عقود من السنين والكتاب الاسلاميون يدافعون عن الاسلام، وكانت اكثر التهم التي تصدى لها الكتاب الاسلاميون، هو ان الاسلام انتشر بالسيف، وإنه دين يظلم المراة، ويستعدي المسلمين على محاربة أهل الكتاب، ويصنع جغرافية عدوانية(دار السلام ودار الحرب)، و يحتقر الجسد، وما شابه ذلك، وقد نجح الكتاب الاسلاميون برد هذه الشبهات باقتدار، وكان لردهم موقع القبول بل الاعجاب من كثير من الكتاب غير المسلمين، بما فيهم لاهوتيون المان وغير المان، وكانت هناك إقبال على تقبل الاسلام في الغرب، خاصة في انكلترا، وقد تعالت اصوات غربية كثيرة تحذر من (غزو) إسلامي للقارة الغربية، وقد جن جنون كثير من السياسيين تجاه اقتراح ان تكون تركيا عضوا في الاتحاد الاوربي، لان ذلك يعني ثلث سكان اوربا سيكونون مسلمين!
ماذا حصل فيما بعد؟
مسلمون في بلد الاسلام يقولون ان الاسلام دين سيف، جماهير عريضة من المسملين في بلاد المسلمين تطالب بفصل الدين عن الدولة، علماء إسلاميون من الوزن الثقيل يطالبون بعدم إدخال السياسة بالاسلام ولا ادخال الاسلام بالسياسة، اما في الغرب، فقد بات في الضمير الغربي ان الاسلام هو العدو الاول؟
لماذا؟
ليس الجواب صعبا، البداية هي ما جناه واقترفه الاسلام السياسي بحق هذا الدين الحنيف، سواء كانوا حملة هذا الاسلام الاخوان المسلمون او حركة النهضة في تونس، والكثير من نظائرهما، حيث استغلال الديمقراطية بشكل انحيازي استحواذي، والاستبداد بالحكم، ومصادرة الحريات، وتجييرالاعلام، واحتكار العمل السياسي، والتشدد في تطبيق الاحكام الشرعية، وثاني الاسباب هو لغة الارهاب الذي اختطته الكثير من الاتجاهات الاسلامية، فطالبان، وجبهة النصرة، ومثيلاتها كثيرات، اوقعوا القتل والذبح في الناس،بما في ذلك اسلاميون مؤمنون بالاسلام دينا ودولة وحكما، واوغلوا بدماء البشر على الهوية الدينية والمذهبية والطائفية، فحولوا المجتمعات الاسلامية الى شرائح متنافرة متقاتلة، واشاعوا ثقافة العنف حتى بين اطفال المدارس!
التفجيرات التي قام بها (اسلاميون متطرفون) في لندن واسبانيا وكثير من بلاد الغرب جذرت اعتقاد الكثير منهم بان الاسلام هو الخطر الحقيقي، وغوّشت الرؤيا على كثير ممن كانوا وربما مازالوا يقرأون ويدرسون الاسلام، ومن صار منهم مسلما راح يدافع وينافح، والحجة بان هؤلاء ليسوا من الاسلام والاسلام منهم براء، ولكن من يسمع ومن يهتدي ومن يقتنع بعد كل هذا الدم، وبعد جرائم ابو حمزة وابن لادن وغيرهما، وبعد ان تولى مسلم قتل مسلم بل ذبحه بالسكين واكل كبده وقلبه؟
التجربة الاخوانية فشلت في مصر، تجربة النهضة تشرف على الانتهاء، تجربة حزب الدعوة افلست افلاسا مريعا، ولكن ماذا عن ايران مثلا؟
ايران مسلمة بالوجه الرسمي ولكن الواقع الاجتماعي على العكس تماما، فالشباب الايراني يتطلع الى الحياة الاوربية المنفتحة،والى ديمقراطية حقيقية، والانثى الايرانية تنتظر ساعة الانطلاق باقصى سرعتها نحو الحرية في كل شيء، نعم، في كل شيء، وفيما حصل ما يحمد عقباه لايران كما هي تقديرات اصحاب العلاقة، ستنبعسث كل الاديان القديمة في ايران ، وستكون هناك اشبه ما يمكن تسميته بـ (رد الفعل)...
لقد سقطت جاذبية الاسلام للاسف الشديد، واليوم على الكتاب الاسلاميين ان يعودوا الى لغة الدفاع بعد هذا التهاوي، بعد هذه الانتكاسات التي يمر بها هذا الدين بسبب جرائم الاسلام السياسي والاحزاب الاسلامية والحركات الجهادية والجهل المطبق بالاسلام.
للاسلام رب يحميه!
لا اؤمن بهذه المعادلة...