شغور منصب الرئاسة العراقية لما يقارب العام بسبب المرض الذي أقعد الرئيس العراقي جلال طالباني عن ممارسة مهامه في ديسمبر عام 2012، إضافة لمخالفته الدستورية فهو يشكل معضلة حقيقية تكمل صورة فشل الدولة العراقية في تحسين أدائها السياسي و الخدمي الذي تدهور لحد الفضيحة مع تصاعد العمليات الإرهابية و التدهور العام في البنية العراقية و إحتدام الصراع على خيارات المستقبل و على منصب رئاسة الحكومة العراقية التي يريد حزب الدعوة الطائفي إستمرار سطوته عليها و صراع المخالفين من ( الإخوة الأعداء ) من جماعات الصدريين و المجلسيين و الآخرين في التحالف الطائفي العراقي للهيمنة على المنصب و الذي يشكل في نهاية الأمر الباب الأوسع لمغارة علي بابا العراقية حيث النهب و السلطة و الإمتيازات الواسعة، في العراق اليوم تكمن خيارات حقيقية لنهاية مسيرة نوري المالكي في منصب رئاسة الحكومة بعد أن إستنفذ كل ادواته و أظهر فشله الكبير رغم حقن المقويات الإيرانية و الأمريكية التي دعمته لثمانية أعوام عجاف كانت القمة في الفشل على جميع المستويات، خصوصا بعد الفضيحة الكارثية الأخيرة لزيارة المالكي لواشنطن وهي زيارة فاشلة أكدت حنق الإدارة الأميركية على السياسات المالكية إلى الدرجة التي لجأت إدارة أوباما خلالها لعدم دفع مصاريف الوفد العراقي في فندق واشنطن وكانت حوالي 8000 دولار دفعها الوفد العراقي عن طيب خاطر وفقا لما أدلى به الدكتور أحمد الجلبي من معلومات مثيرة للغاية، المهم إن الصمت الحكومي العراقي حول مصير منصب رئاسة الجمهورية و الغموض الذي يحيط بمصير الرئيس جلال طالباني بات اليوم يشكل أحد المفاتيح لإختيار الشخصية التي ستشكل الحكومة العراقية القادمة بعد التوافقات المطلوبة لذلك، فقد أشيع قبل فترة مثلا بأن زوجة الرئيس جلال السيدة هيرو إبراهيم أحمد تتطلع لأن تكون الرئيسة البديلة لزوجها العاجز عن أداء مهامه!!، ولكن ذلك الخيار يبدو صعبا في الحالة العراقية الراهنة لأسباب عديدة، ففي النهاية العراق ليس الإرجنتين و لا الفيلبين و لا الهند و لا سيريلانكا لكي تكون الزوجة هي البديل!

و ما يثار اليوم هو خيار آخر يتعلق كما يقولون بإشتراط التحالف الكردي للموافقة على إستمرارية المالكي لفترة رئاسية ثالثة على تولي إبن الرئيس المدعو ( قباد طالباني ) للمنصب خلفا لوالده! إضافة للشرط الكردي الخالد في تكريد مدينة كركوك و إعلانها مدينة كردية تابعة لإقليم كردستان لإستكمال مقومات الإنفصال و تكوين دولة كاملة الشروط بما فيها الهيمنة على آبار نفط كركوك!

طبعا أن يتولى قباد وهو المقيم في الولايات المتحدة منصب والده ليكون رئيسا لجمهورية العراق يمثل قمة المهزلة! فهذا الشخص لاتاريخ له في العمل الوطني العراقي سوى كونه إبن الرئيس!! وهذه الصفة الوراثية لا تتناسب أبدا والنظام الجمهوري و لاعلاقة لها بالحد الأدنى من الممارسة الديمقراطية إضافة لكون قباد أفندي بعيد كل البعد عن العراق و مشاكله العويصة اللهم إلا ذا كان الموضوع متعلق بحفظ النوع و السلالة فذلك موضوع آخر. فليحولوا العراق لمملكة كردية يحكمها الأكراد لكي تكون الصورة أكثر وضوحا و دستورية أيضا!!

التحالف الكردي يبيع و يشتري من أجل تحقيق مصالحه الخاصة و القومية أيضا، و الأحزاب الكردية إضافة لزميلتها الطائفية في الجنوب تمارس دورا خطيرا في تدمير العراق و إنهاكه، و تسليم العراق لأبناء الرؤساء و أمراء الحروب يمثل تعديا أخرق على العراق و تاريخه و تراث شعبه النضالي و يؤكد على حالة الضياع العراقية المطلقة و التي دخلت اليوم في منعطفات تاريخية حادة و مزعجة!!، كل شيء في العراق بات يورث من الآباء للأبناء و الأحفاد، وكل التعاملات السياسية العراقية باتت تخضع لمنطق التوارث المتخلف و الغير مبني على أسس منطقية، فإذا كان جلال طالباني بإعتباره زعيما سياسيا عراقيا ذا تاريخ معروف فماذا يمثل ولده و الذي حتى إسمه لايتيح له أن يكون رئيسا للعراق لأنه يذكرنا بالملك الفارسي ( قباد )!، و يبدو أن النظام الإيراني مهتم للغاية بدعم ملف التوارث الرئاسي العراقي لأنه يتيح لهم إمكانية الهيمنة المستمرة على مفاتيح السلطة العراقية المخترقة أصلا..

مهازل العراق ليس لها حدود و لا سدود، و توارث الفشل هو سيد الموقف، و تلك و أيم الحق قاصمة الظهر! لعراق بات يتلاعب أمراء الحروب و الطوائف و الملل و النحل.

[email protected]