بعيداً عن التعريف بالشخصين، فهما أشهر من أن يُعرّفا بسطور مني. لكنّي ومنذ أن قرأتُ تغريدة الشيخ القرني التي أعاد فيها رسالتهُ إلى الراحل مانديلا وقد دعاه إلى الإسلام وأنا في حيرة من أمري عن مثل هذه الدعوات ومضامينها وفوائدها. هناك نص في الرسالة هو موضع اهتمامي. إذ يخاطب الشيخ القرني مانديلا قائلاً..

((أيها الرئيس العظيم: لقد حصلتَ على المجد الدنيوي، ونلتَ الشرف العالمي، وأحرزتَ وسام التضحية، ولبستَ تاج الحرية، فأضف إلى ذلك الظفر بطاعة الله والإيمان به، واتبّاع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولايكون ذلك إلّا بالاسلام، فأسلِمْ تَسلم، أسلم تنل العزّ في الدنيا والآخرة، والفوز بالأولى والثانية، والنجاة من عذاب الله، أسلم أيها الرئيس العظيم، لتحييك الأرض والسماء، ويرحب بك مليار ومائتا مليون مسلم، وتفتّح لك أبواب الجنة.)) تم
الشيخ يقول (أسلِمْ تَسلم) وهذا فعل أمر، ولا أدري هل أدبيّات الخطابة تكون هكذا؟ أم هي مقتبسة من رسائل النبي (ص) إلى هرقل والمقوقس وكسرى؟ فهل يزن الشيخ القرني نفسه بوزن النبي (ص) ليخاطب رجلاً عظيماً بحجم نيلسون مانيدلا بلغة الأمر؟
ثم رسالته هذه تفتح لنا أبوباً نحن في غنى عنها، وهي أساساً غير محسومة في أوساطنا الدينية والشعبية، فالشيخ يقول لنا وللعالم، إنّ نيلسون مانديلا، إن لم يسلم، سيكون مصيره الذلّ في الآخرة والخسارة في الدار الثانية وعذاب الله لن ينجو منه ! ولطالما لم ينطق الراحل الشهادتين أمام الشيخ فهذا أمرٌ محتّم الوقوع. لعمري ماكان للشيخ أن يظهر رسالته إلى العلن، ولو بقيت في خزائنه لكانت أجزى له ولنا. ثم يقول (ويرحب بك مليار ومائتا مليون مسلم، وتفتّح لك أبواب الجنة)، وهنا إشكالان، أولهما أنه ضمن هذا الأمر (الترحيب) من المليار ومائتا مسلم، وهذا محال، فكيف عرف هذا الاجماع على الترحيب؟ والثانية أنّه لم يستشر هذا العدد من المسلمين في كتابة نصّه، فكيف له أن يكون الناطق الرسمي باسمهم؟ وهناك مشكلة أخرى على هذا النص ياشيخنا الجليل! إنك بقولك هذا، تقول لأكثر من أربعة مليار (ولا أدعّي تمثيل باقي عدد سكان العالم منقوصاً منه عدد المسلمين.. فلست الناطق باسمهم) تقول لهم (أن نيلسون مانيدلا في النار.. يُعذب، وبين أطباقها يتقلقل، وفي جحيمها سيُخلّد)، فأيّ الكفتين عندك أرجح ياشيخنا؟ كفة الترحيب أم كفة البقيّة؟ والباقون، سينظرون الينا من خلال رسالتك. فما أنت فاعل بنا ياشيخنا العزيز؟ وكيف نجيبهم؟ نيلسون مانديلا نعاه أغلب قادة العالم بما فيهم خادم الحرمين الشريفين. وبكت على رحيله ملايين، واستفادت من عبرته المليارات..
شيخنا الجليل عائض القرني!.. حفظك الله ورعاك، نحن لا تنقصنا المشاكل والتهم الموجهة إلينا كوننا مسلمين. فلاتزد حملاً علينا. وترفق بنا.. وأوفي لنا الكيل إنا نراك من المحسنين
ملاحظة / تغريدة ورسالة الشيخ متوفرة ومعروفة على شبكة الانترنيت