يتم التداول مؤخراً بعدد من ملفات الفساد في لبنان، ويمكن أن نختصر السبب الرئيسي أو الدافع لكل تلك الملفات بالمال. يقال إن الذي يسرق رغيفاً ليس بمذنب فهو سرق لأنه جائع، أما السارق فقد لا يكون هناك داعياً لتعريفه. اليوم وفي ظل متابعتي الصحفية لمشروع يفترض أن يكون تنموياً، استوقفني طريقة تعامل المهندس المشرف على المشروع بما يمكن أن نسميه تهرباً من اعطاء المعلومات حول المشروع، خصوصاً أني سألته عن التمويل، نقطة الضعف عند أولئك. تصرفه اعادني بالذاكرة الى جواب مسؤول آخر عن المشروع بأن التمويل هو من الجهة السياسية النافذة في منطقة المشروع لأن كل محاولات الحصول على تمويل من الجهات المانحة بائت بالفشل، ولكن كي أكون صادقة مع نفسي لم أصدقه وبت أشّك بكل العاملين على هذا المشروع.. صادف وأنا أفكر في هذا الموضوع كانت الشاشات اللبنانية تعرض كيف يتقاذف المسؤولون اللبنانيون كرة مسؤولية غرق لبنان في المياه والوحول بعد نعمة السماء بالمطر الاسبوع الفائت وحجز اللبنانيين لساعات على الطرقات بسبب فيضان الطرقات وازدحام السير..

هم لم يعلقوا في الازدحام، ربما يوم العاصفة تلك كانوا يقومون بالسياحة في أحد البلدان الأوروبية، وهناك حتى لو أمطرت السماء لا يغرق الناس؛ فهناك يوجد حكومات تحترم شعبها وتحترم أبسط حقوقهم.

هذه عينة من ملفات الفساد في لبناننا، ملفات يصل بعضها أحياناً الى التلاعب بأرواح الناس. وسط كل هذه البيئة الموحلة يلّح عليّ السؤال: لماذا هؤلاء الذين باتت ثرواتهم طائلة ما زالوا يسرقون وكل ما زادت أموالهم زادت أساليب احتيالهم لجمع المزيد، فهل الرزق السائب يعلّم الناس الحرام ومتى تشبع مجموعة الحيتان تلك، فالفقير يشبعه الرغيف اذا سرقه عن عازة وهؤلاء لا يشبعون!

قال جورج خباز، الممثل اللبناني الناقد في احدى المقابلات التلفزيونية، لا نستطيع أن نغيّر شيئاً، المسرح مجرد ضوء نسلّطه على المشاكل؛ وكذلك هي كتاباتنا، نكتب لأن هناك ألم يقطعنا من الداخل على بلد مزقوه بأنانيتهم...

وربما يجب أن نكّف عن الحلم أو حتى الأمل بالاصلاح فجمهورية أفلاطون الفاضلة مجرد فصل من تاريخ انساني ونحن للأسف نعيش في غابة ذئاب!