عندما يصل رئيس الوزراء نوري المالكي الى نهاية ولايته الثانية، بعد نحو خمسة أشهر، من الآن، سيجد أن جميع من تحالف معهم من السياسيين قد أنفضوا عنه.

ليس هذا من باب التخمينات إنما هكذا يقول واقع الحال. فالمالكي لا يكاد يحتفظ، حاليا، بأكثر من عشرة بالمائة من تحالفاته السابقة، بعد أن وصلت النار الى الخيمة الأخيرة، أي الى خيمة التحالف الوطني نفسه.

وإذا كان يقال، عادة، ليس في السياسة تحالفات دائمة إنما هناك مصالح متغيرة، فهذا ينطبق تماما على التحالفات التي نشأت عشية ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة.

إذن يمكن القول أن ثوب هذه التحالفات، الذي كان يبدو براقاً، منذ عام قد أصبح بالياً وبات أشبه بثوب خيال المآته، أو خراعة الخضرة، كما نسميها.

والسبب ليس في المالكي وحده، إنما في السياسة وبالأخص في سياسة المحاصصة الطائفية والحزبية، التي تورط فيها الجميع وورطونا بها. فالكتل والأحزاب التي وافقت على ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة الثانية كانت وافقت على ذلك بشروط ومطالب ومصالح محددة، وبعد أن سارت السفينة وبلغت المياه العميقة، وجدت هذه الكتل والأحزاب أن شروطها ومطالبها ومصالحها بدأت تتلاطمها الأمواج، لأن المالكي لا يملك، في واقع الحال، سوى كعكة واحدة وكل جهة من الجهات تريد من هذه الكعكة حصة الأسد، فماذا يتبقى لبقية الأسود الذين يملأون الغابة؟

المالكي لم يضع في حسابه، كما يبدو، فرضية إرضاء الجميع ثمنا للحصول على ولاية ثالثة، وهي غاية لا تدرك، بطبيعة الحال.

وعلى خلاف ما تصور الآخرون أن حجم المالكي هو حجم شروطهم ومصالحهم، أظهر المالكي طموحا أبعد كثيرا من هذه التصورات.

هذا الطموح الذي يسميه البعض فردية مفرطة أو حتى ديكتاتورية جديدة، يسميه بعض آخر قيادة حازمة من دونها ستفرط الدولة وقد تتشظى.

رهان المالكي، إذن، لم يعد يتوقف عند التحالفات مع السياسيين والكتل البرلمانية القائمة، إنما على ما يعتقد هو أنها quot;كاريزماquot; اكتسبها خلال سنوات رئاسته للحكومة. وباعتقادنا تقف حظوظ المالكي في الحصول على ولاية ثالثة عند نتيجتين أثنتين ستظهران في نهاية الشوط فإذا ما سارت أمور البلاد نحو الاستقرار الأمني وتوقفت أعمال الارهاب وتصدت حكومته بقوة أكبر للفساد وعالجت مشكلة الخدمات، سيصل المالكي الى نهاية ولايته وهو ليس بحاجة الى أحد من حلفاء الأمس، لكن إذا حدث العكس، بمعنى بقاء كابوس الارهاب والفساد والخدمات مخيماً على أحوال الناس، فلن تنفع حينذاك، لا كاريزما ولا حتى حلفاء.