وصلتني عبر بريدي الألكتروني مقاله للدكتور حازم الرفاعي.. المرأة المصرية بين هموم الأنوثة وحصار المجتمعquot;quot;.

متسلحا بالعلم يتطرق الدكتور لموضوع هام يخص المرأة المصرية.. وإن كان هذا الموضع يهم المرأة العربية في كل مكان. يبدأ في الإعتراف بان الحاجة الجنسية مثلها مثل كل الحاجات الطبيعية للإنسان.. ولكنها وفي العصر الحالي يجب تنظيمها من خلال العلم.

ثم ينتقل إلى دور العالم الغربي وحاجة الرأسمالية الغربية للعماله والتي أدت إلى الإقتناع بضرورة توسيع مفهوم الحريات من مجرد حرية التنقل إلى حريات أوسع وأشمل لتستفيد منها المجتمعات والرقي بها لتصبح قيما عالمية.. بدءا بحرية التعبير والعبادة، والتحرر من الاحتياج والخوف. ثم ينتقل إلى دور الحركة النسوية في إضافة الحرية الخامسة التى أضافتها الحركة النسوية فى العشرين عاما الماضية. وهى مفهوم (الحرية الإنجابية)...

quot;quot; أصابها تشويه متعمد فى مصر رغم أنه فى حقيقته المجردة البسيطة أنه (من الإنسانى أن يكون كل حمل هو حمل مرغوب فيه، وأن من يحدد هذا هو المرأة ذاتها).quot;quot;
في صغري.. كثيرا ما سمعت صرخات جارتنا أم الأطفال التسعة التي كانت تتعرض للضرب والإهانة من زوجها العاطل عن العمل بعد كل زيارة للمركز الصحي الوحيد الذي كان موجودا والذي أسسته مجموعة من الراهبات ( راهبات الوردية ) للعناية بالمرأة.. كنت أستمع من خلال الصرخات.. الإهانات اللفظية التي كانت تتعرض لها ثم أن هؤلاء كفار يريدون أن نتوقف عن الإنجاب لكي تفرغ الساحة لهم. وأنها في محاولتها أخذ حبوب منع الحمل لم تطع وصية الرسول.. طبقا للحديث quot; تكاثروا فإني مباهي بكم الأمم يوم القيامة quot;quot;..

الكاتب محق في أنه بدون حرية المرأة في الإنجاب او عدمه لا يمكن لمصر أن تخرج من ورطتها الإقتصادية.. ولكن تساؤلي ينبع من....
كم من إمرأة في المنطقة العربية تشعر بحرية ملكيتها لجسدها بينما هناك سيف مسلط عليها إسمة قتل الشرف ومسح العار...... كم من إمراة وحتى المتزوجة تستطيع المطالبة بحقها في الإستمتاع بالعلاقة الطبيعية (كما في الجوع والأكل والتنفس ) أسوة بالرجل.. بدون أن rsquo;يشك في أمرها.. أو نعتها بانها ساقطة؟؟؟ كيف لهذه المرأة ان تشعر بحرية ملكيتها لجسدها وقبولها او رفضها للعلاقة الجنسية.. بينما يتسلط عليها رجال الدين بآية quot;نساؤكم حرث لكم فأتوا نساءكم أنّى شئتم quot;.. ليذكرها ليل نهار بأنها ليست سوى وعاء إستمتاع للرجل.. وله وحده صك الملكية..

كيف تكون لديها أية قدرة على الخيار في الحمل او عدمه.. بينما تؤكد عواصف الربيع العربي العاتية.. إن الإسلام السياسي الذي صعد على أكتاف المسح والتغييب العقلي للمرأة بحيث تلفلفت بالجلابيب السوداء تخلصا من جسدها الذي زادوه تأكيدا بأنه عورة.. ثم كانت حقوقها أول من هدرة الإسلام السياسي..

إن محاولة تبلور أية حركة نسوية عربية أسوة بالدول المتقدمة لا يمكن أن تحقق أهدافها لنيل حقوق المرأة.. أو للتطور المجتمعي بدون الخروج من محاولات العمليات الجراحية التجميلية للشرائع الدينية... فمهما حاولنا لي أعناق الآيات والأحاديث فمن المستحيل أن تتوافق مع بعضها البعض ناهيك عن عدم توافقها مع العصر.. إن محاولات القائمين على الدساتير العربية بتقديم تفسيرات غير تقليدية للشريعة يتعارض في بعض أوجهه عن النص..

إن محاولة تفسير المساواة بين الرجل والمرأة في المقولة التالية...
quot;quot; الرجل له الحق في تطليق زوجته (غيابيا) دون الاتفاق معها على ذلك؛ والمرأة لها الحق في الانفصال عن زوجها بشكل أحادي الجانب (الخُلْع). إذا فهناك مساواة، ولكن باستخدام أساليب مختلفة.quot;

ليس سوى تحايل على الحقيقة لأن الخلع نفسه أجبر المرأة على التنازل عن كل حقوقها المادية...إضافة إلى إجبارها على التخلي عن حضانة اولادها إلى أن يحكم لها القضاء (ربما ).. فأين المساواة؟؟؟ أن الخلع نفسه أقر بعدم المساواة بين النساء حين سهّل للمرأة القادرة ماديا على الخروج من علاقة تسبب لها الإيذاء النفسي والمعنوي بينما حرم إمراة أخرى غير قادرة ماديا من الخروج من عبء هذا الضرر النفسي لعدم قدرتها المادية..؟؟ فأين المساواة التي هي روح القانون؟؟؟

أما مقولة جعل الشريعة مصدرا للتحرر.. وللحرية.. فإنها أيضا تتنافى مع الأساس الديني الذي جعل الإنسان عبدا لله.. بحيث حرّمت عليه التفكير المنطقي والعقلاني في كل المظاهر الطبيعية الأخرى. وإعتمد في كل تفسيراته على ما جاء في النص.. ولم يطلق لعقله العنان للإبداع...!!!

من المستحيل للحركة النسوية العربية أن تساهم في التطور المجتمعي الملح في المنطقة العربية ناهيك عن أن تصل لمرحلة الفاعلية في القرار السياسي بدون أن تثور المرأة نفسها ضد هذه التفسيرات.. وأن ترفض ان تكون هذه التفسيرات قدرها الذي لا مناص منه.

أن ترفض أن تكون مباهاة الأمم بكثرة التعداد السكاني على حساب صحتها الجسدية والنفسية.. أو موتها أثناء الولادة...
أن ترفض إستعمال أطفالها قنابل موقوته.. كما جاء في مقولة عرفات بأن لدينا الولادات الفلسطينيات مهما قتلت لنا إسرائيل من شباب!
لقد آن الأوان للحكومات العربية كلها ان تتبع ما قامت به انديرا غاندي حين رأت أن الطريقة الوحيدة لإخراج الهند من الفقر والمجاعه هي بسن قوانين تنظيم الأسرة.. والتي جعلت من الهند من أكبر الدول الصناعية في العالم فيما بعد... بدل الدخول في متاهات التأويلات والتفسيرات...

إن مصر والمنطقة العربية كلها بحاجة ماسة إلى التنمية الإقتصادية.. وهي بدورها بحاجة إلى تغييرات إجتماعية كبيرة للإنعتاق من التفسيرات والتاويلات الدينية التي لا تتناسب مع مطالب التنمية نفسها.. من إحداث توازن معقول بين الموارد الإقتصادية والتعداد السكاني والتي اصبحت أحد أهم عوائق التنمية المستدامة..

المرأة العربية بحاجة إلى الخروج من عباءة الظلام التي فرضها تفسيرات عقيمة لرجال نصّبوا أنفسهم أوصياء عليها.
عليها ان تثور وترفض إستغباء عقلها.. كما جاء في تفسير فقهاء الدين السعوديين بأن قيادة السيارة تؤدي إلى منع الحمل؟؟؟

وفي النهاية لا أستطيع إلا أن أوافق رأي الدكتور حازم الرفاعي بضرورة أن يتضمن الدستور المصري الجديد بل وكل الدساتير العربية على نص أو كلمة تؤكد مفهوم الحرية الإنجابية للمرأة.. وأضيف بدون الفصل الحقيقي بين الدين والدولة لا يمكن خلق ديمقراطية تتناسب مع إحتياجاتنا الخاصة.. فنحن بشر ولا نتميز عن بقية سكان الأرض... إحتياجاتنا واحدة.. وآمالنا للمستقبل واحدة...

بصيرة للحقوق الإنسانية