أشعر بالأسى الشديد على ما وصل إليه حال مصر بعد غياب عقد ونصف عن هذا البلد العريق، في الثلاث سنوات الاخيرة، انتفض الشعب المصري ضد الفساد وخلع الرئيس quot;حسني مباركquot; في الخامس والعشرين من يناير2011، وثار هذا الشعب العظيم ضد استبداد وتأمر جماعة فاشية كان يمثلها المعزول quot;محمد مرسيquot; في الثلاثين من يونيو 2013، مع ذلك لم ينعم هذا الشعب حتى اللحظة بثمار الثورتين، ولم يلمس تحسنا في حياته، بل زادت الأوضاع سوءاً، والسبب أن مجموعة من كارهي هذا الوطن من جماعات، وحركات، وإئتلافات يحركها التنظيم الدولي للإخوان وتنفق عليها بعض الدول برعاية أميركية، والهدف تدمير مصر، للأسف تحول أعضاء هذه الحركات والجماعات خلال السنوات الثلاث الماضية إلى نشطاء توجه إليهم الدعوات لحضور المؤتمرات، والقاء المحاضرات، ويتم توجيه هؤلاء النشطاء بالريموت كونترول لتنفيذ أجندات تخريبية لتنتعش أرصدتهم في البنوك غير عابئين بوطن ينزف فهم لا يعرفون معنى الوطنية، ولا يشعرون بالانتماء لأرض هذا الوطن.
كنت أتابع كأي مصري في الخارج ما يدور في بلدي عبر الفضائيات، وكانت تؤرقني مشاهد القتل والحرق والتعدي على المؤسسات العامة والخاصة إلى أن وجدت نفسي يوم الاحد الماضي بجوار سيارة شرطة وقد حولتها النيران إلى اثر بعد عين أمام حديقة الحيوان بالجيزة، من فعل هذا؟ سألت من يمرون بجواري، قال أحد المارة : طلبة ينتمون إلى الإخوان بجامعة القاهرة، وأضاف أخر: يجب على الشرطة أن تقطع رقابهم، وفجأة نرى هرج ومرج ومجموعة من الطلاب يتسلقون شجرة في الاتجاه المقابل للوصول إلى لافتة دعائية تحث الشعب على المشاركة في الاستفتاء على الدستور، ويمزقونها أخرون يصورن هذه المشاهد على هواتفهم، لم تمر سوى دقائق، حتى نرى على شاشات التلفاز مجموعة طلابية من جامعات مختلفة تدخل ميدان التحرير لنصف ساعة قبل أن تفرقهم قوات الأمن.
يبدو أن البلد لن تهدأ ما لم يتم إعدام محمد مرسي ورفاقه، ومراقبة الطابور الخامس، والحركات التي تدعي الثورية أمثال 6 إبريل، وكشف مصادر تمويل هذه الحركات التي لا تعمل على إحراق مصر، وعلى الرغم من زوال كابوس الإخوان الذين عاثوا في الأرض فساداً عاماً كاملاً، وقسموا اليلاد والعباد، وتحالفوا مع تنظيم القاعدةـ، وتأمروا على مصر، فإن يد الإرهاب الأثمة المنبثقة عن تنظيمهم الإجرامي لا تزال توجه ضربات لرجال الجيش والشرطة، ولا يزال العشرات من المغيبين منهم، والمخطوفين ذهنيا، والسفهاء، والبلهاء، والمأجورين يتظاهرون هنا وهناك ويلجأون إلى العنف، وفي كل مرة يسقط قتلى وجرحى فضلا عن اعتداءات على الممتلكات الخاصة والعامة، يحدث هذا على مسمع ومرأى من حكومة مترددة في وصف هذه الجماعة بالإرهابية، وتحجم عن اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يتظاهرون ويطلقون على أنفسهم نشطاء، وتترك الفضائيات تحتفي بالنشطاء وتفرح لفرحهم، وتغضب لغضبهم.
الحذر مطلوب ممن لا يريدون لمصر أن تستقر، نجوم فضائيات توجههم مصالحهم الخاصة، وعقولهم المريضة، وتفكيرهم الصبياني، ورغبتهم في حب الظهور، وركوب الموج، واصطناع البطولات المزيفة، ترغب في استمرار الارتباك الأمني، والتراحع الاقتصادي، فلا سياحة ولا استثمارات، مثل هؤلاء لا عهد لهم ولا ذمة، يخونون من ضحوا بدمائهم أملاً في مصر جديدة، قوامها الحرية والعدالة والعيش الكريم.
يجب إعادة النظر فييما يسمى الحركات الثورية والائتلافات، والحركات والجمعيات التي تتخذ مسميات براقة خادعة، ومن يمتهنون مهنة الناشط السياسي، ومن يدعون إلى التظاهر في مقابل المال، كما يجب إعادة النظر فيما تفعله النخبة السياسية والإعلامية ذات المصالح مع هذه الحركات وهؤلاء النشطاء على حساب الوطن.
ليس من المعقول أن نترك مؤسس حركة 6 إبريل quot;أحمد ماهرquot; وجماعته التي لا تتجاوز الخمسمئة وأربعين فردا تتأمر على مصر، وتكون عوناً للإخوان المجرمين، ويستغلون قانون التظاهر بعد أن فشلوا في شق الصف حول بعض مواد الدستور ليخرجوا من جحورهم، فالمواطن المصري
أذكي من أن تخدعة 6 إبريل أو غيرها، فقد أدرك المصريون أن ماهر وغيره ممن يطلقون على أنفسهم quot;نشطاءquot; مجرد دمى تحركهم غريزة حب المال، وشهوة السلطة، وحب الظهور، فيعملون لمن يدفع أكثر، كل هم هؤلاء يريدون الحرائق تشتعل، والدماء تسيل ليبقوا على مسرح الأحداث وتحت الأضواء، هؤلاء يزايدون ويتاجرون بدماء من نحتسبهم شهداء، لقد افتضح أمرهم، وعلى السلطات القضائية ملاحقتهم، وكشف حقيقتهم أمام الرأي العام المصري وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
إعلامي مصري