يستمر الإعلام المرئي والمقروء التابع للمعارضة السورية المقيمة في اسطنبول في التحريض والتشويه ضد الكرد بسبب رغبة هؤلاء في الإعلان عن مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية لمناطقهم في إطار الوطن السوري. ورغم إعلان تنظيم ( الدولة الإسلامية في العراق والشام/داعش) عن حصار لمنطقتي quot;عفرينquot; وquot;كوبانيquot; بهدف تجويع أهلها( بينهم عشرات الآلاف من المهجرين العرب السوريين الهاربين من المواجهات في مناطق الداخل)، إلا ان المعارضة الإسطنبولية لا تعير ذلك أية أهمية، فهي منخرطة في مشروع منع الكرد من إدارة مناطقهم بالتعاون مع المكونات العربية والسريانية والأرمنية فيها. وتبدو أصابع الدولة التركية واضحة تماما في هذا المخطط، فالمعروف بأن ( الائتلاف الوطني السوري) إطار معارض شكلته تركيا وسلمت قيادته لتنظيم الإخوان المسلمين وبعض الشخصيات الهامشية (العلمانية، الشيوعية، أبناء الأقليات: لزوم الديكور)، وهو يأتمر بأمر حكومة حزب العدالة والتنمية في أنقرة، ولديه علاقات مشبوهة مع المجموعات الإرهابية المحسوبة على quot;القاعدةquot;. والهدف الموضوع أمام هذا quot;الائتلافquot; هو منع الكرد السوريين الآن وفي المستقبل، وبأي شكل من الأشكال، من إنجاح هذه التجربة التي ستضع لبنات سوريا الفيدرالية الديمقراطية اللامركزية، حتى وإن كانت طريقة المنع هذه هي التعاون مع quot;داعشquot; وquot;جبهة النصرةquot; والتغطية السياسية على جرائمهما في محاربة الكرد وحصار مناطقهم.
الائتلاف الوطني السوري قاد ثورة الحرية والكرامة، ثورة غياث مطر وحمزة الخطيب، الثورة السلمية التي كان جنود الجيش النظامي السوري يفضلون القتل والقنص من الخلف على إطلاق النار على المتظاهرين فيها، قادها إلى الخراب والضياع. باعها للاستخبارات التركية والخليجية ومنظمات الوهابية العالمية. غطى على دخول آلاف المقاتلين الأجانب إلى البلاد بحجة محاربة النظام. غطى على عمليات النهب والسلب التي قامت بها كتائب quot;الجيش الحرquot; بحق بنية مدينة حلب الاقتصادية، بحيث أصبحت معظم المعامل والمنشآت والمصانع مفككة وخردة تباع في تركيا. غطى على ( إمارة الرقة) التي أعلنت عنها quot;داعشquot;. شنّ حربا واضحة ضد الأقليات في سوريا وغطى سياسيا على حملات quot;النصرةquot; وquot;داعشquot; ضد العلويين في اللاذقية والإسماعيليين في حماة والمسيحيين في صيدنايا ومعلولا ودمشق، وأيدّ بكل قوة هذه المجموعات القاعدية في حربها الطويلة ضد الشعب الكردي السوري. لقد أدخل هذا الائتلاف العميل لتركيا واستخبارات الخليج الآلاف من مقاتلي quot;القاعدةquot; إلى سوريا ومنطقة الشرق الأوسط بالتالي، وهو ما يزال يغطي عليهم للآن، ويصفهم بquot;الجيش الحرquot;!.
المعارضة الاسطنبولية تريد تصفية الأقليات وإنهاء وجودها في سوريا. تريد دولة مركزية ذات لون أثني وطائفي واحد وهذه هي رغبة تركيا والوهابية العالمية، وهي في سبيل ذلك تغطي على quot;النصرةquot; وquot;داعشquot; القاعديتين لكي ترهبا أبناء الأقليات وتهاجما مناطقهم ومدنهم الآمنة التي لا جيش نظامي ولا استخبارات أسدية فيها، وكل ذلك من أجل ترهيبهم وترويعهم ودفعهم لمغادرة سوريا والهرب منها. الائتلاف الوطني السوري ينفذ أجندة معادية تماما للوطن والشعب السوري. هو لا يقل خطرا عن النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار وصفى كل المخالفين وأطلق الرصاص على المتظاهرين العزل في الشوارع.
الآن ثمة تحضيرات كبيرة تجري على الميدان لحرب واسعة تقوم بها الجماعات الإرهابية المتحالفة مع الائتلاف الوطني السوري ضد الشعب الكردي بحجة quot;محاربة الفيدراليةquot;، وهي حجة كاذبة فالهدف الحقيقي هو تشريد الكرد وتطهير مناطق شمال وشمال شرق سوريا منهم، وما الائتلاف إلا أداة في تنفيذ سياسة الإبادة العرقية هذه. المجموعات الإرهابية تطهر الآن مناطق quot;جرابلسquot; وquot;تل أبيضquot; وquot;منبجquot; وquot;البابquot; من العنصر الكردي، بينما الإعلام التابع للمعارضة الطائفية العنصرية المرتشية (على رأسه فضائية quot;أورينتquot; الغوبلزية) يغطي على هذه الجرائم ويشرعن لها بالحديث عن quot;النوايا الانفصالية الكرديةquot;. تركيا تريد سوريا دولة ضعيفة مشتتة متناحرة تابعة لها. تركيا تريد سوريا بلادا خرّبة، لا تعدو سوى سوقا كبيرة فيها 24 مليون مستهلك لبضائعها. تركيا لا تريد أي حقوق كردية في سوريا تزيد عن سقف quot;الحقوقquot; التي منحتها لكردquot;هاquot;. لذلك عمدت بالتعاون مع السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد( الذي هدد الائتلاف بالحل إذ ما رفض المشاركة في مؤتمر جنيف 2 أو وضع شروط مسبقة!)، إلى إحداث اختراق في الصف الكردي، وتخريب (الهيئة الكردية العليا) بضم أحزاب (المجلس الوطني الكردي) إلى الائتلاف الاسطنبولي المعادي للهوية الكردية، دون أية ضمانات أو تغيير في سياسة هذا الائتلاف وتحالفاته المعادية للكرد. وكان المدعو أحمد طعمة رئيس quot;حكومةquot; الائتلاف قد هدد، بالتزامن مع حصار quot;داعشquot; وquot;النصرةquot; وحربهما ضد الكرد، أكبر فصيل سياسي كردي وهو حزب الاتحاد الديمقراطي بالحرب الشاملة. طعمة الذي لم يجد قرية واحدة quot;محررةquot; يقيم عليها حكومته الدمية حانق وحاقد على هذا الحزب الذي يدير الآن، بالتعاون مع قوى أخرى، مساحة تزيد عن مساحة دولة مثل لبنان بثلاثة أضعاف.
وفي الآونة الأخيرة وبعد أن تمكنت quot;داعشquot; وquot;النصرةquot; القاعديتين من التجذر في مناطق الرقة وريف حلب، بدأت تصفي quot;الجيش الحرquot; وتهدد أعضاء الائتلاف العميل بقطع رؤوسهم لأنهم quot;مرتدينquot; وquot; يعملون مع الغرب الكافرquot;، وهذا بداية الغيث!.
كنا حذرنا الائتلاف في كتاباتنا السابقة من خطورة اللعب مع quot;القاعدةquot; وتصويرها بأنها quot;جزء من الثورةquot; وتقديم الدعم لها في وجه الجيش النظامي ومناطق الأقليات العرقية والمذهبية، لكن هذا الائتلاف لم يصغ ومضى في طريق خيانة الثورة السورية، فأتم مهمته بإفشال هذه الثورة وتدمير الوطن السوري وجعله أكبر تجمع لعناصر quot;القاعدةquot; في العالم.
والآن الشعب السوري لا يملك سوى تحمل نتائج جرائم النظام في دمشق وجرائم وخيانة المعارضة الاسطنبولية العميلة.
لك الله يا سوريا. لكم الله يا أهل الشام.