لم يكن تقرير الأمم المتحدة الصادر عن مفوضيتها لاسامية لشؤون اللاجئين بخصوص سوريا مجرد تقرير يرصد مستقبل البلاد في ظل ما آلت إليه الأمور من ترد في كافة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بل كان ناقوس خطر يقرع في ظل عدم وجود أي بصيص أمل يمكن ان يراه في نهاية النفق المظلم.
التقرير الأخير للأمم المتحدة عن أطفال سوريا اللاجئين في الأردن ولبنان بعنوان quot;أطفال سوريا: الخاسر الأكبر في الحرب السوريةquot; يوثق نزوح ما يقرب من نصف السكان، واضطرار 2.3 مليون إلى اللجوء في البلدان المجاورة، أكثر من نصفهم من الأطفال وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة .
واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث تحولت سوريا، حيث تقول الأمم المتحدة إن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال الذين يعانون الضغوط النفسية عليهم العيش إما وحدهم أو بعيداً عن أسرهم. بالإضافة إلى ذلك فهم لا يتلقّون التعليم ويُجبرون على العمل بشكل غير قانوني وتحت ظروف قاسية، وآخر التفاصيل الهامة التي لاحظها مسؤولو الأمم المتحدة هو أن بعض هؤلاء الأطفال في لبنان والأردن في كثير من الأحيان يمكن أن يقوموا بردود فعل عدوانية أو عاطفية، ويريدون العودة إلى بلدهم للقتال.
الجزء المتعلق بالتعليم، هو الأكثر أهمية في التقرير، فما يقرب من نصف الأطفال اللاجئين في الأردن لم يتلق أي نوع من التعليم حتى الآن، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم في لبنان إلى 200.000 بحلول نهاية العام.
من اهم ما رصده التقرير أيضاً قضية شهادة الميلاد، فرغم أن أفضل الاحتياطات ضد quot;انعدام الجنسيةquot; في حالات مثل الحرب هو شهادة الميلاد، إلا أنه خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2013 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2013 أعطيت 68 شهادة فقط للمولودين في الأردن وفقاً لتقرير الأمم المتحدة. وفي لبنان لا يختلف الوضع كثيراً عن الأردن؛ إذ أنه 77٪ من 781 حالة ولادة لم يتم اعطائهم شهادات الميلاد.
مشاكل مماثلة ذكرت في تقرير صادر عن بروكينغز بعنوان quot;تركيا واللاجئون السوريون: حدود الضيافةquot;. وأشار تقرير في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 عن اللاجئين السوريين في تركيا أن 10 في المئة فقط من الأطفال اللاجئين غير المقيمين في المخيمات يحصلون على التعليم في تركيا، وهناك كثير منهم يجبرون على العمل بأجر منخفض، وعدد كبير من الأطفال يتسولون في الشوارع.
كما ذكر التقرير quot;الأطفال عديمي الجنسيةquot; كنتيجة لزواج إمرأة سورية برجل تركي، لا توجد فرصة لأولئك ليصبحوا مواطنين أتراك أو سوريين بسبب الطبيعة غير الرسمية لهذه الزيجات، وفي كثير من الحالات لا تملك المرأة السورية جواز سفر أو وثيقة هوية.
حال الأطفال السوريين لا يختلف عن حال أطفال فلسطينيي سوريا، فبعد ان باعهم القاصي والداني، ومنع الحليب ومستلزمات الأطفال من الوصول إلى معظم المخيمات الفلسطينية ما لم نقل جميعها، تصطف القيادة العامة التابعة لاحمد جبريل بعد محاولاتها تلميع صورتها أمام الشارع الفلسطيني والشارع المناصر للنظام السوري في لبنان، من خلال محاولة التوصل إلى اتفاق تاريخي مع مقاتلي المعارضة للخروج من مخيم اليرموك، فيما تتزايد حالات الموت البطيء لأمهات محاصرات داخل المخيم، وتتفرج قوات جبريل المؤيدة والمؤازرة للنظام السوري وهي تحتل مخيمات الحسينية والسبينة وتمنع رجوع الناس إلى بيوتهم بذرائع وحجج وهمية، ما جعل أطفال فلسطين في سوريا مضيعين أيضا، شأنهم شان الأطفال السوريين، من دون أن تلقى نداءاتهم اي استجابة أو صدى لدى أي من القيادات الفلسطينية في دمشق، او رام الله.
... كاتب وباحث