عندما استحضر أحداث إنتفاضة عام 2009، في إيران و أقارنها بأحداث الثورة الايرانية، وأدقق بين تعامل جيش النظام الملکي و أجهزته الامنية و بين تعامل قوات الحرس الثوري و الاجهزة الامنية للنظام الديني الحالي، فإن مشهدان يرتسمان أمامي، اولهما الشعب الايراني الذي کان يرمي قوات الجيش و الشرطة بالورود فکانت القوات تستسلم للغة الشعب و تنضم الى صفوفه، أما في إنتفاضة عام 2009، فکانت القوات الامنية و أفراد الحرس الثوري يندسون بين الجموع المنتفضة ليقومون من هناك برشق القوات بالرصاص او القنابل حتى تبادر القوات(حسب السيناريو المرسوم) للرد على المصدر و بسبب ذلك کانت تلك المجازر المروعة التي تم إرتکابها و التي أدت للأسف الى إخماد الانتفاضة الى حين.

الملاحظة الملفتة للنظر، أن الجيش الذي إستخدمه نظام الشاه لقمع الشعب، صار مغيبا بالمرة في ظل هذا النظام، حيث يتم إستخدام قوات الشرطة و الامن الداخلي کواجهة في حين تشکل قوات التعبئة و الحرس الثوري اليد الضاربة، لکن وفي أثناء إنتفاضة عام 2009، تم إضافة القوات المتنکرة بزي مدني و المرتبطة بمکتب مرشد النظام بقيادة مجتبى خامنئيquot;أي أبن خامنئيquot;، حيث قامت بالدور الهام و الابرز في قمع و إخماد الانتفاضة، وقد لام وفد من النظام الايراني نظام بشار الاسد عندما إستخدم الجيش لقمع الشعب السوري الثائر، ولأن السيف قد سبق العذل، فإن النظام قد خدم النظام السوري بنهج بالغ الخبث عندما قام بتلغيم الثورة بالتيارات المتطرفة التي إندست معظمها داخل الثورة السورية عبر عباءة النظام.

سجون و معتقلات الشاه عندما تتم مقارنتها بسجون و معتقلات هذا النظام، فإن الفرق شاسع جدا بينهما من کل النواحي لکن لصالح نظام الشاه، کما أن مقارنة حملات الاعدام و نسبة تنفيذها کل عام بين النظامين فإننا نجد أن للنظام الحالي قصب السبق و الافضلية بل وقد صار ضمن الدول الاوائل من حيث تنفيذ أحکام الاعدام وهنا من المفيد إستحضار المجازر التي کان الجزار خلخالي يقوم بها و کذلك تلك المجزرة الانسانية المروعة التي أعدم النظام خلالها في عام 1988، 30 ألفا من اعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق الذين کانوا يقضون فترة محکوميتهم بقرار غريب من نوعه من أصدره خميني، ولو أخذنا نسبة السکان بين الصين و إيران و قارنا بينها و بين نسب حملات الاعدام الجارية لوجدنا أن النظام الايراني يتقدم وبصورة حسابية على الصين الاولى في العالم!

النظام الديني يتفوق أيضا على نظام الشاه من حيث حصوله على 60 إدانة دولية خلال 34 عاما من بينها إدانات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين أن نظام الشاه کان يدان من قبل منظمة العفو الدولية و بصورة محددة و ليس بهذه الصورة الملفتة للنظر کما يحدث في ظل نظام ولاية الفقيه، بل وحتى لايمکن أن يوجد مجال للمقارنة بينهما، ولعل التأکيدات المستمرة للمقاومة الايرانية على ضرورة إحالة ملف حقوق الانسان في إيران الى مجلس الامن الدولي والتي قد يتصورها البعض بأنها مناورة سياسية او أي شئ آخر من هذا القبيل، انما هو مطلب بالغ الجدية لأنه ينطلق من الاعتبارات و الاسس التي ذکرناها آنفا.

الشاه عندما تيقن من أن الشعب يرفضه و لايريده، حزم حقائبه و أمتعته و غادر إيران محترما إرادة الشعب، أما نظام ولاية الفقيه فإنه و من خلال التمعن فيما فعله مع الشعب عشية إنتفاضة 2009، فإنه على النقيض من نظام الشاه تماما، إذ انه يرى شرعيته مستمدة من السماء و لهذا فإن کل من يقف بوجهه فإن دمه مباح، وهذا ماحدث و يحدث في إيران منذ 34 عاما، وانه لحقا أمر يبعث على السخرية عندما نجد نظام الشاه الکافر کان أکثر رأفة و رحمة بالشعب الايراني من نظام الولي الفقيه المتقي الذي يزعم بأنه عهده هو عهد الامن و الامان و الحب و السلام!