاقات هو الغضب المكبوت. وبما أنه من الصواب أن نغضب لكنه ليس من الصواب أن نصرف وقتًا ونحن غاضبون أيًا كان مدى هذا الوقت. ولكن لا تظل غاضبًا فلا تترك الشمس تغرب على غضبك.
هل حاولت أن تحب شريك حياتك أو أطفالك وهم يصدونك. لا يتركونك تلمسهم أو عندما تقول quot;أحبكمquot; هم لا يتجاوبون بأي كلمة. قد تتعجب !! هذا يحدث لأن الغضب سكن في داخلهم وينمو في قلوبهم ويحتضنون في داخلهم تمردًا.
وعندما يجدون الحب والسلام في البيت فإن أغلب الأطفال يتقبلون قيم آبائهم تلقائيًا وطبيعيًا، ولكن إذا حضر الغضب فإن الأطفال يركزون على الأشياء التي لا يحبونها في والديهم ويثبتون عليها. الغضب يجعلك أقل حساسية في علاقتك الزوجية. إذا وجد الغضب مكانًا لقدمه داخلك ستجد نفسك أقل حساسية تجاه شريك حياتك وأقل رغبة في مساعدته وأقل سرعة في الغفران له.

عزيزي القاريء..
تذكر دائمًا أن الغضب في القلوب الكريمة ما هو إلا حاجة ملحة للغفران! وأنه عندما تغضب النعاج تصبح أسوأ من الذئاب!

مراجع
د. جاري سماللي - تيد كاننجهام

[email protected]