منذ ولايته الاولى، يخوض رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي حربا طاحنة ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق المتواجدين في العراق، وهو صراع تطور مع مرور الايام و إکتسب في ولايته الثانية طابعا دمويا إتسم بالاستخدام المفرط للقوة و العنف و إرتکاب مجازر تميل اوساط لوصفها بجرائم ضد الانسانية، وقد توج المالکي حربه الطاحنة هذه بهجوم الاول من أيلول الماضي و الذي وعلى الرغم من إعتراف مسؤولين عراقيين بارزين بها إلا أن المالکي و حکومته و بعد أن (وقع الفأس بالرأس)، عادوا ليؤکدوا نفي أي دور للحکومة بها.

المبررات و المسوغات المختلفة التي يقودها المالکي لتبرير حربه الشعواء ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق في العراق، لايمکنها أبدا أن تغطي على علاقته القوية بالنظام الايراني و کونه قد جعل من مسألة القضاء على هؤلاء الاعضاء واحدا من ضمن الاهداف الرئيسية التي تطوع للقيام بها نيابة عنهم، ولعل إشادة قاسم سليماني بهجوم الاول من أيلول الماضي ضد معسکر أشرف و إعتباره أن هذا الهجوم قد أحرز إنجازا أکبر من ذلك الذي کان قد تحقق في (عمليات مرصاد)، أثناء الهجوم الواسع الذي شنته قوات جيش التحرير الوطني الايراني و تمکنت من تحرير مساحات شاسعة من الاراضي الايرانية بحيث وصلت الى مشارف مدينة کرمانشاه الاستراتيجية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: مالذي يدفع بشخصية مثل سليماني لوصف ذلك الهجوم بهذا الشکل الملفت للنظر؟
خلال خمسة هجمات دموية نفذتها القوات العراقية بأمر من رئيس الحکومة العراقية، قتل العشرات و جرح المئات منهم، تم في هجوم 8نيسان 2011، إختطاف 36 من سکان أشرف و إحتجازهم في سجن بالخالص، ولکن تم فيما بعد وتحت ضغط المطالبات الدولية و الضغوط الامريکية و الاوربية، الافراج عنهم، لکن الذي حدث أن هجوم الاول من أيلول الماضي الذي أسفر عن مقتل 52 من سکان أشرف، رافقه أيضا إختطاف 7 آخرين هم من القياديين البارزين في المنظمة، لکن الفرق بين هجوم 1/9/2013 و هجوم 8/4/2011، أن الذين تم إختطافهم لم يفرج عنهم لحد الان على الرغم من المطالبات و المناشدات الدولية الواسعة، وهو مايدل على أن لعبة القط و الفأر بين المالکي و منظمة مجاهدي خلق قد وصلت الى مفترق حساس و دقيق خصوصا بالنسبة للمالکي نفسه الذي يبدو أن تراجع دوره السياسي و تضعضع الثقتين الامريکية و الايرانية به قد جعلاه في زاوية حرجة جدا ولهذا يحاول جهد إمکانه الاستمرار في نفيه(غير المفهوم و المقبول)بصدد هجوم الاول من أيلول الماضي سلاحه الوحيد الذي يستخدمه ضد منظمة مجاهدي خلق التي تقوم من جانبها ومنذ شهر أيلول الماضي ولحد الان بحملة إعلامية سياسية منتظمة سببت و تسبب الکثير من الاحراج و الازعاج للمالکي خصوصا وان هذه الحملة تستند على لغة الارقام و المستندات و ليس إطلاق الکلام على عواهنه کحال نفيه للهجوم!
حسابات الربح و الخسارة في الحرب واسعة النطاق التي يشنها المالکي منذ أعوام ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق، تثبت بأن أکبر انجاز قد تمکن رئيس الوزراء العراقي في تحقيقه تجسد في إغلاق معسکر أشرف و تخليته من السکان، لکن هذا المکسب کلفه ثمنا سياسيا باهضا جدا يمکن أن يکون مادة دسمة لملاحقتهquot;جنائياquot;في المستقبل خصوصا عندما تضيق به الدوائر و تشتد عليه النوائب وهو في الظروف و الأوضاع الحالية للعراق أمر أکثر من وارد، لکن رغم ذلك فإن المسألة المهمة الاخرى التي يجب ملاحظتها و الوقوف عندها بدقة هي أن حرب المالکي هذه التي کانت اساسا تهدف الى القضاء على أعضاء منظمة مجاهدي خلق و التأکيد على أنها منظمة إرهابية إرتکبت جرائم بحق العراقيين، ظهر في المحصلة التي تحققت لحد الان أن المنظمة قد نجحت في کسر الطوق الذي کان مفروضا عليها بفعل صفقة أمريکية إيرانية عام 1995، و کللت مساعيها بالخروج من قائمة الارهاب بالاضافة الى انها قد إنتزعت من الامريکيين و من المنظمات الدولية إعترافا مهما و ثمينا بکون سکان أشرف و ليبرتي هم أفراد لاجئون سياسيون مشمولون بقرارات جنيف الخاصة و أخرى ذات صلة، لکن من المهم جدا أن نشير هنا الى ثمة نقطة أخرى ذات قيمة إعتبارية خاصة وهي تتعلق بأن المالکي و في غمرة هجوم 8/4/2011، والذي أسفر عن مقتل 36 و جرح أکثر من 300 من سکان أشرف، أصدرت أحد المحاکم الاسبانية أمرا قضائيا بمثولها أمامه للتحقيق بشأن تلك الجريمة.