تعرضت مدينة القامشلي التي تعد معقل الكرد السوريين، إلى سلسلة من الهجمات الانتحارية، أوقعت عددا من القتلى والجرحى. هذه العمليات تأتي بعد تمكن وحدات حماية الشعب(YPG) من دحر المجموعات القاعدية( جبهة النصرة وتنظيم دولة العراق والشام/داعش) وأخراجها من المدن الكردية، ملحقا بها خسائر كبيرة. العمليات الانتحارية تدل على فشل هذه المجموعات في المواجهات الميدانية المباشرة ولجوئها إلى أسلوب القتل الجماعي واستهداف المدنيين. ثمة بعض الجيوب التي ما زالت هذه المجموعات القاعدية تستوطن فيها وترسل منها السيارات المفخخة والانتحاريين الأجانب. لقد أعلنت هذه المجموعات حربا شاملة على وجود وهوية الشعب الكردي، حيث تصاعدت هذه الحرب بعيد إعلان مكونات منطقة الجزيرة السورية عن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية. حيث ترفض هذه المجموعات تلك الصيغة وتجدها تهديدا للدولة الطالبانية التي تهدف لتأسيسها في كل سوريا، وترى في منطقة الجزيرة إمارة من إماراتها.

لقد استفادت المجموعات القاعدية من الدعم الذي تقدمه لها المعارضة السورية المرتبطة بالمحاور الإقليمية ولا سيما (الائتلاف الوطني السوري)، الذي أصدر بيانا عنصريا ضد الكرد، رافضا مشروع الإدارة الذاتية ومصرا على الدولة المركزية بصيغتها البعثية الحالية. ما يسمى (الائتلاف الوطني السوري) صاحب الخطاب الطائفي العنصري، يتحرك، فيما يتعلق بالملف الكردي، حسب التعليمات التركية. هو يرفض أي صيغة لا مركزية للكرد وبقية المكونات في مناطق (عفرين وكوباني والجزيرة)، ويدعم بشكل مباشر quot;النصرةquot; وquot;داعشquot; هناك ويؤيد أعمالها التخريبية ويصفها بquot;الجيش الحرquot;!. وكان المثال البارز عندما استنكر quot;الائتلافquot; تحرير وحدات حماية الشعب بالتعاون مع مقاتلين عرب محليين من قبيلة شمر، معبر اليعربية الحدودي مع العراق، من مجموعات quot;داعشquot; وquot;النصرةquot;، واصفا ذلك بquot;الخطر الانفصاليquot; ومسوقا مجموعة من الافتراءات والأكاذيب مثل quot;مساعدة القوات العراقية للأكرادquot; في دحر مجموعات quot;القاعدةquot; تلك. لقد أمسى (الائتلاف الوطني السوري) جناحا سياسيا للمجموعات الإرهابية التي تقتل أبناء الأقليات في سوريا. هو يغطي على جرائم هذه المجموعات وينشر عبر قنواته الطائفية العنصرية( منها فضائية أورينت) خطابا تحريضيا ضد الأقليات السورية بوصفها quot;معادية للثورةquot; وquot;مؤيدة للنظام السوريquot;. ونظرة واحدة على البيانات التي أصدرها quot;الائتلافquot; حول الهجمات الإرهابية التي شنتها quot;داعشquot; وquot;النصرةquot; على المسيحيين في أحياء دمشق وبلدة صيدنايا وبعض بلدات محافظتي حماة واللاذقية، والهجمات على الاسماعيليين في السلميّة، وعلى العلويين في اللاذقية، وعلى الكرد في شمال شرق البلاد، ستكشف حجم تورط هذا quot;الائتلافquot; في الأعمال الإجرامية التي استهدفت المدنيين من أبناء الأقليات، والترويج المجاني للمجوعات الإرهابية المرتزقة، ووصفها بquot;الجيش الحرquot;، علما بأن هذه المجموعات تحارب quot;الجيش الحرquot; نفسه في مناطق أخرى من البلاد، وقضت على مساحة كبيرة من وجوده. ومؤخرا أصدر أبو عبد الرحمن المصري، أمير منطقة quot;البابquot; الحلبية في تنظيم quot;داعشquot; فتوى تقضي بقطع رؤوس أعضاء (الائتلاف الوطني السوري) بوصفهم quot;ملاحدةquot; وquot;موالين للغرب والأنظمة الطاغوتيةquot;!. ورغم ذلك إلا ان حقد quot;الائتلافquot; ورموزه من الطائفيين والعنصريين، أزلام الأنظمة الشمولية في تركيا والخليج، والمتحالفين مع الوهابية العالمية، على الأقليات السورية، ورغبتهم في تطهير البلاد من هؤلاء وبناء دولة مركزية ذات لون قومي ومذهبي واحد، ما يزال بارزا.

لقد أضر (الائتلاف الوطني السوري) ومجمل معارضة اسطنبول العميلة الثورة السورية أيما ضرر. لقد غضوا الطرف عن تدفق الآلاف من الإرهابيين عبر تركيا إلى سوريا بحجة quot;محاربة النظام السوريquot;، وسكتوا على جرائم النهب والسلب التي قامت بها المجموعات المسلحة في حلب والرقة والحسكة ودير الزور، وسرقة المعامل والمنشآت والمباقر والصوامع وتهريبها إلى تركيا. كما وغطى quot;الائتلافquot; على جرائم quot;داعشquot; وquot;النصرةquot; ضد مكونات محددة من أبناء الشعب السوري، ومن ضمن هؤلاء جمهور كبير من السنّة السوريين، بحجة انهم quot;شبيحةquot; وأعضاء في quot;الجيش الوطنيquot; الذي شكله النظام مؤخرا.

سكت quot;الائتلافquot; عن إمارة الرقة التي شكلتها quot;داعشquot;، وعن قتل واعتقال المعارضين والنشطاء السياسيين هناك، ولم يعد يتحدث عن الكاهن الإيطالي الأب باولو الذي اعتقلته quot;داعشquot; في الرقة.

في سوريا ما يزال النظام يعمل تخريبا وتقتيلا في البلد وما تزال المعارضة الطائفية العنصرية المرتشية المتمثلة في (الائتلاف الوطني السوري) العميل للمحاور الإقليمية والمتحالف مع المجموعات الإرهابية، تعمل لضرب النسيج السوري وتخريب ما تبقى من هذا البلد المنكوب. وبين حجري الرحى هذين، يٌطحن المواطن السوري ويضمحل وطن اسمه سوريا، بينما يشتغل البعض من quot;المثقفينquot; الطائفيين العنصريين على قتل ما تبقى من روح الثورة السورية، عبر بيع المواقف للجهات الإقليمية والتحول لأبواق لدى أجهزة الأعلام في خضم الحرب المذهبية الشاملة في المنطقة.

لقد قدم السوريون المعارضون، إلا من رحم ربي، أسوأ ما لديهم ولم يثبتوا على مطالب الحرية والكرامة التي نادى بها الشارع السوري في بداية الثورة، بل القوا بأنفسهم في أحضان تركيا والخليج وعرضوا مواقفهم للبيع وحولوا الدم السوري إلى سلعة في الحرب الطائفية المستعمرة بين المحاور الإقليمية في المنطقة. والآن أصبح هؤلاء خطرا على سوريا مثل النظام وربما أكثر، وأصبح المواطن السوري يتمنى العودة إلى عبودية النظام على الوقوع تحت سيوف ومقاصل المجموعات التكفيرية التي تصفها المعارضة العميلة بquot;الجيش الحرquot; وquot;الثوارquot;.

بين إرهاب النظام وإجرامه وعمالة (الائتلاف الوطني السوري) وتحالفه مع التكفيريين، ضاعت حضارة تعايش وسلم ورقي، وضاع وطن جميل اسمه سوريا.

[email protected]