من الصعوبة أن يتبدل التفكير العراقي في فهم الأستثمار النفطي الأجنبي وتمييزه عن الأستعمار القديم وطرق الأستغلال الجديد في بلاد الهتاف والتصفيق والنقمة والتلفيق والتحدي؟
كمراقب، أرى أن عرب العراق وأكراده هم شركاء وطن وأعداء ثروة، ولاعجب، شركاء أستثمار الثروة النفطية من مسؤولين ( بعض ألأسماء أدناه) يضعون أنفسهم في فخ الشركات الأجنبية ودولها ومستشاريها وتقديم مصالحها وفائدتها في الأستثمار والأستحقاق على مصلحة العراق دون فهم لعالم يتغيّر كل يوم. ففي زحمة التحديات السياسية وفقدان الأستقرار، تتكاثر تصريحات الأبتزاز الحكومي العربي ndash; الكردي للثروة النفطية في تنافس وتحد معيب لايدخل في مصلحة أي من الطرفين بقدر مايدخل في مصلحة استفادة شركات التنقيب الأجنبية وأعطائها أكثر مما تطلب من أستحقاق بمعرفة الطرفين العراقيين.
الذي يدمي قلوب العراقيين، وأنا واحد منهم، أن الوجوه الجديدة التي تتحدث عن الطاقة والثروة النفطية تتملكها الأفكار القديمة، وتبرزُ أفكارها في خطورة أستمرار الصراع والتحدي الخفي والمكشوف بين حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة و نيجرفان بارزاني رئيس حكومة أقليم كردستان، وآرائهما في عقود ألأستثمار النفطية وتمثيلهما لجهتين يسودها الشك والنزاع على الأرض والثروة وطرق التصرف والأدارة.
ليس كافياً أِشارة نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني خلال ملتقى الاعمال والاستثمار العراقي-الفرنسي وتأكيده الى وجود 42 شركة فرنسية عاملة في العراق ودعوته الى الأستثمار قي مختلف القطاعات. و ليس كافياً دعوات الأكراد الشركات الاجنبية الى الاستثمار والتنقيب في كردستان قبل الرجوع الى الحكومة المركزية للوصول الى حلول تقييد الأستثمار بقوانين مُحددة وفق قانون الاستثمار لعام 2006،الذي سنته الحكومة المركزية التي تدعو الأقليم الكردي الى عدم تصدير النفط دون ألية دستورية، وليس كافياً ماأوضحته بغداد بأنها لن ترضى بتصدير النفط من الاقليم الكردي إلى تركيا دون اخذ موافقتها، وكذلك وجوب طلب الحكومة التركية اذن التصدير من نظيرتها العراقية قبل البدء بتسلم نفط الاقليم لمنع أستمرار التهريب وفوضى الأستغلال.
ثم يأتي تصريح وزير النفط العراقي عبد الكريم اللعيبي خلال اجتماعات منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في فيينا، (إن حكومة إقليم كردستان قد وافقت على وضع العائدات من صادرات النفط في حساب تابع للأمم المتحدة لصالح عوائد النفط العراقي وموافقة الاقليم على قيام الحكومة المركزية بالسيطرة على كمية ونوعية الخام وعلى إدارة العائدات المحصلة). بكلمة أخرى،لاتوجد بين أمم الأرض دولة تقوم بتسليم ثروتها الى الأمم المتحدة لتكون الحكم. أما توقعات الوزير بأن أتفاقية رسمية سيتم التوقيع عليها بين المركز والأقليم هذا الشهر ويتم على أثرها استئناف صادرات الإقليم عبر أنبوب كركوك جيهان مما سيصل صادرات العراق النفطية الى 400 ألف برميل يوميا، فأننا سنترقب الحقيقة بتمييز الأقوال عن الأفعال.
المعروف أن حكومة أقليم كردستان تطالب بالحصول على 17 بالمئة من إجمالي إيرادات النفط العراقية وفقا لمادة في الدستور العراقي، و تتولى حالياً وفي تحدِ واضح للحكومة المركزية، تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذي ستبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميا وتصديره بواسطة شركة جينل إنرجي البريطانية التركية المرخصة بالتصدير والتي لديها القدرة على إنتاج نحو 230 ألف برميل يوميا من اثنين من حقولها في كردستان هما طق طق وطاوكي حيث تعمل الشركة حاليا. ويبدو أن الفخ المنصوب للعراق وشعبه هو أن حكومة الأقليم ستمضي قدماً في تصدير النفط سواء وافقت بغداد على خطة المدفوعات أم لم توافق....
والمتوقع أيضاً حين يبدأ تشغيل خط الأنابيب، فأن حكومة كردستان ستتوقف تدريجيا عن تصدير نفطها بالشاحنات إلى ميناء جيهان التركي على ساحل البحر المتوسط، كما صرح بذلك رئيس شركة جينل إنرجي البريطانية التركية التي تدير حقول نفط كردستان.
وأظن أن مشكلة العراقيين تتلخص في عدم الأستثمار في العقول قبل الأستثمار في الحقول وأعني بذلك،أسراع الأطراف المعنية الى رفع صيغ التوتر وأثارة التحدي والتافس على العقود الأجنبية بالشكل الطفولي الأناني الذي سيؤدي الى عثرة العراق ووقوعه من جديد ضحية،على وجه مشابه لِما حصلَ فعلاً عام 1990، عندما أشتركت شركات وحكومات وأشخاص في وضعه في فخ محكم كلفَ أهل العراق التضحية بمستقبل جيل كامل.
ففي وقت يبتسم الطرفان العراقيان الحاليان الأبتسامة البلهاء لمدراء الشركات الأجنبية عند أجتماعاتهم معهم، تُدرك الحكومات الأجنبية الخلاف بين المركز والأقليم وتعمقه بفطنة وينصب الفخ لهم عند التوقيع على عقود نفطية تأخذ فيه الشركة الخبيرة منهم حصة الأسد، وبرضاهم. وببقاء الجهل المفرط بالفخ السياسي والأقتصادي المنصوب للطرفين تتراكم على الحكومة المركزية والأقليم الأزمات دون حلول دستورية مناسبة.
تدرك معظم الدول النفطية ومستشاريها الأقتصاديين ماعدا العراق وليبيا حالياً أن الأستثمار في مشروع يعني الفائدة المالية والأقتصادية للمادة المصدرة، وعقودها النفطية تتم وفق فقرات تجارية مدروسة تحقق مبدأ الكسب الأكبر للدولة المصدرة للمادة الخام quot; هذي حصتك وهذي حصتيquot;. فمن هوالكاسب الأكبر في الحالة العراقية؟
أن معدلات انتاج النفط العراقي المقدرة سترتفع الى 3،3 ثلاثة ملايين وثلاثمائه برميل يوميا، كما ستزداد حاجة تركيا والأردن وسوريا والهند ودول أوروبا وأمريكا الى النفط الخام ومعامل التصفية والتكرير بموجب هذه الحاجة، سيتوسع الخلاف بين الأطراف العراقية بالشكل الذي قد يضر بمصالح أهل العراق نظراً لأعتماد المسؤولين على الجهة الأجنبية وقبولهم بالكاسب الأكبر بما يخدعوهم به من توظيف روؤس الأموال في حقول نفطية للأستثمار والتعاقد بالأضافة الى مصاريف توفير الأمن للخبراء والعاملين والمستشارين الأجانب كما هو الحال في ليبيا مؤخراً. وتبحث عن تحالفات جديدة وامن اكبر داخلها،
على الصعيد الرسمي والشعبي، أصبح من السهولة رمي سوء الأدارة في أحضان الأخرين وأصبح فقدان الثقة بالحاكم والحكومة والرئيس وأعضاء المجالس النيابية وحلفائهم ومعارضيهم ومن يتحاف مع الطرفين، الحالة السياسية الجديدة التي يمر بها العراق ومجتمعات مدنية عربية أخرى لاتعاصر العصر وتدير شؤونها بالتحالف مع الخارج قبل التحالف مع قواها الداخلية لحماية ثرواتها الوطنية.
أنها حالة مخيفة لحكومات تدعي حماية شعوبها ومصالحها ولكنها تستنجد تأمين ثرواتها بقوى خارجية على طول الخارطة السياسية في العالم حيث يتراكم الفقر والبؤس والذل والأستغلال على أرضها، وتتمتع دول أجنبية بعروض مغرية يهبها لها من لايستطيع فهم عالم اليوم.
كاتب وباحث سياسي