منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثه وكل مطلب كوردي لأي حق من حقوقه القومية والانسانية يواجه بالتهم الجاهزة كالانفصالية والعمالة وتدمير الوحدة الوطنية ونهب ثروات العراق وما الى ذلك مع ان الكورد هم الذين صاغوا اول شعار يعبر عن الهوية الوطنية العراقية ( على صخرة التاخي العربي الكوردي تتحطم مؤمرات الاستعمار ) وربطوا حصولهم على حقوقهم بتحقيق الديموقراطية في العراق واختاروا البقاء ضمن الدولة العراقية عندما سنحت لهم فرصة الانفصال بعد الهجرة المليونية عام 1992 اذ تحولت قضيتهم انذاك من قضية داخلية الى قضية دولية وفضلوا اللجوء الى بغداد بدلا من الخيارات الكثيرة التي كانت متاحة يومئذ لا حبا بالنظام او رغبة في التعاون معه ولكن حرصا على التأخي العربي الكوردي ووحدة العراق وتقديرا منهم بان النظام زائل والتاخي والعلاقات التأريخية مع الشقيق العربي باقية لا تزول.

ما سبق وغيره كثير لم يحقق للشعب الكوردي المساهم الفعال والمؤثر في إسقاط النظام الدكتاتوري وتأسيس النظام الحالي أي خطوة حقيقية باتجاه تحقيق طموحاته الوطنية الديمقراطية داخل الاسرة العراقية ويتم التعامل مع هذه المطاليب المشروعه بنفس عقلية النظام الدكتاتوري وان كانت تحت يافطات ملونة من شكل اخر و تتعالى هنا وهناك اصوات حاقدة تردد نفس الاتهامات السابقة التي ثبت بطلانها وفسادها ولعل اقلها شأنا وتأثيرا هو ان الكورد ينهبون ثروات العراق من خلال ال 17% من حصتهم في الموازنة العراقية بناء على عدد نفوسهم والمقترح هو ان يخصص لهم 11% ! و حصة ال 17% هذه لم يستلمها الكورد بشكل كامل طيلة السنوات الماضية كما صرح بذلك وكيل وزير المالية في اقليم كوردستان هؤلاء ينسون او يتناسون حقيقة ان كان هناك نهب وسلب وسرقة مفضوحة فهي نهب وسلب ثروات كوردستان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة واستغلالها لضرب الحركة الوطنية العراقية عموما والكوردية خصوصا هذه الثروة التي تحولت الى قنابل عنقودية وكيماوية قصفت بها جبال كوردستان وأهوار الجنوب ولم يطالب الكورد الى الان بتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم جراء هذا النهب طيلة ثمان عقود.

اليوم وبعد انقضاء عقد من الزمن على سقوط النظام الدكتاتوري يتساءل المواطن ما الذي حققته القيادة السياسية لكوردستان العراق من خلال تعاونها المفرط في التفاؤل غير المجدي مع الحكومة الاتحادية التي شاركوا في تأسيسها وفي تأسيس اول كتيبة لقواتها المسلحة ؟ فالكورد في الواقع يتمتعون بالحقوق التي حققها الزعيم الكوردي مصطفى البارزاني عام 1970 من خلال اتفاقية اذار المعروفة وفي الحدود الجغرافية التي حددها النظام الدكتاتوري فيما بعد دون أي اعتبار لارادة الشعب الكوردي وحقيقة تواجده على الارض ولا تزال مشكلة المناطق المتنازع عليها مستمرة دون أي تقدم مهم في معالجتها حتى ان مناطق مثل مخمور كانت تابعة لمنطقة الحكم الذاتي الى ما قبل الانتفاضة ثم ربطت اداريا بمحافظة نينوى ولا تزال كذلك.

من الواضح ان هناك تقصير في الاداء السياسي فلا اتفاقية اربيل الاولى تم تنفيذها ولا التسعة عشر فقرة المختصة بالكورد تقدمت خطوة واحدة الى الامام ومع ذلك دخلت القيادة الكوردية مرة ثانية في اتفاقية جديدة لم تنفذ ايضا وبقية حبرا على ورق والنقاط السبع التي قيل انه تم الاتفاق عليها اصبحت خيال الماتا حتى ان اللجان المنبثقة لمعالجة الملفات المختلف عليها لم تجتمع لحد الان عدا لجنة واحدة فقط لا غير!

الحكومة التي اكدت الاحداث والوقائع انها قطعا لا تفكر بجدية ومسؤولية لحل مشاكل العراق ولا المشاكل مع الاقليم وفي مقدمتها موضوع المناطق المتنازع عليها وقانون النفط ووضع البيشمه ركه.

هذه الحكومة التي تحاول القيادة الكوردية عبثا ودون جدوى الوصول الى حلول موضوعية معها لمشاكل العراق والاقليم وكيف يمكن الوصول الى حل مع طرف لا يرغب اساسا في الاتفاق ؟ ومع ذلك من المقرر ان يتوجه رئيس حكومة اقليم كوردستان الى بغداد كما اعلن لبحث تصدير نفط الاقليم عبر تركيا واقناع حكومة بغداد بذلك ! في الوقت الذي تهدد فيه الحكومة الاتحادية بتخفيض حصة الاقليم من 17% الى 11% !

انه تقصير واضح في الاداء السياسي و في طريقة واسلوب التعامل مع الحكومة الاتحادية و في الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي داخل الاسرة العراقية خاصة فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها والميزانية ووضع البيشمه ركه والموارد الاستراتيجية وحتى قانون الانتخابات ومن غير المتوقع ان يقبل به الشارع الكوردي العراقي الى ما لا نهاية تحت أي ذريعة كانت هذا الشارع الذي كافح طويلا من اجل حقوقه لن يتنازل عنها اليوم مع كل التطورات الايجابية الكبيرة التي يشهدها عالمنا لصالح حماية حقوق الانسان وضرورة احترامها مما يفرض على القيادة الكوردية اعادة نظر شاملة في اسلوب تعاملها مع الحكومة الاتحادية ومؤسساتها اذا كانت الاخيرة راغبة في صيانة وحدة العراق ارضا وشعبا وهو الامر الذي تحوم حوله الكثير من الشكوك حقا.

bull;[email protected]