سيصاب بالخيبة من يراهن على حرص الكتل النيابية وايمانها بحكومة عراقية جديرة اقتصاديا وسياسيا لمنع وصول المالكي لدورة ثالثة.
الرهان يعتمد على مسعى الكتل السياسية خلف مصالحها وفقدان المالكي مصداقيته امامها، بمعنى ان خصومه لن يثقوا بتحقيقه لمصالحهم الداخلية والاقليمية. من دون هذين العاملين يصعب الحديث عن طي صفحة ثمانية أعوام من فشل السلطة ورئيسها.
خسر رئيس مجلس الوزراء العراقي في السنوات الثمان الماضية ثقة حلفائه فضلا عن خصومه في أكثر من محطة، خصوصا بعد انتخابات مجلس النواب 2010 واتفاق أربيل مع مسعود البارزاني وأياد علاوي، حيث يتهم بعدم تنفيذه، وباستخدامه المحكمة الاتحادية وسيلة للبقاء في السلطة، وعدم التزامه بالكثير من الوعود التي قطعها، لدرجة ان أحد سياسيي المجلس الأعلى يتحدث عن ساعات قليلة تفصل بين وعوده ونكثه لها، مازحا بان المالكي يطبق باستمرار مثل quot;كلام الليل يمحوه النهارquot;.
ذات الامر يقال في موضوع الصحوات وشكل علاقة السلطة بها، حيث تتهم بخذلان هذه الجماعات المشكلة بالتنسيق بينها وبين القائد العسكري الأمريكي بترايوس. وأيضا موضوع الوزارات الأمنية الشاغرة منذ ثلاث سنوات...
وبعد انتخابات مجالس المحافظات، انتقلت حمى الكر والفر في الاتفاقات الى قيادات ائتلاف دولة القانون، وكأنها أصبحت منهجية سياسية اعتمد عليها حزب الدعوة والمحيطون به. الطريقة التي اديرت بها الحوارات مع المجلس الأعلى لتشكيل الإدارات المحلية لمجالس المحافظات ظلت أيضا عرضة للإرباك والمواقف غير الموثوقة، ففي الوقت الذي كانت المحادثات تدور مع قائمة عمار الحكيم، قام عدد من قيادات دولة القانون في النجف وبغداد والبصرة باتصالات غير معلنة مع أطراف أخرى، تسببت بانهيار المحادثات وانقلاب موقف الحكيم الى التيار الصدري.
ومن المهم الإشارة الى حدث مجالس المحافظات هذا كحدث مفصلي يكشف عن تراجع قدرة المالكي على خوض اتفاقات قابلة للنقض. خصوصا وان الكثير من التصريحات الكردية وحتى تلك المتصلة بالقوى السنية تؤكد على فقدانها الثقة به.
زعيم ائتلاف دولة القانون، بحسب مطلعين، تيقن بأن ممارسة الكر والفر في الاتفاقات لم تعد ممكنة، ويدور حوار جدي حول الموضوع داخل ائتلافه حول ذلك... الا ان الحصول على فرصة استعادة الثقة ضعيفة، لأن ذلك أولا بحاجة الى ضمانات حقيقية تتيح حصول الأطراف الأخرى على المكاسب المطلوبة، وهذه الضمانات ليست سهلة، فربما تعطى المكاسب بيد وتؤخذ بيد أخرى بعد ان تطمئن الأمور تبسط اليد مجددا، وثانيا احتمال ظهور منافسين اقوياء، من داخل حزب الدعوة او من خارجه، سوف يبارونه أيضا على إعطاء الوعود وابرام الاتفاقات وتقديم الضمانات.
الامر مرتبط بظهور هؤلاء المنافسين الجادين، وإمكانية حصولهم على ثقة فقدها المالكي، وتحقيق مصالح الكتل الكبيرة الأخرى... في هذه اللحظة يصعب تحديد ماهية مثل هؤلاء المنافسين، معرفة ذلك رهن بما ستؤوله إليه الاحجام النيابية المقبلة، وأيضا بطبيعة الاجندة الإيرانية والأمريكية في المرحلة المقبلة وهي ما تزال غير واضحة رغم ما يقال من دعم إيراني لولاية ثالثة وتحفظ امريكي تجاهها، إضافة الى مدى جدية تفكير المجلس الأعلى برئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة.
فالمجلس كان الخصم التقليدي لحزب الدعوة في التنافس على رئاسة الوزراء، باستثناء انتخابات 2010 إذ فقد الكثير من عناصر قوته، الا أنه اليوم يبدو في طريقه لاستعادتها والدخول مجددا بقوة في محافل التنافس. المعلومات تقول ان الزعيم الشاب لهذا الفصيل السياسي الشيعي الرئيسي غير مرتاح للحرس القديم، فالقيادات الكبيرة داخل المجلس تثير خشيته، وأي قوة إضافية لها قد تؤدي بالضرورة الى تقليص طموحاته السياسية وتحجيم دوره، فهناك احتمال بأنه لن يرشح بيان جبر او أي شخصية أخرى من الأقوياء للمنصب، بفعل هذه المخاوف.
وفرص التيار الصدري بحصول أحد أعضائه على رئاسة الوزراء محدودة، لأن ذلك يجب ان يمر بموافقة أمريكية... ولا يوجد مؤشرات على ان إمكانية حصول الموافقة، وأيضا هناك الإيرانيون الغاضبون من مقتدى الصدر.
المرجح ظهور أسماء أخرى خارج دوائر القوتين التقليديتين، المجلس والتيار إذا ما فشل المالكي عن استعادة الثقة والحصول على القاعدة الانتخابية والنيابية الكافية... قد تكون من داخل كتلة دولة القانون، كحل وسط، او من خارجه في حال لم يمتلك قوة تؤهله لفرض هذا الحل.