لسنا ندرى هل لايزال البشر يتفقون على صحة نظرية المدخلات والمخرجات أم أن هناك مستجدات على الساحة تشكك فى صحتها بل وربما تهدمها من الأساس؟ هل يمكن ان يكون هناك مخرجات أو نتائج مختلفة لنفس المدخلات أو نفس الاسباب؟

فى هذا السياق سنحاول فى هذا الطرح أن نفكر معا بصوت عال هل يحتاجنا الله أم نحن المحتاجون إليه وهل يريدنا الله مشجعين أم مؤمننين،وربما يفيد أن نسوق هذه المقاربة كمثال لمحاولة القاء الضوء على سلوكيات عنصرية ظهرت فى نصف القرن الماضى سلوكيات تمايز دينى يدعى أصحابها أنهم المختارون المصطفون من الخالق بتفويض حصرى هم دون غيرهم من البشر أما الباقون فهم أشباه بشر يجب احتقارهم وان أمكن إبادتهم من على وجه الارض، هذا هو الفكر الموبوء فى هذه المنطقة الموبوءة من العالم فكر جعل الصدام مع هذه النظرية الازلية الأبدية أى نظرية الاسباب والنتائج جعل الصدام معها صدام دام نرى نتائجه على مدار الساعة. فإذا افترضنا جدلا قيام فعالية رياضية على اساس دينى (سباق بين أتباع الاديان المختلفة فى العدو مثلا)، تضم متسابقين مختلفين فى العقائد، منهم المسلم بتفرعاته والمسيحى بطوائفه واليهودى والهندوسى والبوذى و والخ (بالمناسبه أنا لاأحبذ مصطلح الديانات السماوية وغير السماوية احتراما لحق كل انسان في قدسية ما يعتقد)، وبينما الجميع متأهبين تماما فى المضمار، يطلق الحكم صفارته لبدء السباق،تلتهب المدرجات بالهتافات العارمة وتلتهب الأكف بالتصفيق الحاد المتواصل،كل يشجع ابن عقيدته برفع الرموز الدينية عاليا واطلاق الحناجر بالادعية لاستمطار المراحم السمائية لجلب الفوز والتتويج لهذا اللاعب او ذاك، وبالطبع لن يخلو الامر من بعض المتعصبين اللذين يطلقون الهتافات العدائية لتجريح وتسفيه عقائد الاخرين و(تذكير الله ) بأن هناك متسابقين يعتقدون بعقائد تشرك به، أو أنهم وثنيين أو أنهم خارجين على الملة و، و،الخ من أنواع السباب الدينى المنتشر الان على الساحة.وبعيدا عن هذه الهتافات العنصرية،وبينما يجرى الجميع وكل يحاول الفوز بالجائزة سوف نناقش معا- وحتى ينتهى هذا السباق المحموم - بعض الامور عمن هو الاجدر بالفوز.

الامر الاول:
بالطبع هؤلاء الشباب مختلفين فى الاجناس والأديان والاعراق والبيئة، لكن منهم من يؤمن بنظرية الاسباب والنتائج وهؤلاء استعدوا للسباق بجدية التدريبات والنظم الغذائية الصارمة والرعاية الطبية والنفسية،وهم يعلمون تماما فى قرارة أنفسهم أن حسم السباق لن يكون إلا فى المضمار،ونتيجة حاصل جهد اللآعب والمدرب والطبيب وإخصائى العلاج الطبيعى وإخصائى التغذية ومنظومة المجتمع التى أفرزت هذا المتسابق من حيث قيم العدل والحرية والثقافة وحتى حالة الطقس و و..إلخ، ومنهم من يؤمن بنظرية التمايز الدينى التى سوف تؤمن له النصر (على الاعداء) كوعد إلهى أما مسألة الاستعداد هذه فهى مسألة فرعية لاتتوقف عليها النتائج فإن جاء النصر فهو من عند الله وإن جاءت الهزيمة فهى قدر مكتوب.

الامر الثانى:
لو أقيم السباق مثلا بين مجموعة من المتسابقين (متحدى الملة ) ترى هل يمكن أن يتغير معيار الفوز على اساس مدى تقرب هذا المتسابق أو ذاك الى الله مثلا، أو أنه يتبع مذهب معين فى هذه الملة وفى هذه الحالة ترى من سيحدد مقياس الابتعاد والاقتراب،ومن سيحدد المذهب المفضل عند الله،هل هناك آلية محايدة يمكن بها الحكم على ذلك؟وربما يساعدنا الاستدلال بهذا المشهد الواقعى فى الاقتراب أكثر من حجم المأساه التى نحن بصددها:
فى مباراة لكرة القدم جرت منذ فترة فازت مصر على السودان بعدد كبير من الاهداف وعقب كل هدف يظهر اللاعبون المصريون طقوس الشكر الواجب لله على (مؤازرتهم ) فى النصر (على الأعداء)بالسجود الجماعى على أرض الملعب وفى اليوم التالى قرأت فى أحد المواقع السودانية تعليق أرسله قارئ يتسائل فيه كيف نطبق الشريعة فى بلادنا ثم يفوز علينا باعة الخمور وآكلى لحوم الخنازير،(كان ذاك قبل اعدام الخنازير فى مصر) وبقدر ما كان التساؤل فطريا كانت المأساه عميقة،عميقه فى قلب هذا الشاب وكل جيله،مأساه أنشأتها وأصلت لها ومولتها قوى شريرة حجبت عن ثلاثمائة مليون من البشر فى هذه المنطقة المنكوبة، حجبت عن أعينهم بديهيات وأغرقت عقولهم فى غيبيات لاتمت للعقائد بصلة وها المخرجات على الساحة واضحة للعميان، فشل هزائم كوارث فقر جهل مرض حروب وعنصرية و.وإلخ وهى كلها مخرجات محكومة بنوع المدخلات فمما تزرع بالضرورة يجب أن تحصد.

الامر الثالث:
هل من الصفات الالهية (حاشا) أن يحابى الله إنسانا ليفوز بسباق لمجرد أن هذا الانسان قرر أن يعبده كخالق للكون طبقا لطقوس هذه العقيدة أو تلك وهذا يجرنا إلى تساؤلات قد تبدو صادمة لكنها مشروعة منها هل يحتاج الله الى عبوديتنا أم نحتاج نحن إلى ربوبيته؟ هل يحتاجنا الخالق مشجعين له أم مؤمنين به،وهل يكره الله بقية سكان هذا الكوكب من غير المؤمنين؟ وبالمناسبة غير المؤمنين بالله هم الاغلبية فى العالم لمن لا يعلم الصينيين والهنود واليابانيون ومعظم شرق وجنوب شرق اسيا،وهم بشر لهم معتقداتهم التى نطلق عليها ديانات وضعية،بالطبع يضاف اليهم الملحدين المستترين خلف خانة الديانة فى بطاقات هوية هى أقرب لصكوك الايمان والكفر، تساؤل آخر لماذا يشرق اله شمسه علي هؤلاء الكفرة الملحدين، ولماذا لا يستجيب لتضرعاتنا اليومية فى كل الصلوات بإبادتهم وحرقهم؟ ولماذا تزدهر مزارعهم ومصانعهم ومراكز ابحاثهم، ولماذا هم السادة المانحون المانعون المتحكمون ونحن المستجدون المنهزمون الضعفاء،وتساؤلات أخرى كثيرة تدور فى عقول الشباب كالأعاصير المدارية ولا أحد يستطيع الاقتراب منها وتظل معلقة بين الارض والسماء كالذبائح النجسة.

الامر الرابع:.
إن شروحات ثقافة نصرة ألله المتداولة أفرزت نوعا من البشر هم أقرب للمشجعين منهم للمؤمنين وعظمت الالتباس فى العلاقه بين ألله والانسان وجعلت منها نوعا من علاقات تبادل المنفعة فما دمت أعبدك يارب فلزاما عليك أن تنصرنى (ظالما أو مظلوما) وقد ينجر ضعاف الايمان إلى مراجعة هذه العلاقة وربما تقييمها كل فترة على ضوء تنفيذ كل طرف لالتزاماته أى المبدأ المتفق عليه أنصرنى أنصرك.

الامر الخامس:
يتناسى بشر كثيرين وخصوصا المتعصبين منهم أن مظلة الله كاملة وسليمة وليس بها ثقوب وهى تظلل كل من حاز على لقب إنسان أما مسألة أعبده أو لا أعبده فتلك مسألة حدد لها الله طبقا لكل ماهو بين أيدينا من كل الكتب المقدسة ndash;وحتى غير المقدسة- حدد لها يوما ومكانا للحساب هناك فى ملكوته، ملكوته هو وامام عرشه هو ولم يوكل أحدا على الاطلاق للقيام بدوره أو اختطاف صلاحياته أو جزءا منها على الارض فهو المالك الأوحد ليوم الدين.

الامر السادس :
إن الذين يضعون العقيدة (أى عقيدة)فى المواجهة لاختبارها هم الخبثاء المترددين فإن جاء النصر فهى معجزة بكل المقاييس لادخل فيها لاى جهد بشرى وإن جاء الاخفاق يسود البكاء والعويل وتتوه أجيال فى التفسير والتأويل وتشريح النصوص للبحث عن الاسباب، أسباب الاخفاق المزمن ويستبعد الجميع القانون الالهى الصارم مما تزرع يجب أن تحصد أى نظرية المدخلات والمخرجات الازلية فنواتج مدخلات الكراهية والتعصب والاستعلاء والتمييز والعنصرية لايمكن الا أن تكون قتل ودماء وحروب وجوع ومخيمات ولاجئون وبقية المخرجات الحتمية.

الامر الاخير:
أعتقد أن ألله العادل الكامل حاشا ألا يكون عادل وكامل فى كل وقت وكل زمان وكل مكان ومع أى إنسان بغض النظر عن لونه او دينه او عرقة، ألله بعدله المطلق يكافئ الامم والشعوب والافراد بقدر احترامها لإنسانية الانسان وحقوقة التى منحها له خالقة منذ ولادته، وبعدله المطلق يكافئهم بقدر العلم والعمل والبحث وقيم الحرية والعداله بين البشر، وهى المدخلات الاساسية لصنع حضارة وتقدم وفوز وانتصار،وبعدله المطلق يكافئهم بقدر استثمار الهبه الالهية التى منحها الله للانسان دون غيره من الكائنات وهى العقل، العقل الذى تتجنب إعماله أمم كثيرة حتى تتجنب الاجابة على السؤال الكبير الخطير هل المخرجات يجب أن تكون نواتج المدخلات أم لا،والله بعدله المطلق لا يكافئ الناس بدرجة حشدهم للتظاهرلنصرته على أعدائه لكنه يكافئهم بدرجة التزامهم بقانونه الازلى مما تزرع إياه تحصد أيا ما كانت عقيدتك أو لونك أو جنسك.

نعود الى السباق فإنه يبدو على وشك الانتهاء وقسم من المشجعين يهتفون لأحد المتسابقين يستمطرون له المعونة الالهية لنصرته ويبدو أنهم أغلبية فى المضمار لأن أصواتهم أعلى وهتافاتهم أقوى لكن يبدو أن متسابقهم على وشك أن يخذلهم فتخبو أصواتهم شيئا فشيئا ثم يصل الحميع متتالين الى خط النهاية وبينما الفائز يتلقى التهانى من مشجعيه يخرج الباقون متسابقون ومشجعون وعلامات البؤس على وجوههم جميعا فقد خذلتهم السماء رغم قوة الهتافات التى أدمت حناجرهم والهبت أكفهم ونسوا أو تناسوا أن الفائز قد فاز طبقا للشريعة الالهية الازلية الابدية وليس طبقا لنظرية الألتراس.