لا يوجد سوري على ما أظن يعترض على أن الكرد، كشعب اصيل في سورية، عانى منذ استقلال سورية اضطهادا قوميا إلى جانب الاضطهاد السياسي الذي عانى منه الشعب السوري عموما، منذ تسلم البعث السلطة، مرورا بانقلاباته، حتى وصلنا إلى مرحلة الوريث، بقي الحال كما هو عليه حتى اندلاع الثورة السورية، في حوران 2011 آذار. الحل يكون كما كنت اتصوره وفقا لحق تقرير المصير لأي شعب من الشعوب والشعب الكردي ليس استثناء، وانطلاقا من وضعية الكرد في سورية، أرى الاستفادة من النماذح السويسرية والالمانية، وغيرها من أجل انتاج نموذج سوري. مرت المسالة الكردية منذ الثورة وحتى الآن بثلاث مراحل:
المرحلة الاولى- منذ آذار2011 وحتى قبل نهاية العام 2011 حيث اصبحت العسكرة ردا على عنف النظام هي الحاكم. في هذه المرحلة شهدت القضية الكردية حاضنا جماهيريا سوريا في غالبية المحافظات السورية. وهتفت كل التظاهرات في سورية بآزادي، مع عامودا والقامشلي وكوباني. عفرين لم تخرج لأنها كانت القاعدة الشعبية للبي دي الذي كان لديه توجها سياسيا، يمنعه من الخروج في هذه التظاهرات السلمية المنادية بالحرية. وكما عرض ناشطون أكراد من عفرين عدم رضا البي دي عن القيام بأية تظاهرة في عفرين أو في المناطق التي له فيها سيطرة واضحة. ومن جهة اخرى بقية الاحزاب الكردية لم تحاول ان تتصرف بطريقة تكسب هذا العمق الشعبي السوري. بل بقيت مترددة في مواقفها، وتركت الموضوع للشباب الكردي الثائر في مناطق التظاهر هذه.

المرحلة الثانية- منذ نهاية عام 2011 وحتى تشكيل الائتلاف الوطني.... الذي تشكل بطريقة ولاسباب ليست خافية على أحد، وتتعلق بارادة دولية لتجاوز مؤسسات الثورة الاولى، من اجل سياسة دولية تواطات مع الجريمة، ورفضت التدخل لحماية المدنيين في سورية، الائتلاف بشكل عام منذ تأسيسه وحتى ما قبل انضمام المجلس الكردي له قبل اسبوعين.. لم يستطع أن يضم بين صفوفه القوى الفاعلة على الارض، أقله شبابيا في الحراك الكردي. هنا كان في الجهة المقابلة، تقوية للبي دي وتسليحا واضعافا لبقية الاحزاب الكردية جارية على قدم وساق. وقد قمت بمبادرة شخصية مع الاصدقاء في البي دي، لكنها باءت بالفشل لاسباب لست بوارد الحديث عنها الآن. بالمقابل بعض القوى الاسلامية كانت تعتقد حتى تلك اللحظة أن سقوط النظام بات امرا قريبا!! لهذا لم تنتبه في الواقع إلى محاولة أظهار سوريتها بشكل أكثر عمقا واتساعا وماسسة. والقوى الليبرالية واليسارية المتحالفة معها، كانت تتحاشى الصدام معها، لأن القسم الغالب منها أيضا اعتقد بقرب سقوط النظام و كان ضد التدخل الدولي. ما لفت نظري في موقف البي دي هو موقفه الرافض للتدخل الدولي، وانضواءه في اطار هيئة التنسيق الوطنية. بالمقابل بدأ جهازه الاعلامي يتحدث عن العرب جملة وتفصيلا بلغة شتائمية وتحريضية، ودون تمييز داخل هؤلاء العرب. هذه المرحلة اتسمت بتخبط واضح لدى كل قوى الثورة. كتبنا كثيرا عن اسبابها.

- المرحلة الثالثة منذ تأسيس الائتلاف وحتى اعلان البي دي الادارة الذاتية للمناطق الكردية التي يسيطر عليها بعد أن سلمها له عسكر الاسد. وهنا للعلم البي دي تسلم عفرين وكوباني- عين العرب- والقامشلي وهي تشكل النسبة الغالبة من التجمع السكاني الكردي، تسلمها من النظام. فلم يكن هنالك في هذه المناطق جيشا حرا. المعارك التي دارت لاحقا دارات على المعابر الحدودية. عامودا تقريبا كانت محررة بدون جيش حر. مع بداية هذه المرحلة تخرج تظاهرات منها مؤيد لخطوة البي دي في عفرين ومؤيدة للنظام في القامشلي تحت اشراف البي دي...أو لنقل تحت بصره وسمعه ومشاركة بعض فعالياته ومن وقع معه على مشروعه!! كما يتحدث النشطاء الاكراد والعرب والاشوريين من هناك وكما اظهرت الصور..اتمنى أن تكون هذه المعلومات غير صحيحة. إذا كانت صحيحة فيكون البي دي قد حسم خياره بالقتال كجندي عن آل الاسد، ولن تستفيد القضية الكردية في سورية شيئا، بل ستفقد جزء من العمق الشعبي السوري، كما فقدته هيئة التنسيق من قبل.

المطلوب الآن عقد جلسة حوار بين وفد من الائتلاف بقواه الكردية وغير الكردية والبي دي برعاية الرئيس مسعود البرزاني في أربيل. لأن ما بدأ يتفشى من لغة بين الجميع ضد الجميع لا يترك مجالا لمستقبل تعايشي حقيقي وحر وحقوقي.

غسان المفلح