لم تجر طوال التاريخ الاسلامي محاولة جادة للتقريب بين الشيعة والسنة، قدر ما جرى بينهما من حروب منذ الخلاف الأول وحتى اليوم.

دول قاتلت دول، وشعوب قاتلت بعضها، ولم يهدأ صوت المعركة بعد. بل على العكس، ما يزال الخلاف محتدما. وعلى العكس، إنه يكبر، كنار أمامها من الحطب الكثير لتشعله.
حاول بعض العقلاء، ولا يزالون، بعض منهم وبعض منا، ان يصلحوا الأمر. فكان صوت العقل ضعيفا. واهنا، حتى مات.
اعتقدت فيما مضى، ان أغلب المتشددين هم اؤلئك الذين لا يعرفون شيئا عن الشيعة ولا عن السنة، وهم إما مع هذا او ذاك بحكم الوراثة لا أكثر.
ثم تيقنت فيما بعد، ان التشدد يقوده المتعلمون اكثر مما يقوده الجهلة. فجهالة العلم اسوأ من جهالة الجهل.
لنأخذ ما يحدث في العراق، او سوريا. وسائل الإعلام، كتاب المقال، المثقفون أو من يدعون انهم كذلك، يعبقون برائحة الطائفية وهم يكتبون عن القتال الدائر هناك، وما يحدث في سوريا تحديدا خير مثال. فقد حوّلوا ثورتها من مطلب حرية إلى صرخات هستيرية للإنتقام من العلوية والشيعة.
نحن نزرع في ابنائنا كره الآخر.
نتلذذ بفعل ذلك.
الصور في التلفزيون، الأخبار في الصحف، وسائل التواصل الإجتماعي، كلها تتحدث عن العلويين والشيعة والرافضة الذين لا بد من التخلص منهم، دون ان نعي بأن هؤلاء منا ونحن منهم. وأننا بالإساءة لهم نقطع بعضا من اطرافنا.
نحن في شبه إغماءة عقلية. ثمالة بلا خمر. عندما نستفيق يوما، سنشعر بالقرف والخزي من أنفسنا.
اليوم نلعن الشيعة الف مرة دون ان نعرف سبب اللعن.
هم يلعنوننا ولا يعرفون سبب اللعن.
نتعلق بذريعة انهم يسيئون لصحابة رسول الله الذين ماتوا منذ 1400 عام. وهم يقولون بأننا لا نعظم أهل البيت كما يستحقون.
لا سب الصحابة يقود الى قتال، ولا مسألة البيت تفعل بالمثل. فرسول الله تعرض للأذى في هولندا والدانمرك اكثر مما تعرض له صحابته كلهم. مع ذلك لم نعلن الحرب على أحد. وعلاقتنا اليوم مع هذه الدولة وتلك quot;تمام التمامquot;.
خلافنا سياسي في ثوب ديني. تغذيه المصالح وبعض المستفيدين لا أكثر.
إنها جريمة مكتملة الأركان تلك التي يقودنا إليها صمتنا. فإذا كان ما يفرق بيننا اليوم خصومة سياسية، فإن الخصومة ستنتهي يوما ما، لكن الحقد العميق الذي زرعناه في نفوس ابنائنا ضد الآخر، كيف له أن ينتهي؟