كذب وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، عندما صرح مؤخرا أن سوريا تعتبر القضية الفلسطينية هي القضية المركزية مؤكدا استمرار سوريا في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى تحرير ارضه واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. تصريح من هذا النوع ربما يعتبر مفيدا للاستهلاك الاعلامي ولكنه يتنافي مع الحقيقة. المتاجرة في القضية الفلسطينية بات امرا روتينيا لسوريا وايران وما يسمى محور المقاومة التي لا تقاوم والممانعة التي لا تمانع الا لفظيا وشفهيا. في اواسط الثمانينات من القرن الماضي قتل النظام السوري آلاف الفلسطينيين في مخيمات لبنان وسوريا. من الغباء والضحالة ان نصدق ان النظام يهتم بفلسطين او حتى الجولان بقدر ما يهتم في البقاء في السلطة.

بقاء نظام بشار ألأسد مصلحة استراتيجية اسرائيلية:

طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي أريل شارون عام 2003 بعد غزو العراق من الرئيس بوش بعدم المس بالنظام السوري الذي حافظ على هدوء جبهة الجولان لمدة 30 عام (1973 ndash; 2003).

والتفاصيل الكاملة لتحذيرات شارون للادارة الأميركية بعدم ايذاء النظام السوري يمكن قراءتها في مقال بعنوان شارون يحذر بوش بقلم يوسف البار بتاريخ 12 كانون الثاني 2007 في الموقع الاخباري اليهودي :

The Jewish Daily Forward

وفي سياق مشابه كتب الجنرال آفي ديختر وزير الأمن الاسرائيلي ورئيس اسبق لجهاز الشاباك في صحيفة ايديعوت احرونوت بتاريخ 11 ايلول 2012 quot;ان سقوط بشار الأسد ليس في مصلحة اسرائيلquot;. ونشرت صحيفة معاريف بتاريخ 12 ايلول 2012 ما قاله رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال غابي اشكنازي quot;ان تغيير النظام في سوريا سوف لا يخدم اسرائيل. وبقاء بشار الأسد في السلطة مصلحة استراتيجية لاسرائيل للحفاظ على هدوء الجبهة الشمالية في هضبة الجولان.quot;

وفي 11 مايو آيار 2011 قال ابن خال بشار الأسد رجل الأعمال رامي مخلوف لصحيفة نيويورك تايمز انه اذا لم يكن هناك استقرار في سوريا سوف لا يكون هناك استقرار في اسرائيل وأمن سوريا يرتبط بأمن اسرائيل.

ألا ينسف ذلك أكذوبة المقاومة والممانعة التي صّدقها بسطاء وسذّاج الشارع في الوطن العربي؟


لا احد يستطيع ان يجادل العكس حتى لو كان من اكبر المطبلين والمزمرين لنظام المجازر السوري لأن كل كلمة وحرف في هذا المقال موثقة ومدعومة بمصادر يمكن الرجوع لها والتأكد من صحتها.

بات معروفا أن اسرائيل غير متحمسة لسقوط هذا النظام وهذا يفسر تردد وتخبط ادارة اوباما في اتخاذ اي اجراء حاسم لاسقاط بشار الأسد واكتفت بالاختباء خلف مسرحية التخلص من السلاح الكيماوي والذي لم يكن موجها ضد اسرائيل بل ضد الاطفال السوريين. فاذا سقط نظام دمشق ستخسر اسرائيل الحماية المضمونة لاحتلال الجولان.

روبين لاستيغ Robin Lustigالكاتب والاعلامي البريطاني المعروف كتب ما يلي في موقع الهافنغتون بوست Huffington Post بتاريخ 10 مايو آيار 2013 الموقع الاخباري المشهور دوليا:

quot;منذ ان سيطرت اسرائيل على مرتفعات الجولان قبل 45 عام تميزت الحدود بين اسرائيل وبين سوريا بالهدوء التام ووتعتبر من أفضل الجبهات التي تواجه اسرائيل من ناحية أمنيةquot;.

بتاريخ 11 ايلول 2013 ظهر في موقع وورلد تايم World Time التابع لمجلة التايم الأميركية التي احتفلت مؤخرا بالذكرى المئوية لتأسيسها مقال بعنوان quot;على الرئيس أوباما الابتهاج لأن سياسة التخبط والتردد في توجيه ضربة عسكرية يحظى بموافقة اسرائيل لأنها لا تريد سقوط النظام السوريquot;.

وفي أيار 2013 كتب افرايم هاليفي في مجلة فورين أفيرز Foreign Affairs Magazine (مجلة الشؤون الخارجية) الأميركية ذائعة الصيت في العاشر من أيار : quot;لأربعين عام ورغم عدم وجود اتفاق سلام رسمي بين سوريا واسرائيل الا ان نظام دمشق التزم باتفاق الهدنة بحذافيره منذ عام 1974 وحتى اثناء الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982quot;. لمن لم يسمع بهاليفي فهو رئيس الموساد الأسبق والرئيس الرابع لمجلس الأمن الوطني الاسرائيلي وخبير الاستخبارات ومهندس معاهدة السلام بين اسرائيل والأردن وهو من الذين طالبوا شارون باطلاق سراح مروان البرغوثي عام 2005.

يقول هاليفي ان نقل الأسلحة لحزب الله يعتبر خط أحمر وهذا يفسر الغارات الاسرائيلية المتكررة ضد مواقع سورية وقوافل الأسلحة ولكن النظام يلتزم الصمت بسبب عجزه عن الرد.

وعندما تدخل laquo;حزب اللهraquo; اللبناني تنفيذا لتعليمات طهران بشن حرب على الشعب السوري دعما لنظام دمشق، وشارك في ارتكاب المجازر البشعة إلى جانب جيش النظام خاصة في مدينة laquo;القصيرraquo; كخادم للمصالح الايرانية، وبذلك فقد صفة المقاومة التي كان يروج لها لاكتساب الشارع الساذج. وهذا التدخل خدم ايران ودمشق ولكنه أضعف حزب الله داخل لبنان وبدأ يفقد شرعيته وتبخرت شعبيته في الشارع العربي.

تهديدات بالرد لاستهلاك الشارع:

هذا ورغم الغارات الجوية الاسرائيلية المتتابعة على مواقع سورية لمنع نقل اسلحة لحزب الله يؤكد هاليفي ان اسرائيل اوصلت رسالة للأسد مفادها انها تصمم على البقاء في خانة الحياد في الحرب الأهلية وفعلا اختفت عنتريات دمشق حيث التزمت الصمت بعد الغارات الاسرائيلية واكتفت بالقول وبخجل quot;سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسبquot;. بعبارة أخرى نحن عاجزون وسوف لا نرد ولا نقدر ان نرد.

أقول للذين ابتلعوا أكذوبة الممانعة والمقاومة التي يروج لها سفاح دمشق وشبيحته عودوا الى صوابكم ولا تقفوا مدافعين عن المجرم الذي يقتل الاطفال ولا يجروء باطلاق رصاصة واحدة تجاه الجولان.

مقال مجلة فورين أفيرز Foreign Affairs لم يكتبه معارض سوري او كاتب تركي او قطري او سعودي بل يهودي اسرائيلي معروف وكتبه في مجلة أميركية مشهورة وليس في موقع اليكتروني معارض والرابط للمقال موجود لمن اراد البحث والتأكد.

لندن