فى الأسبوع الماضى خرجت أصوات فى العراق لسب الصحابة وزوجات النبى فى إحدى المناسبات الدينية حيث وفود تمر بالأعظمية (فيها مرقد الإمام أبى حنيفة) وهى فى طريقها إلى الكاظمية (فيها مرقدان لأئمة الشيعة موسى الكاظم ومحمد الجواد) بمناسبة ذكرى وفاة الإمام محمد الجواد تاسع أئمة أهل البيت عند الشيعة الإمامية الإثنى عشرية (195-220 هجرية)، ثمّ تضع ذلك السباب والشتم فى يوتيوب افتخارا وفرحا رغم ما تلحقه من آثار سلبية كبيرة عميقة مما أدى لرفع عنوان (عراق عمر الفاروق) فى صلوات يوم الجمعة شعارا لعدد من المحافظات العراقية المنتفضة. ليست هى المرة الأولى التى ترتفع فيه أصوات الكراهية والشتم والبغضاء، وما نشهده من تفجيرات للمساجد والحسينيات وغيرها والمنطقة بكاملها مهدّدة بشكل جدى للحروب الطائفية خصوصا ما يحصل فى سوريا من مجازر للنظام واشتراك حزب الله اللبنانى والأطراف الإيرانية إلى جانبه وانعكاساتها على المنطقة فضلا عن العديد من القنوات الفضائية الطائفية التحريضية
بين الفينة والأخرى وعلى مر التاريخ وخصوصا فى فترة الأزمات المذهبية، لابد للعقلاء والواعين والمصلحين من دعوات مخلصة للحوار بين المذاهب الإسلامية فى انفتاح هادف وحوار علمى بنّاء للوقوف بوجه الطائفية البغيضة وآثارها، تحمل الإصلاح نفوس كبيرة واعية تعيش مستوى الحدث والحاجة الماسة للحوارالهادئ الهادف البناء.
لاشكّ أنّ أصل حوار التقريب ينطلق من القرآن الكريم الداعى للوحدة الإسلامية فقد قال الله تعالى (وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (ولاتنازعوا فتفشلواوتذهب ريحكم) (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) (وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ). وأحاديث كثيرة جدا أمر بها النبى (المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يسلمه) وكذلك وصيته قبل وفاته (لاترجعوا من بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض). كما ورد عن الإمام على (وخير الناس فيّ حالاً النمط الأوسط فالزموه والزموا السواد الأعظم فإن يد الله مع الجماعة وإياكم والفرقة) وهى تأكيد على الوحدة والجماعة والسواد الأعظم من عموم المسلمين وتحذير من الفرقة والخلاف.
إنها دعوة العقل السليم فالوحدة قوة والتفرق ضعف وكلنا نؤمن بإله واحد وقرآن واحد ونبى واحد وقبلة واحدة والحياة الآخرة ونتشهد الشهادتين ونصلى خمس مرات فى اليوم ونصوم رمضان hellip; ولكن بشرطها وشروطها حتى يتسنى لها النجاح وتجاوز ما حصل فى حوارات سابقة غير فاعلة فلا أخفيكم فقد اشتركت فى حوارات عديدة سابقة ولسنين متعددة للحوار مع شخصيات معروفة فى هذا الباب ربما أكتب عنها لاحقا فهى جزء من تاريخ الأمة ومحنتها
وقد كانت هناك دعوات تاريخية عديدة قادها ساسة كبار مثل الخليفة الأموى المعروف بالقسط والزهد والعدل عمر بن عبد العزيزفى العصر الأموى، كذلك الخليفة العباسى عبد الله المأمون فى العصر العباسى الذهبى وهو يقود الحوار بين المذاهب المختلفة وآرائها المتنوعة. ولايفوتنا ذكر (دعوة التقريب بين المذاهب الإسلامية) مطلع الستينات بالقاهرة وسكرتيرها محمد المدنى وبمشاركة روّاد سنة كشيوخ الأزهر محمد عبده ومحمود شلتوت وعبد المجيد سليم، وشيعة عرب أمثال محسن الأمين ومحمد جواد مغنية ومحمد حسين كاشف الغطاء، وغيرهم من العالم الإسلامى أمثال جمال الدين الأفغانى وغيره ليصدروا مجلة (رسالة الإسلام) حيث كان الجو أخويا من مصلحين عاشوا همّ الأمة وعرفوا أن قوتها فى اتحادها وضعفها فى تفرقها وقد جمعتهم القبلة والصلاة والتوحيد والنبوة والمعاد وأركان الإسلام.كان شعارهم راية التوحيد ثم توحيد الكلمة وفق مبادئ القرآن الكريم والسنة الصحيحة رافضين التعصب الذميم والبدع والشرك وتحريم دم المسلم وماله وعرضه وإزاحة ما علق فى التراث من عصبية وجهل وتكفير. وتأكيدا على ضرورة مشروع التقريب وأسبابه، جاء فى بيان تأسيس جماعة التقريب المذكورة (إن الشعوب الإسلامية تفوق بتعدادها المليار نسمة موزعة فى كل أنحاء الأرض ومنتشرة فى مختلف القارات الخمس والمسلمون يعيشون فى أكثر من أربعين دولة مشكلين ثلث العالم أرضا وسكانا تقريبا. تمتلك الشعوب الإسلامية القدرات والطاقات المادية والمعنوية ومع هذا هم أضعف خلق الله وأكثرهم تخلفا..). يقول محمود شلتوت فى سيرة التقريب (كنت أودّ لو أستطيع أن أصور فكرة الحرية المذهبية الصحيحة المستقيمة على نهج الإسلام والتى كان عليها الأئمة الأعلام فى تاريخنا الفقهى، أولئك الذين يترفعون عن العصبية الضيقة ويربؤون بدين الله وشريعته عن الجمود والخمول فلا يزعم أحدهم أنه أتى بالحق الذى لامرية فيه... وقد تهيأ لى وعهد إلى منصب مشيخة الأزهر أن أصدرت فتواى فى جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة الأصول المعروفة المصادر..). لاشك أن المسلمين اليوم دخلوا جميع قارات العالم وتغيرت الظروف عن الستينات بل وازدادت الحاجة أكثر إلى التقريب والحوار الصادق بين المذاهب الإسلامية أمام المحن والمآسى التى تعانيها الأمة لاسيما ونحن نرى الأمة السورية تذبح يوميا بالدبابات والمدافع وغيرها.توقفت جماعة التقريب عن عملها فى أوائل السبعينات كما توقفت مجلة (رسالة الإسلام) عن الصدور تماما لعوامل كثيرة منها عدم تحقق الشرائط الموضوعية للحوار الصادق فى رؤية سليمة وفق منهجية سليمة وآليات صحيحة.
كذلك كانت هنالك مبادرات تاريخية أخرى مثل مبادرة الملك نادر شاه لعقد مؤتمر عام يجمع فيه أبرز العلماء الشيعة والسنة من أجل الوحدة الإسلامية وإقامة مؤتمر ضخم حقيقى لهدف التقريب بين الطائفتين. وفى11 كانون الأول عام 1743 م بعث الوالى أحمد باشا علامة العراق عبد الله السويدى للمشاركة وحضور70 عالما شيعيا، وسبعة علماء سنة من تركستان وسبعة من أفغانستان، وحضور لأكبر فقهاء شيعة العراق آنذاك نصر الله الحائرى من كربلاء الذى دخل على نادر شاه. رحب الشاه بالحائرى وقال له أنه يريد التقارب وتحريم التكفير للخلفاء الراشدين وإزالة بدع شاه الدولة الصفوية اسماعيل الصفوى. ثم خرج الحائرى إلى خيمة فقيه الإيرانيين على أكبر الملا باشى وتحاورا طويلا ثم حصل اجتماع كبير بين علماء الفريقين السنة والشيعة وكتبوا محضرا موقعا من الجميع وفيه كبار علماء المسلمين من العراق وإيران وأفغانستان وتركستان، من العرب والترك والفرس والأفغان، وعلى رأسهم فقيه العراق الشيعى آنذاك نصر الله الحائرى ومفتى العراق السنى عبد الله السويدى ومفتى الأفغان حمزة القلنجارى ومفتى إيران على أكبر الملا باشى ليوقعوا إتفاقا وحدويا عظيما يعالج المشاكل الأصلية والأساسية فى الخلاف فى احترام الخلفاء الراشدين ومنزلتهم وعدم الطعن فيهم وفى زوجات النبى، وأيضا اعتبار المذهب الجعفرى مذهبا إسلاميا خامسا إضافة للمذاهب السنية الشرعية المعروفة الأربعة المالكى والحنفى والحنبلى والشافعى ونقاط أخرى. طبعا كان صوت التعصب فى إيران أعلى من أصوات الوحدة والتقارب مما أسقط الإتفاق كلياً فى السنة القابلة.
كما حصل فى قمة مكة التاريخية في العام 2005 بالمساواة بين المذاهب الإسلامية الثمانية: الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية والزيدية والجعفرية والاباظية والظاهرية. وهى خطوة رائعة فى هذا القرن للتقارب وتحتاج إلى خطوات لإكمال المشوار ومتابعته بآليات عملية.فلابد إذن من الشرائط الموضوعية لنجاح الحوار ومن أهمها اعتبار القرآن والسنة هما المحوران الأساسيان للوحدة.كما أوصى الإمام على آخر حياته وقبيل شهادته بالقرآن والسنة قائلا صريحا (وصيتى لكم أن لا تشركوا بالله شيئا ومحمد فلا تضيّعوا سنته. أقيموا هذين العمودين وأوقدوا هذين المصباحين). وما أوضحها وأصرحها فالمصدران اللذان أوصى بهما هما الكتاب الكريم والسنة الشريفة ولا شئ آخر وأن يتم رفض السباب واللعن للخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين أزواج النبى والرموز الإسلامية وكما قال الإمام على (أكره لكم أن تكونوا سبابين) وحفيده الصادق (كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا). بينما بات البعض شينا ظاهرا فى الإعلام والقنوات الفضائية وغيرها يشار له بالبنان
إنّ ثقافة المحبة والتعايش والسلام تزرع الحياة والوحدة والتعاون من أجل البناء الهادف وهى ثقافة تحتاجها الأمم والأفراد بديلة عن ثقافة البغض والكراهية والأحقاد فهى تهدم البناء كله ومن أساسه كما تزرع الألغام والأحقاد وحتى الدماء نتيجة هذه الثقافة والكراهية. وربما يسعى البعض وهو ينبش فى التاريخ لعله يجد هنا أو هناك من انتقاء وقائع معينة لها ظروفها لتأسيس ثقافة الكراهية وتعميقها ونتائجها المأساوية.
تحدث الإمام علي بن أبي طالب عن الصحابة الأجلاء فى خطب عديدة من أهمها قوله (لقد رأيت أصحاب محمد فلم أر أحدا يشبهه منكم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، وقد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم. إذا ذكر الله هملت عيونهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الؤيح العاصف، خوفا من العقاب ورجاءا فى الثواب) نهج البلاغة/ الخطبة97. كما تحدث الإمام بصراحة ووضوح عن الخلافة الشرعية للخلفاء الثلاث السابقين له معتبرا الملاك الشرعى من خلال الشورى القرآنية وفيها رضا الله تعالى بل لايجوز ردها، فإن رافضها يرد إليها، فإن أصرَّ فيجب قتاله حتى يرجع إلى بيعة الخلفاء الشرعية قائلا: (إنه بايعنى القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد. وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضا، فإن خرج عن أمرهم خارج بأمر أو بدعة، ردُّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى) نهج البلاغة/ الكتاب السادس
كانت بيعة أبى بكر قد تمت من خلال الشورى فى سقيفة بنى ساعدة وهى محل اجماع وقبول كما قال ابن أبى الحديد المعتزلى (إتفق مشايخنا جميعا، المتقدمون منهم والمتأخرون والبصريون والبغداديون، على أن بيعة أبى بكر الصديق هى بيعة شرعية صحيحة) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد/ الجزء الأول/ الصفحة 28 فلا مجال لما يطرحه البعض بعدم شرعيتها خصوصا بعد بيعة الإمام على والصلاة خلفه وهذا التراكم فى السيرة العطرة
اشترك الإمام علي فى حروب الردة أيام الخليفة الأول كما ذكره المحققون كالسيد محمد باقر الصدر (ت 1980) قائلا (إن الحكم السني الذى مثله الخلفاء الراشدون والذى كان يقوم على أساس الإسلام والعدل، حمل علي السيف للدفاع عنه، إذ حارب جنديا فى حروب الردة تحت لواء الخليفة الأول أبى بكر، وكلنا نحارب تحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبى. إن الحكم السنى الذى كان يحمل راية الإسلام قد أفتى علماء الشيعة قبل نصف قرن بوجوب الجهاد من أجله وخرج الآلاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصا من أجل الحفاظ على راية الإسلام ومن أجل حماية الحكم السنى الذى كان يقوم على أساس الإسلام) البيان الثالث فى النجف فى شعبان عام 1399 هجرية
لذلك كان الإمام على مرجعا دينيا ومستشارا رئيسيا فى كل معضلة أو مشكلة تحتاج إلى حكمته ورأيه السديد زمن الخلفاء الثلاث السابقون له، فقد قال الخليفة الثانى مرارا وتكرارا (لولا على لهلك عمر) (لا أبقانى الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن). عندما أراد الخليفة الثانى فتح بلاد فارس والروم فإنه استشار الإمام عليا الذى قام بإسداء نصيحته الرائعة قائلا (إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب، لاتكن للمسلمين كانفة دون أقصى بلادهم، ليس بعدك مرجع يرجعون إليه. فابعث إليهم رجلا محربا، واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهر الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى كنت ردءا للناس ومثابة للمسلمين) نهج البلاغة/ الخطبة 134
فالإمام يطلب من الخليفة عدم الخروج للحرب بنفسه حفاظا عليه لأنه المرجع الذى يرجعون إليه والملاذ الذى يلوذون به، ثم بعث ابنه الحسن فى قيادة أوائل الحملات تأييد للخليفة الفاروق. وغيره كثير لمن راجع نهج البلاغة والمصادر القديمة
بعد شهادة الخليفة الثانى على يد المجوسى الإيرانى أبى لؤلؤة، وقف الإمام علي عند قبر الخليفة حزينا راثيا بأعظم رثاء خالد ذاكرا مناقبه وعظمته قائلا (فقد قوم الأود وداوى العمد وخلف الفتنة وأقام السنة وذهب نقى الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه. رحل وتركهم فى طرق متشعبة لايهتدى فيها الضال ولايستيقن المهتدى) نهج البلاغة/ الخطبة 228 وهذا المديح الرائع الناصع الواضح بعد شهادة الخليفة الثانى، فلا يعقل ما أورده البعض من كونه تقية فأى تقية أمام شخصية رحلت عن الدنيا وغادرتها إلى ربها. ومن هنا كانت الفرقة الزيدية لزيد بن على بن الحسين هى فرقة شيعية معروفة باحترام الخلفاء الراشدين ورفض سبهم وشتمهم والطعن فيهم ، كيف لا وقد درس زيد على واصل بن عطاء، كما أوردت العديد من فرق الشيعة حوارا جميلا بين إمامى فرقتى الشيعة: الزيدية والإمامية أى زيد وأخيه محمد الباقر
وهنا لابد من الإشارة إلى مبدأ التقية الذى يبالغ به البعض في تناقض واضح بين ما يعلنه من كلام أمام الملأ فى مؤتمرات التقريب وبين ما يؤمن به من تكفير وتفسيق وتضليل وحكم على الآخرين بالخلود فى نارجهنم كما يزعمون باعتبارهم مسلمين لا مؤمنين وكأنّ الله سبحانه وتعالى فوّضهم للفصل بين الناس فى الدخول للجنة أو النار رغم ازدواجيتهم وتهافتهم وتناقضاتهم الكثيرة وتأويلاتهم الدينية العجيبة
فلا يعقل ما تقام من مراسيم فرح وابتهاج بقتل الخليفة الثانى وما يصاحبها من مراسيم لا أخلاقية ومثيرة للإشمئزاز وكذلك مراسيم وفاة بعض أزواج النبى لاسيما عائشة بيت الخليفة الأول، وما يصاحبها من مراسيم الطعن فيها وهى عرض النبى وقد برّأها القرآن صراحة
ومن الظواهر الرائعة بين متعلقي الخلفاء هو كثرة الزيجات والمصاهرات بل وتسمية الأبناء باسمائهم كما سمى الإمام علي أولاده بأبى بكر وعمر وعثمان وكذا فعل الإمام جعفر الصادق وغيره حتى كان جعفر الصادق بقول (أولدنى أبو بكر مرتين)، وقد تزوج الإمام على أسماء بنت عميس زوج أبى بكر بعد وفاته ليربى محمد بن أبى بكر فى حضنه، كما زوّج الإمام ابنته أم كلثوم للخليفة عمر بن الخطاب لتنجب له زيد بن عمر ورقية بنت عمر. تزوج الحسين بن على بعاتكة بنت زيد وهى بنت عم عمر بن الخطاب وزوجته قبل شهادته وسمى أولاده أبا بكر وعمر وعثمان. ومن أبناء الحسن بن على أبو بكر وعمر وعثمان وكذلك الباقر والصادق. أما السجاد فمن أبنائه عمر، وتزوجت سكينة بنت الحسين زيد بن عمر بن عثمان بن عفان ثم من بعده مصعب بن الزبير بن العوام المقتول بالكوفة، وتزوجت أختها فاطمة بنت الحسين عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بعد وفاة زوجها الحسن المثنى وغيرها كثير جدا يحتاج لبحث مستقل طويل، علما أنّ الحديث المعروف والمنطق (إختاروا لنطفكم) مما يؤسس رؤية منفتحة للمحبة والتعايش.
وقف الإمام علي مدافعا عن الخليفة الثالث مانعا الناس من الهجوم عليه وأوقف على داره ولديه الحسنين سبطى الرسول وسيدي شباب أهل الجنة دفاعا عنه فى سياسة واضحة للسلام والمحبة والتعايش والبناء وهو ما يحتاجه المسلمون من ثقافة التسامح والمحبة والتعايش لمختلف الطوائف والفرق، وهم يرون الأوربيين يجتمعون فى اتحاد رغم كثرة خلافاتهم العقدية والدينية والقومية والتاريخية.
تعقد هذه الأيام الكثير من الندوات بين المذاهب الإسلامية وبعضها لمجرد الإعلام كما أن هناك عقبات كبيرة تقف أمامها لذا تظهر ضرورة وضع شرائط موضوعية لكى ينجح الحوار. من الشروط الموضوعية هو أن يحسن اختيار رجالات الحوار المناسبين والمؤهلين والواعين لذلك وتلك مهمة كبيرة وليست يسيرة فإنما يراد بالحوار الصادق أهدافا نبيلة سامية لا مجرد شعارات يستغلها البعض هنا أو هناك دون ثمرات ملموسة فلابد أن يكونوا واعين وعلى بصيرة ووضوح الرؤى (قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى). هذه الأمة التى أراد الله لها أن تكون خير أمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) والإستجابة لما يحييهم (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم). فكيف تحيى هذه الأمة وتعالج أزماتها المتراكمة بدون الإتحاد والتعاون والحوار الهادئ والهادف والصادق الصريح لرواد مصلحين حقيقيين يحملون همّ الأمة وقد وضعوا أياديهم على الداء لعلاجه فى رؤى حقيقيية واستراتيجيات هادفة وبرامج عملية سليمة .