التقارب الامريكي الايراني جعل من حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط ان يعيدون النظر في مواقفهم تجاه الولايات المتحدة، والسعودية على رأس الدول التي بدأت تلحظ التغير الاستراتيجي في السياسة الامريكية وهي المملكة التي تحتسب من اقرب الدول الصديقة مع الحكومات التي تعاقبت على العاصمة الفيدرالية لدولة القطب الواحد الذي يملك اكبر اقتصاد في العالم.
وبعد السعودية تأتي دول الخليج ومصر الجديدة بعد الاطاحة بحكم الاخوان برئاسة محمد مرسي، وكان موقف دفاع امريكا عن الاخوان ومرسي غريبا وغير مألوف على الساحة السياسية في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ولم تكتفي واشنطن بهذا بل عمدت الى قطع المساعدات المالية والعسكرية التي تعهدت بها بموجب اتفاقية كامب ديفيد تجاه القاهرة ايام الرئيس الراحل انور السادات.
وبحكم التغيرات الفجائية التي بدأت تشهدها السياسة الامريكية نشهد اليوم تقاربا أخر يتسم بالغرابة والتناقض على ساحة الاحداث المضطربة في المنطقة وهو ما يحصل من شد وجذب بين واشنطن ودمشق على حساب الشعب السوري الذي يناضل منذ سنتين لتحقيق النجاح لثورته العارمة التي انطلقت في اغلب المدن والقرى والارياف، ويبدو ان امريكا التي تمايلت نحو السياسة الروسية تحاول ان تبقى على الاسد لقيادة المرحلة الانتقالية بالاتفاق مع موسكو، وعراب هذه الخطة الامريكية هو الممثل الاممي الاخضر الابراهيمي.
وبالرغم من ان الدبلوماسي الجزائري معروف بانه كان ممثلا للامين العام للامم المتحدة في مهام عديدة حول العالم، جنوب افريقيا وهايتي ونيجيريا والسودان وافنغانستان والعراق، واخيرا سوريا، الا انه من رجال جبهة التحرير الجزائرية وهو من ضمن رجال صفوف المقدمة ويحسب على النظام الحكم في الجزائر ومثل مكاتب الجبهة في القاهرة وجاكارتا، وبالرغم من سمعته الدبلوماسية على الساحة الدولية الا ان المثقفين الكرد لا ينظرون اليه بالايجابية، ونفس النظرة مع الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة ومع الرئيس الاسبق هواري بومدين، لان الاخير هو عراب الاتفاقية سيئة الصيت المعروفة باتفاقية الجزائر بين العراق وايران التي ادت الى فشل وانتكاسة الثورة الكردية سنة 1974، وكثيرا ما طلب من الرئيس بوتفليقة الاعتذار للشعب الكردي نيابة عن نفسه ودولته جراء دوره في دحر ثورة الاكراد.
واليوم وبعد تأكيد تقارير خبرية عن تصريحات مثيرة للابراهيمي لفتح باب المشاركة امام ايران للاشتراك في مؤتمر جنيف2 ومحاولة الابقاء على رئيس النظام السوري، يبدو ان العراب الاممي قد فقد توازنه وعبر عن سيناريو يساير به التقارب الامريكي الايراني للحصول على امتيازات واستحقاقات، ووصفه بـ quot;المنبوذquot; في الخليج لم يأتي من فراغ بل جاء استحقاقا له بسب مواقفه المؤيدة والمساعدة للنظامين في طهران ودمشق لفتح باب المشاركة لهما في مؤتمر جنيف2 للحصول على كعكة كبيرة.
وحسب مجريات واحداث الماضي فان هذا الدبلوماسي مديون للكرد منذ زمن طويل، وهو يعتبر مشكله بحد ذاته كما يصفه احد الخبراء العاملين في الامم المتحدة وضيف quot;كيف يتمكن من حل مشكله متل مشكلة سورياquot;، ويتذكر الخبير جيدا كيف ان الابراهيمي اصر في تابين الدبلوماسي العراقي الكردي الاصل المرحوم عصمت الكتاني وباصرار كبير انه دبلوماسي عربي، واصر ايضا على عدم وجود شي اسمه كردي.. وخلال قراءة مواقف الكثير من الشخصيات العربية الدبلوماسية لم نجد موقفا مماثلا للموقف الشوفيني الذي وقف عليه الاخضر الابراهيمي تجاه الكرد وتجاه اتفاقية الجزائر المشؤمة.
لذا من باب التذكير ورد الدين، ولاسيما ان الرجل الاممي الجزائري الاخضر الابراهيمي على ابواب التقاعد والرحيل من منصبه، نود من السيد الابراهيمي ان يقدم على تقديم اعتذار للكرد وللعراقيين عن ما بدر منه من موقف مسيء للكرد ومسيء للامين العام للامم المتحدة في عين الوقت كونه ممثلا له، وان يقدم على تقديم اعتذار ثان نيابة عن حزبه جبهة التحرير الجزائرية ودولة الجزائر اعترافا منه ومن الحكومة بالمأساة الكبيرة التي لحقت بالشعب الكردي جراء اتفاقية الجزائر المشؤومة، وquot;الاعتراف فضيلةquot; كما يقولها العرب.

كاتب صحفي