صرح السيد أسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي فى مؤمر صحفي عقده فى دار ضيافة محافظة نينوى فى مدينة الموصل قبل أيام أن قانون الانتخابات سيقر خلال الأسبوعين المقبلين، نافياً وجود أي نية لتأجيل الانتخابات المقرر اجراؤها فى 30/4/2014 أو تمديد عمر الحكومة الحالية، كما دعا إلى سحب قوات الجيش والشرطة الاتحادية من الموصل وتسليم ملفها الأمني لأخيه المحافظ ( أثيل النجيفي) بموجب التعديل الأخير لقانون مجالس المحافظات، وطالب بمعرفة الوضع الصحي لرئيس الجمهورية جلال طالباني، الذى يطمح فى ان يحل محله اذا ما تعذر استمرار طالباني بمنصبه. وأضاف (انه من الخطأ التستر على الوضع الحقيقي لصحة رئيس الجمهورية ) مضيفا ان (البرلمان يطبق الدستور الذى حدد حالتين لتبديل الرئيس هما الوفاة او العجز ولم يعلن عن اي منهما). وهذا التصريح يعبر بوضوح عن رغبته فى الحصول على منصب رئيس الجمهورية إن فشل بالحصول على منصب رئيس الوزراء.

وذكر رئيس البرلمان مفاخرا: (أن اتصالا هاتفيا جمعنى بنائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) لمدة ساعة كاملة، بشأن الأوضاع فى الشرق الأوسط، والقضية السورية، والوضع الداخلي فى العراق، والقلق من تصاعد العنف، ومشاكل العملية السياسية، والانتخابات المقبلة، وأعطيت (بايدن) خلاصة رؤيتى وتجربتى فى البرلمان ونتائج زيارتى للدول المجاورة). مثل هذا الكلام لا يمكن أن يصدر الا عن رئيس دولة وليس رئيس برلمان. والظاهر أن النجيفي يخلط بين الأماني والواقع.

وذكر الرئيس النجيفي (أن التقارب مع رئيس الوزراء المالكي لا يعد تحالفا سياسيا إنما يهدف الى تهدئة الأوضاع بالعراق الذى يتعرض لمخطط يهدف الى جره الى حالة الانهيارويتطلب تقارب القوى الفاعلة وان لرئيس الحكومة كتلة كبيرة وذات صوت مسموع بالبرلمان وتشارك فى وضع جدول اجتماعاته). وهنا يحرص النجيفي على ان لا يقطع شعرة معاوية التى تربطه مع المالكي، فقد يحتاجه ليسانده فى الحصول على منصب رئيس الجمهورية (التشريفي) إذا ما تعذر حصوله على منصب رئيس الوزراء. أما عن تهدئة الأوضاع فى العراق فالنجيفي يعرف أكثر من غيره بأنه والسيد اياد علاوي على رأس قائمة مفجرى التأزم بالعراق، ولو تنازلا ولو قليلا عن مصالحهما الخاصة وساعدا الحكومة التى يشاركان فيها على إعادة إعمار البلد المخرب لحين الانتخابات القادمة لكان العراق اليوم فى أحسن حال.

وثمَّن ائتلاف (متحدون) بزعامة رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، ما اسماه الموقف الوطني المسؤول لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من التصريحات الطائفية للمدعو ثائر الدراجي، داعيا الحكومة العراقية الى الاقتداء بالصدر!. وقال الائتلاف في بيان نشرته بعض الصحف : (نشكر ونثمن الموقف المسؤول والوطني الذي أبداه سماحة السيد مقتدى الصدر بخصوص تصريحات الطائفي ثائر الدراجي، وان هذا الموقف إنما يعبر عن انتماء وطني ووعي عالٍ من سماحته). وتجاهل الائتلاف الاستنكارات التى صدرت عن الحكومة والأغلبية الساحقة للعراقيين سنة وشيعة لتلك الهتافات الحمقاء المدفوعة الثمن.

وذكرت بعض الصحف أن محافظة نينوى تجرى محادثات مع شركات نفطية وهي قائمة باعداد شروط لجذب الاستثمار لاحتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز، وذكرت تصريحا للمحافظ أثيل النجيفي قال فيه (ان اهتمام بغداد ينصب على حقول النفط العملاقة فى الجنوب ولا تعير اهتماما لتنمية الموارد فى محافظته). وتابع يقول (انه التقى مع اكسيون موبايل وشركات نفط كبرى اخرى لمناقشة فرص الاستثمار، وانه استمع الى اقتراحات الشركات بشأن سبل الاستثمار فى نينوى). وكان مجلس محافظة نينوى قد منح المحافظ في الشهر الماضي تفويضا لتوقيع اتفاقات مع شركات نفط اجنبية بشكل مستقل عن بغداد التي سارعت إلى رفض الخطوة.

وتقول الحكومة الاتحادية ببغداد انها صاحبة السلطة الوحيدة في البلاد بشأن التنقيب عن النفط والغاز وتصديرهما. وقال مسؤول كبير في ذلك الحين أن الحكومة لن تتسامح مع مثل هذا القرار سواء من نينوى او من أي محافظة أخرى، لكن ذلك لم يمنع المحافظة من أن تحذو حذو اقليم كردستان في انتهاج سياسة مستقلة بشكل متزايد بخصوص الطاقة.

وتخوض كردستان المتاخمة لنينوى نزاعا منذ فترة طويلة مع الحكومة المركزية ببغداد بشأن العقود التي وقعتها حكومة الاقليم مع شركات عالمية لتطوير حقول شمالية. واغضبت شركة اكسيون بغداد بتوقيع اتفاقات للتنقيب عن النفط في ست مناطق امتياز في كردستان في 2011 من بينها منطقتي بعشيقة وألقوش وهما في أراض تتنازع عليها نينوي وكردستان.

وقال اثيل النجيفي قبل ايام ان نينوى (تتعلم) من رحلة كردستان نحو الاستقلال في مجال الطاقة!. وأضاف أنه ينبغي أن تستفيد المحافظة من تجربة الاقليم في الاستثمار في الطاقة وتتبع أيضا نفس المسار الدستوري والقانوني الذي مضى فيه في رسم سياسة الطاقة. وقال إنه لا يحق للحكومة المركزية أو وزارة النفط منعه من تطوير موارد الطاقة بالمحافظة. واضاف أنه سيتم تشكيل لجنة من الخبراء قريبا لإعداد سياسة للطاقة للمحافظة وتجهيز الأسس القانونية والفنية للمحادثات المقبلة مع المسؤولين الكورد.

وذكرت بعض الصحف أن أسامة النجيفي قد التزم الصمت اثناء زيارته الأخيرة للسيد مسعود البارزاني عندما طالب الأخير الاسراع باقرار قانون النفط والغاز وتعديل رواتب البيشمركة ومنح الكورد مقاعد تعويضية فى الانتخابات النيابية القادمة قبل اعطاء الضوء الأخضر لقانون الانتخابات، ولم يرد النجيفي بشيء على هذه المطالب التعجيزية، التى كان يريد السيد البارزاني بها الاطمئنان على مصالح الكورد فى الدورة النيابية القادمة. واتهمت النائبة حنان الفتلاوي عن دولة القانون الرئيس النجيفي بمجاملة البارزاني على حساب المصلحة الوطنية، بحسب قولها.

كما انتقدت النائبة عن ائتلاف العراقية الحرة عالية نصيف زيارة النجيفي الى كردستان لإقناع بارزاني الموافقة بالتصويت على قانون الانتخابات الجديد، مستغربة من تغيير موقف وبرنامج النجيفي الانتخابي من (العروبية) الى مغازلة الاكراد.

وقالت نصيف انquot;ما يبعث على الاستغراب أولاً هو أن النجيفي بعد أن كان يتغنى بالمشروع العربي وحصد ما حصد من أصوات من خلال معاداته لمواقف الكرد، أصبح بين يوم وليلة لا يقرّ أي قانون في مجلس النواب الا بعد استحصال موافقة بارزاني، بدليل أنه قام بتنظيم زيارة الى كردستان لإقناع بارزاني بالموافقة على التصويت على قانون الانتخابات الجديد، وهذه ازدواجية خطيرةquot;.

وأضافت ان (النجيفي باعتباره رئيسا للسلطة التشريعية يجب ان يكون عمله داخل مجلس النواب بعيدا عن التأثيرات السياسية والحزبية، فمعيار إقرار القوانين هو مدى تحقيقها للمنفعة للعراقيين وليس للقادة السياسيين).
وبينت نصيف ان(النجيفي ارتكب خطأ كبيراً، فهو من جديد أقحم صفته السياسية في صفته التشريعية وخلط بين الصفتين اللتين ينبغي الفصل بينهما نهائيا، ونأمل أن يلتزم بضوابط العمل التشريعي وأن يراعي المحاذير التي يجب أن يحذر منها كل من يشغل منصب رئيس السلطة التشريعية ).

ويبدوا جليا من كل ما ذُكر فى أعلاه أن الرئيس اسامة النجيفي يتهيأ لخوض معركة الانتخابات المقبلة بقوة، فان فشل سعيه بالحصول على منصب رئيس الوزراء او منصب رئيس الجمهورية فسيتعاون مع شقيقه السيد أثيل النجيفي لإحياء (ولاية الموصل) كما كانت عليه فى الحكم العثماني المقبور بمساعدة من السلطان أردوغان الذى يحلم بعودة الخلافة العثمانية التى إعتقد الى ما قبل أيام أنها فى متناول يده، ولكنها أفلتت منه بعد ارتكابه أخطاءً قاتلة خلال الأشهر القليلة الماضية، منها (ضيافته) لطارق الهاشمي الهارب من العدالة، ومساندته للقاعدة التى دمرت سورية بحجة اسقاط حكم الطاغية البعثي بشارالأسد، وتدخله بشئون الدول العربية التى لا يمكن ان تنسى أيام حكم بنى عثمان الأسود لها والذى انتهى الى غير رجعة فى بداية القرن الماضي ومات (الرجل المريض) كما كان الاوروبيون يسمون الدولة العثمانية قبل وفاتها.