أود التأكيد في البداية أنّني أتمنى الشفاء للجميع من كافة الطوائف والفئات والتنظيمات، فلا أحد يسعد لمرض الآخرين سوى عديمي الخلق والضمير والإنسانية. ولكن سبب السؤال عنوان المقالة هو انّه عند الاحتلال الإسرائيلي (مريض عن مريض بيفرق) وهنا تكمن الأسرار والخفايا. ومن المعروف لجميع الفلسطينيين أنّ معبر quot;إيريزquot; المنفذ الوحيد بين القطاع ودولة الاحتلال الإسرائيلي، قد تمّ إغلاقه منذ سنوات عديدة بعد أن كان قبل عام 2000 المنفذ الرئيسي للتنقل بحرية للفلسطينيين وكافة الجنسيات القادمة من مطار بن جوريون متوجهة نحو القطاع بدون أية عوائق، وأصبحت هذه التسهيلات صعبة أو مستحيلة مما شدّد الحصار على قطاع غزة. و ترفض حركة حماس التنقل عبر هذا المعبر كما نشرت صحيفة quot;القدس العربيquot; في الحادي والعشرين من أغسطس 2013 حرفيا: (أعلنت الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة رفضها لفكرة استخدام معبر بيت حانون lsquo;إيرزprime;، الفاصل عن إسرائيل، كبديل لمعبر رفح البري وفق ما أعلن مسؤول في السلطة الفلسطينية، وأكدت أن هناك أعدادا كبيرة من العالقين الفلسطينيين في العالم ينتظرون فتح معبر رفح للعودة إلى القطاع).
ورغم هذا الرفض الحمساوي إقرأوا هذه الأخبار الثلاثة:
الأول: (أفادت الإدارة العسكرية أمس ( الخامس والعشرين من أبريل 2010 ) أنّ إسرائيل سمحت بنقل ابنة وزير الداخلية في حكومة حماس quot;فتحي حمادquot; إلى الأردن، وكانت الشابة quot;إلهامquot; قد نقلت إلى مستشفى في جنوب إسرائيل بعد عبور حاجز إيريز على حدود قطاع غزة. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أنّ الضوء الأخضر لنقل الفتاة لأسباب طبية أعطاه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك).
الثاني: ( في تموز من عام 2012 ، كان من بين المرضى الذين تلقوا العلاج في إسرائيل زوج إحدى شقيقات اسماعيل هنية، وقد وصل يومها إلى مستشفى بلنسون، وتمكن الأطباء من معالجته وغادر المستشفى سليما معافى).
الثالث: (كشفت مصادر طبية في تل أبيب quot;التاسع عشر من نوفمبر 2013quot; أنّ حفيدة رئيس حكومة حماس في قطاع غزة، آمال عبد السلام هنية، حضرت السبت الماضي إلى إسرائيل لتلقي العلاج الطبي).
وحسب ناطق رسمي إسرائيلي فإنّ هذا العمل هو بادرة إنسانية بحتة لا علاقة لها بالسياسة، و لكن أين مثل هذه المبادرات الإنسانية في منع جنود الاحتلال خاصة خلال الاجتياح للقطاع عام 2009 عشرات سيارات الإسعاف الفلسطينية من نقل الجرحى والمصابين للمستشفيات؟ وماذا عن منع دخول الأدوية والأجهزة الطبية والدم للقطاع، والعالم كله يعرف حجم معاناة مرضى القطاع في مستشفياته التي تفتقر للحد الأدنى من المقاييس الطبية، حيث لا أدوية ولا أدوات جراحية وطبية؟ وماذا عن عشرات النساء الفلسطينيات اللواتي وضعن أطفالهن وهنّ ينتظرن على حواجز الاحتلال ممنوعات من الدخول والمرور؟. وماذا عن قتل البنات الثلاث للطبيب الفلسطيني quot;عزالدين أبو العيشquot; في السادس عشر من يناير 2009 في قصف إسرائيلي على القطاع، رغم أنّ هذا الطبيب يعمل منذ عام 1997 في مستشفى quot;سوروكاquot; الإسرائيلي ويعالج مرضى إسرائيليون، ورغم قتل بناته الثلاث، يصرّ على التسامح ونبذ الكراهية التي يحملها ويمارسها جنود الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع؟. فلماذا هذه التسهيلات الطبية لقادة حماس فقط؟
نقاوم الاحتلال شكلا ونعتمد عليه مضمونا!!
رغم مرور قرابة سبعة عشر عاما على عودة السلطة الفلسطينية للقطاع والضفة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، إلا أنّ الفساد المستشري لم يمكن أية سلطة من بناء اقتصاد يحقق الاكتفاء الذاتي للمواطن الفلسطيني، وكم هي مرعبة الأرقام التي أعلنها (مركز الإحصاء الفلسطيني) في بيانه الصحفي حول النتائج الأساسية لمسح القوى العاملة في دورة الربع الثالث من عام 2013 (تموز - أيلول 2013)، حيث ورد في هذا البيان انّ عدد العاملين الفلسطينيين من الضفة الغربية في إسرائيل والمستوطنات قد ارتفع من 96 ألف عامل في الربع الثاني لعام 2013 إلى 103 ألاف في الربع الثالث من العام نفسه. تخيلوا يطالب المفاوضون الفلسطينيون بتفكيك المستوطنات ووقف التمدد في بنائها وغالبية عمال هذه المستوطنات من الفلسطينيين!!.
والسبب كما أعلنه الاتحاد الأوربي،
في الرابع عشر من أكتوبر 2013 ، فإنّ السلطة الفلسطينية أهدرت مبلغ 2.7 مليار من المساعدات الأوربية عبر الفساد وسوء الإدارة، وأوضحت صحيفة quot;صنداي تايمزquot; البريطانية أنّ المحكمة الأوربية للرقابة التابعة بشكل رسمي للاتحاد الأوربي، والتي تأسست عام 1975 لمراقبة دخل الاتحاد الأوربي وانفاقه، وجدت أنّ أوربا ليست لديها سيطرة تذكر على حوالي 2.64 مليار تمّ انفاقها في الضفة والقطاع بين عامي 2008 و 2012 بسبب الفساد والقصور الكبير في الرقابة والإدارة. وتحدث المحققون الأوربيون الذين زاروا القدس والضفة والقطاع عن عدم قدرتهم على معالجة الأخطار الكبيرة خاصة الفساد و ما إذا كانت هذه الأموال قد أنفقت في الأهداف المحددة لها؟..والجواب الذي يعرفه الفلسطينيون من ممارسات مسؤولي السلطة الميدانية: لا..و ألف لا..فكل هذه المليارات ضاعت في جيوب المسؤولين فسادا وسرقة، وإلا ما معنى هذه النسبة العالية من البطالة في القطاع والضفة التي تزيد عن خمسة وأربعين في المائة، وهذا العدد الضخم من الفلسطينيين العاملين في داخل إسرائيل وتحديدا في بناء المستوطنات. كما أدانت منظمة الشفافية العالمية حالة المحسوبية السائدة في القطاعين العام والخاص في الضفة والقطاع، كما أنّ المجلس التشريعي الفلسطيني مصاب بحالة شلل تام تجعله غير قادر على مراقبة تصرف السلطة الفلسطينية في هذه الأموال والمساعدات الأوربية.
بناءا على هذا الوضع المزري واستحالة نجاح المفاوضات وقيام دولة فلسطينية مستقلة، ما رأيكم في دراسة مسألة حلّ السلطتين في القطاع والضفة وعودة الاحتلال المباشر إن وافق على ذلك؟
www.drabumatar.com