كلام كثير عن العلاقات الامريكية /الايرانية، وما زال بعض المحللين المطلعين والضالعين في هذه القضية يتريثون في اعطاء رايهم الصريح بما ستؤول اليه المحادثات بين الطرفين، واسباب هذا التريث كثيرة، منها عمق وتشعب المشاكل القائمة بين الدولتين، خاصة على صعيد الملف النووي،ودور ايران في العراق وسوريا ولبنان، وغير ذلك، وهي كما يصفها كثيرون تحدد مصير المنطقة!

العراقيون يترقبون نتائج هذه المحادثات، وما يمكن ان تسفر عنه من آثار وترتيبات تخص بلدهم بالاساس، ليس لان العراق مجاورٌ لاحد طرفي المعادلة الصعبة، بل لإن العراق احد اهم ساحات الصراع بين واشنطن وبغداد بشكل وآخر وبصرف النظر عن اي الطرفين راجح او مرجوح على صعيد حاصل هذا الصراع.
ماذا اذا فشلت المحادثات وماذا اذا نجحت بغض النظر عن التفاصيل؟
العراق لا يملك من أمره الكثير في كلا الحالتين، بسبب ضعف حكومته ، ولان صنّاع قراره السياسي في الحكومة او المعارضة لا يملكون سيادة القرار، فضلا عن تشوش هويته السياسية والاقتصادية، واضطراب جغرافيته بين تمرد وولاء طائفي وانتماء قومي وتناحر عشائري، فدولة بهذه المواصفات تبقى منفعلة لا فاعلة، ليس لها كلمة في ما يجري فيها وحولها.
الرهان على مشروع وطني ليس مجديا، بسبب الشروخ الكبيرة داخل المجتمع العراقي، بهويتها الطائفية والقومية والعشائرية، وبسبب ضعف تلك القيادات سياديا كما أُسلف القول، الرهان على حكومة قوية تملك زمام الامر في البلد هو الآخر رهان بات شبه مستحيل، او بعيد المنال، تاليا، سيكون مصير محل مساومة بين طهران وواشنطن، ولم تتضح بعد معالم هذا المصير، هل هو تقسيم نفوذ؟ ام هو ترك العراق حرا يقرر مصيره بيده؟ أم تبقى عملية الشد والجذب بين طرفي المعادلة كما هي وإن بعض التغييرات في تفاصيلها؟
حكومة السيد نوري المالكي متمثلة في شخصه في حيرة من أمرها، لان المالكي ليس مبسوط اليد في حكومته، سواء برغبة منه او رغما عنه، والحديث عن املائات واشنطن وطهران عليه شخصيا اصبح متداولا في الشارع العراقي بشكل عاد ومستمر، واشبه ما يكون بديهيا، ويوعز كثير من اصدقاء السيد المالكي فشله الذريع في انجاز ما وعد به الشعب العراقي منذ توليه السلطة وحتى الان،اي منذ اكثر من سبع سنوات الى جملة اسباب، منها هذا الحصار المضروب عليه من الدولتين، وهو بحاجة الى كليهما، ولا يستطيع الموازنة بين الطرفين، لاسباب عديدة، منها هو إن قرار السياسيين الذين معه أو ضده تبع وليس مستقلا!
اخبار مسرّبة تفيد ان السيد المالكي سيطرح مشكلته هذه على السيد أوباما في لقاءه بعد ايام، و ربما يطالبه بتفعيل الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الحكومتين، كعلاج بل خلاص من هذا التذبذب المهلك، فيما يشكك بعضهم بجراة المالكي على ذلك، اولا لخوفه من اتهامه بالخيانة الوطنية، وهي شخصنة وطنية لا يعترف بها التاريخ فيما بعد، وثانيا لان ايران تقف له بالمرصاد، والاخبار تفيد انه منزعج من ايران خاصة وهو يعلم بانه مخترق من هذه الناحية إلى حد النخاع.
الاتجاه نحو ايران هو الاخر ليس بالموقف السهل، فهو معارَض من سنة العراق، وبعض دول الجوار، ولاميركا علاقات خفية مع مفاصل مهمة في العراق،ربما فيهم عسكر ورؤوس عشائر وزعامات احزاب، وهناك تردد بل حسم من قبل الشيعة العراقيين بشكل عام تجاه اي ارتماء باحضان ايران، لانهم عرب، ولان ايران تسببت لهم بكثير من المشاكل حتى على صعيد اقتصاد العراق ومائه وارضه، وعليه، لا يمكن للمالكي ان يخطو هذه الخطوة.
راصدون مختصون بالشان العراقي يؤكدون ان الشعب العراقي متململ من هذا الوضع المأساوي، ويفتش عن الخلاص، وهناك شبه قناعة لدى الشعب العراقي إن هذا الخلاص ليس بيد الحكومة، ولا بيد احزابه ومؤسساته السياسية، ولا بيد قوة اقليمية كان تكون طهران او انقرة او الرياض، وبالتالي، لم تكن غير واشنطن...
فهل سيفاتح المالكي اوباما بذلك؟