الإنسان هوغاية الحياة وجوهرها، لذا فأن الله سبحانه وتعالى سخر له كل ما في الطبيعة، وجعله من أحسن مخلوقاته، وطلب منه أن يعمر الأرض، وعليه فعلى الإنسان أن يؤدي الرسالة التي أنوجد من أجلها على أكمل الوجه، وذلك ببناء أسرة صالحة ذات أخلاق حسنة وتربية الأطفال التربية الجيدة، وتهيئتهم للقيام بمهمتهم في بناء الدولة التي ينفى منها كل وسائل العنف والحقد والكره، والعمل على نشر المحبة والسلام بين الناس، والإبتعاد عن كل مظاهر النميمة والكذب، وغرس سلوكيات الحسنة في النفس من الصدق والإخلاص والأمانة، والعمل بشكل مستمر على تحقيق المصلحة العامة والإبتعاد عن الإنانية وعدم تفضيل المصلحة الشخصية الضيقة على المصلحة العامة. كل هذه الأخلاقيات الحميدة وغيرها على الإنسان التقيد بها، وعليه فقد زود الله الإنسان بعقل ليميز مابين الخير والشر، لذا نقول بأن الإنسان فيه جانبين أحدهما خيّر يدفعه للقيام بالأعمال الخيّرة وقول كل ماهو حسن وصادق وهومتمثل بالعقل، وجانب الشر والذي يدفعه إلى القيام بالأعمال السيئة والغريزية وهومتمثل بالقلب، لذا على الفرد أن يحكم عقله وأن يتريث قبل قيام بأي فعل قد يندم عليه فيما بعد، لذك يكون هناك صراع داخل الإنسان بين هذين جانبين أي مابين الخير والشر، وعليه نرى بأن الإنسان الذي يسيطر جانب الخير عنده على جانب الشر يكون إنسان متسامح ذو أخلاق حميدة ومستعد لمساعدة الأخرين بغض النظر عن دينهم ومذاهبهم وقومياتهم، فهو يساعدهم لمجرد إنسانيتهم، بينما الإنسان الذي يسيطر جانب الشر لديه على جانب الخير فنراه حقود غير صادق ومن طبعه الخيانة والغدر والنميمة وظيفته، ويحث ويعمل على نشر الكره والحقد بين الأفراد ويعث فساداً في المجتمع.
وبإعتبار أن الإنسان بطبعه أناني، يحب التملك والسيطرة على الأخرين والتفرد بخيرات المجتمع، لذا نرى بأنه ومن خلال تاريخ البشرية وقعت العديد من الحروب والتي تسببت في قتل الملايين من البشر ومن مختلف فئات المجتمع ودمرت البنية التحتية للمجتمعات وشردت الملايين وأعاقت الملايين، وكل ذلك بسبب الجشع والحقد الذي يعمي عيون البعض من أبناء البشر، وفي فترة ما كان هناك صراع الأديان، فكل دين كان يريد أن ينتشر على حساب غيره، وبدافع ديني قُتل الملايين من البشر، ثم كان هناك صراع القوميات وتلاه صراع الإيديولوجيات، وبعدها إيقنت الكثير من الشعوب وقياداتها بأنه لافائدة من هذه الحروب فهي لاتجلب سوى الدمار والخراب والقتل على الإنسان، فأوجدوا الكثير من المنظمات الأقليمية والدولية التي أصبح مهمتها الحد من هذه الصراعات، واللجوء إليها في حال نشوب خلاف بين دولتين، فالمهمة الأساسية لها هي الحفاظ على حياة الإنسان والحد من أنتهاكات حقوقه وحرياته، ولكن ومع الأسف نجد في البعض من الأحيان بأن هذه المنظمات لاتستطيع التحرك وتصبح مكبلة الأيدي أمام أنتهاك الكثير من الحكومات والجماعات المتطرفة لحقوق الإنسان وحرياته، وتغض النظر عن بعض الحالات بسبب خضوعها لإرادة بعض الدول القوية أي أنها تكون مُنساقة وراء أجندات هذه الدول.
في السنوات الأخيرة وخصوصاً بعد أحداث 11سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية شاهد العالم ظهور الكثير من الجماعات الدينية والحركات المتطرفة والإرهابية والتي ترتكب الجرم بحق الأخرين بسبب خلافها معها في الفكر والثقافة، فكل من ليس على فكرها هو عدو لها وتحلل لنفسها قتله ونهب ماله وحلاله، ففي أفغانستان القتل بشكل يومي وحقوق الإنسان منتهكة والمرأة تعامل معاملة غير إنسانية ومثلها مثل قطعة أثاث يمتلكها الرجل ويرميها متى يشاء والقانون لايشمله، حيث القانون هو ذكري لامجال لأنثى فيه، والرجل هو السيد وعلى المرأة أن تكون تابعة له وأن لاتخرج عن شورته وله الحق التصرف بها، وكذلك في العراق وبعد سقوط الحكومة العراقية 2003على يد القوات الأمريكية، نجد بأن المجتمع العراقي قد أنقسم إلى طوائف ومذاهب والكل يكفر الأخر، ويدعي بأنه على الحق في قتل غيره وسفك دمه، وفي ذلك يكون مرجعيته رجل ديني يفتي بالقتل ونهب الأخر، فلا يمر يوم إلا ويصحى المواطن العراقي على وقع السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، فأصبح في العراق حرب أهلية يتم دعمها وتأججيها من قبل الكثير من الدول الأقليمية والعالمية، فكل طرف يدعم جهة معينة حتى يتقاتل أبناء الوطن الواحد فيما بينهم.
وبعد إنطلاقة مايسمى بالربيع العربي، والذي أزاح البعض من الحكومات في الدول العربية ولكنه جلب القتل لأبناء الشعب وتسبب في تدمير مؤسسات الدولة وكان سبباً في التدخل الخارجي في شؤون الدولة الداخلية، وأنتج الطائفية والمذهبية وبالتالي الحرب الأهلية وهذا مايجري في سوريا، فبسبب الوضع الأمني المتردي بدأت الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمرتزقة واللصوص وقاطعي الطرق يتوافدون إلى الأرض السورية من مختلف دول العالم بدوافع الجهادية، والجهاد برئ منهم، ويقومون بتدمير الدولة السورية ويقتلون المواطن السوري وينهبون ماله بأسم الدين واللهquot; ثقافة الله أكبرquot;، فهؤلاء يدعون بأنهم يحاربون النظام الديكتاتوري في الحين أنهم يقومون بأسوء ماقام ويقوم به النظام في سوريا من عمليات الخطف والنحر وسفك الدماء، فهذه تقتل من أجل القتل فقط، فلديها الرغبة في القتل وسفك الدماء، وطبعاً أنهم يتلقون الوعود من بعض الملالي أمثال العرعور والقرضاوي بأن مصيرهم هو الفوز بالحوريات وجنات الخلد، فبئس الجنة إذا كانت سوف تحوي هؤلاء القتلى والمجرمين، وبئس الدين الذي يعد هؤلاء بالجنة.
فهذه الجماعات تستخدم العنف في التعامل مع الأخرين فهي ترى كل من لايؤمن بأفكارها وثقافتها عدو وخصم لها وتقوم بمحاربته وتستخدم كل أنواع العنف والأعمال الغير إنسانية بحقه وهي تجد اللذة والسعادة في ألحاق الأذى بالاخرين، فهي تقوم بأعمالها هذه بأسم الله وكأن الله الذي تعبده هذه الجماعات يحثهم على القتل والنهب والسرقة وليس هذا فقط فهو يوعدهم بالجنة على أجرامهم، فأصبحت في سوريا الكثير من الجماعات الدينية المتطرفة تقوم بقتل السوري على الهوية وتبربر قتلها له كما تشاء، فنقول لهؤلاء أن دم السوري هو مقدس ولايحق لأي إنسان قتل السوري تحت أي مسميات أوحجج فمن يقوم بذلك فهو إرهابي مجرم يجب أن يحاسب وينال عقابه، ومن أي جهة كان، سواء كان من القوات الحكومية بحجة محاربة الجماعات المسلحة أومن قبل الجيش الحر بحجة محاربة النظام أومن جهة الجماعات الإسلامية بحجة الدين وإقامة الدولة الدينية، كل ذلك مرفوض بشكل قطعي، وليس هذا فقط فأن الجيش الحر والجماعات الإسلامية تتقاتل فيما بينها، وكل منها تقوم بخطف العناصر التابعة للأخر، فخلافاتهم وصراعاتهم ليست من أجل المواطن السوري وليس من أجل الدولة السورية وأنما من أجل السيطرة على المعابر ومن أجل سرقة ونهب ثروات ومال المواطن السوري، وعليه نرى بأن كل منها قد شكلت لها محاكم وهيئات تشريعية تقوم بمحاكمة المواطن السوري ومن يخالفها على هواها وتقوم بقتلهم بدون وجه حق، مبررين قتلهم هذا بحجج دينية والدين براء منهم.
فنقول: متى يدرك السوري بأن هؤلاء لايهدفون إلى إقامة الدولة المدنية؟ و متى يدرك السوري بأن أغلب هؤلاء هم غرباء عن الواقع السوري وينفذون الأجندات الخارجية ويهدفون إلى تدمير الدولة السورية؟ و متى يدرك السوري بأن الهدف هو أن يقتل السوري أخيه السوري وتحت ذرائع عدة؟ متى يدرك السوري بأن هؤلاء لم ينبثقوا من الواقع السوري؟ ومتى يدرك السوري بأنه عليه التحاور من أجل وقف سفك الدم السوري؟ مع الأسف أن مصير الشعب السوري أصبح مرتبط بالإرادة الخارجية، فهذه تتلاعب بالوضع السوري وتزرع البذور الطائفية بين أطياف المجتمع السوري وتحرضه على بعضه، ومايحز بالنفس أن الكثير من الشخصيات السورية والتيارات التي تحسب نفسها معارضة تنفذ تلك الأجندات وتروج للأهداف الخارجية والتي تهدف إلى تدمير الدولة السورية، فمتى يكف هؤلاء عن عدائهم للشعب السوري؟ ألم يكفيهم قتل أكثر من 100أ لف سوري؟ ألايكفيهم تدمير مؤسسات الدولة السورية وعلى رأسها العسكرية؟.