يوما بعد آخر.. تسوء الاحوال في العراق وتصل الى درجة عظيمة من اليأس والاحباط اللذين يجللان الانسان العراقي البسيط فيجعلانه يتصبب قهرا وعناء ورعبا من المجهول المقبل.

اليأس في ان يكون الوضع افضل مما هو عليه قبل 24 ساعة، والاحباط من ان القائمين على الدولة سيرعوون ويكونون قادة ويمحقون الفساد والبؤس والحزن والفجيعة، ويقدمون للمواطن ما يشعره بالطمأنينة، ان يعملوا على تغيير الوجوه التي باتت تتحكم بالبلاد والعباد على مدى عشر سنوات، ولا تعمل وفق الرجل المناسب في المكان المناسب، بل انهم يتعمدون اعطاء الرجل الذي لا يفقه شيئا مناصب عدة، ويقولون له : اذهب لتلعب كيفما تشاء بمقدرات الناس، فيذهب ليتعسف بجهالته ويضطهد بغروره ويفسد حد العفن، فيتحول الى أله،وعلى الذي يدورون حوله ان يقولوا له مرددين بالصوت والصورة : انت ربنا،رب العطايا والهبات،لانه وحده القادر على المنع والعطاء فتصبح المؤسسة مخدعا فيها النساء جواري والرجال يلهجون بالسمع والطاعة.

لا احد لديه حل.. ابتداء من رئيس الوزراء الذي ما زال يغض النظر عما يجري في البلد ولا يرى الا الصورة التي يرسمها له مستشاروه والمداحون والانتهازيون الذين يريدون ان تكون لهم حصة الاسد والنمر والذئب ممما في الدولة،وهذه الصورة مرسومة بألوان خلابة ومعطيات مفعة بالتفاؤل والفرح والامن والامان،يأتونه بصورة لشارع الشانزيليزيه ويقولون له هذا شارع الرشيد المتهالك الذي نحيبه يصل الى سابع السموات،يأتونه بمن يرتدي (القاط والرباط) فيقولون له هذا كفاءة نادرة،فيكون نصيبه منصبان متناقضان، يمنح كل حزب حصته ويزيده عليها، ولو اجتمعت كل اضابير السوء لرجل فلن يزحزحه من مكانه، لان قانون غاب المحاصصة هو النافذ.

لذلك تزداد الامور سوء وكل شيء يمشي بالاخطاء والاغلاط وتتحول الدولة العراقية الى عوالم صاخبة بالخطأ والاذى والخراب، كل شيء في الحياة العراقية يتفكك امام اعين القائمين على الدولة وبأوامر منهم، والمهم لديهم ان يكون جلوسهم على الكراسي مريحا وان تدور من حولهم دوائر التهاليل وبالروح بالدم والتصفيق الذي يتكرر في لحظة واخرى مع كل ايماءة او هزة رأس، لا شيء في العراق يدعو الى الامل والتفاؤل، ولا في اي مجال من مجالات الحياة، لا في السياسة ولا الخدمات ولا العلاقات الاجتماعية ولا في الاقتصاد ولا في الرياضة ولا في الفن ولا في الثقافة،الاحوال تتردى وتتقهقر بشكل صارخ وفيها ترتكب مجازر من الاخطاء التي تعقد الامر وتزيد من الازمات والاشكالات، والحكومة تختلق التبريرات وتقرر على عجالة ومن ثم تنسى، لا يمكنها ان ترفع رأسها لترى عواقب ما فعلت، بل انها تشبك اصابع يديها وتضعها على ام رأسها وتسترخي في غرفة عازلة للصوت.